تستحق الكثير من التنظيمات السرية التي تعمل الآن داخل العراق وخارجه أن تنال أسمى أنواع الشكر بل والتكريم من الولايات المتحدة ومن جميع الدول التي تحارب الإسلام في هذه الأيام زاعمة أنه العدو الأول للعالم، لأن هذه التنظيمات قدمت لهم خلال الأسابيع الماضية هدية ثمينة “مجاناً” فشلت أجهزة دعايتهم الضخمة في الحصول عليها بالمليارات. لقد حاولت آلة الإعلام ومازالت أن تلصق صفة الإرهاب بالمسلمين، وأن تقنع العالم بأن هؤلاء المسلمين هم معسكر الشر في العالم، وفي الوقت الذي بدأت بعض الدول تغير مواقفها وتتعاطف مع شعب العراق المحتل الذي فقد الآلاف من أبنائه. قدمت هذه التنظيمات السرية التي تسمي نفسها “الإسلامية” هديتها الكبرى للمحتلين، وارتكبت العديد من الأعمال الإرهابية، لتعطي واشنطن وصقورها المعروفين باسم “المحافظين الجدد” كل المبررات لشن مزيد من الهجمات الدامية في العراق، وللتمهيد بخطى ثابتة لشن الحرب على السودان. وربما سوريا.
لقد كانت هذه الضربات الأخيرة التي وجهتها هذه التنظيمات موجعة لقلوب المسلمين الحقيقيين في العالم كله، لأنها كانت بمثابة إساءة حقيقية لديننا. وأعطت في الوقت نفسه مبرراً حقيقياً للقوات الأمريكية لارتكاب مزيد من المذابح هنا وهناك.
أقول وأكرر إن هذه التنظيمات الإرهابية السرية في العراق وجهت ضربات موجعة للإسلام والمسلمين عدة مرات في أقل من اسبوعين عندما ذبح أحد هذه التنظيمات 12 نيبالياً من العاملين في العراق بتهمة العمل لمصلحة قوات الاحتلال، وبحجة أنهم غير مسلمين. فأعطوا بذلك دليلاً على التعصب الأعمى، وبذلك أعطوا المبرر لقيام التظاهرات في نيبال للاعتداء على مساجد المسلمين وبيوتهم وحرق المصاحف وتدنيسها. ألم يكن هؤلاء يدركون أن لكل فعل رد فعل مساوياً له ومضاداً في الاتجاه؟ ألم يتوقعوا تلك المأساة التي تعرض لها المسلمون في نيبال وغيرها من دون فائدة حقيقية من ذبح هؤلاء الرهائن وهي عملية تخالف كل الشرائع والأديان؟
لقد قدمت هذه التنظيمات فرصاً أخرى للهجوم على الإسلام عندما اختطف أحدها صحافيين فرنسيين وظل يفاوض عليهما مرة باسم الإسلام ومرة أخرى من أجل خمسة ملايين دولار، ومرة ثالثة عندما قام أحد هذه التنظيمات باختطاف سيدتين إيطاليتين شابتين ولا نعرف كم سيطالب من أجل الإفراج عنهما، وكأن هذه التنظيمات التي تلصق الصفة الإسلامية بها زوراً وبهتانا تؤكد أنها تنظيمات تمارس قوتها على الضعفاء وتمارس ابتزازها للأغنياء. اضف الى ذلك جريمة مدرسة أوسيتيا الروسية والتي ألصقت أيضاً بالإسلاميين شامل باسييف وأصلان مسخادوف، وراح ضحيتها المئات وخاصة من الأطفال الصغار الذين لم يكن لهم ناقة ولا جمل في تلك المأساة الدموية.
لقد استطاع الإرهابيون الذين يعملون باسم الإسلام أن يعطوا مبررات لتلك الهجمة الشرسة التي تشنها القوات الأمريكية الآن على “الفلوجة” أحد أهم معاقل المقاومة العراقية والتي أسفرت عن استشهاد 58 عراقياً في غضون ساعات، وهي هجمات وصفتها الحكومة التركية بأنها اعتمدت أسلوب “الإفراط في استخدام القوة”. ولكن من يسمع ومن يرى عورات القوات الأمريكية بعد اليوم؟ أليس هناك مبرر لهذه القوات لأنها تواجه “وحوشاً” متطرفين يأسرون النساء، والمدنيين ويقتلون الرهائن الفقيرة ويساومون على الرهائن الغنية؟
لقد استطاعوا أيضاً أن يجعلوا العالم يغض الطرف عن المذابح التي تقوم بها القوات “الإسرائيلية” في قطاع غزة حالياً، والتي أسفرت إحداها عن استشهاد 14 شابا فلسطينيا في أحد ملاعب الكرة أثناء حضورهم لمؤتمر كشفي. ولا أحد يعرف متى سيتوقف حمام الدماء في غزة.
ولماذا لا؟ أو ليست “إسرائيل” هي التي ركبت الموجة، وعرضت على الحكومة الروسية والرئيس بوتين مساعدته في عملية القضاء على الإرهاب الإسلامي؟ فلماذا لا يبارك العالم كله حمامات الدم التي تفجرها في مدن قطاع غزة المختلفة؟
الأهم والأخطر من ذلك أن الاستمرار في مثل هذه الأعمال التي تسيء إلى الإسلام من تنظيمات تحاول إلصاق صفة الإسلام بها، قد يمهد لمزيد من الأعمال الإرهابية ضد العالم الإسلامي من أمريكا و”إسرائيل”. وليتنا ندرك هذه الحقيقة قبل فوات الأوان فقد نبه 60 ألف متظاهر إسلامي داخل “إسرائيل” اجتمعوا منذ أيام للعام السابع على التوالي إلى أن التهديد “الإسرائيلي” بهدم المسجد الأقصى دخل مرحلة لا يجب السكوت عليها، خاصة أن كثيراً من الجماعات المتطرفة تعتبر أن عام 2005 هو المهلة الأخيرة التي أمهلها لهم الرب لهدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
إن استمرار تلك الأعمال التي تسيء إلى الإسلام من تنظيمات عربية أو إسلامية سوف يجعل العالم مهيئاً لهذه الجريمة وللسكوت عليها.. ووقتها لا نعرف كيف سنواجه الموقف عندما تقوم جماعة “إسرائيلية” بهدم الأقصى، وتقف أمريكا لتستخدم حق الفيتو ضد إدانة هذه الجريمة وضد أي قرار يقف دون بناء “الهيكل” المزعوم على أنقاض أقصانا.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء بنا.
التعليقات