القاهرة ـ سحر طه: المايسترو المصري أحمد الصعيدي، قدم فقرة من مقطوعات كلاسيكية ضمن أمسيات "مهرجان القاهرة الدولي العاشر للأغنية" في قاعة مركز المؤتمرات. أسس منذ عام تقريباً أوركستراه الخاص لموسيقى الحجرة بعد سنوات طويلة من قيادته لأوركسترات عالمية بين النمسا وألمانيا ودول أوروبية عديدة، ثم قيادته الحكيمة لأوركسترا "القاهرة السيمفوني" التابع لدار الأوبرا المصرية، حتى العام 2000. حاز أخيراً جائزة "الصليب النمسوي للعلوم والفنون"، والتي تعدّ تقديراً لإمكاناته كقائد رئيسي لأوركسترا القاهرة السيمفوني والتي قادها لتصبح في مصاف أوركسترات عالمية عريقة وأداءات في أرقى مسارح العالم. مؤسس أول مهرجان عربي للموسيقى السيمفونية في مصر.
في هذا الحوار معه في القاهرة، نقف على قصة إقالة المايسترو أحمد الصعيدي من قيادة أوركسترا القاهرة السيمفوني، ومستقبل أوركسترا الحجرة التي أسسها ويقودها، وآرائه في مؤسسات الدولة وآفاق الإصلاح ووجهات نظره حول الموسيقى العربية ومستقبلها في عالمنا العربي.
نبدأ من حيث توقفت عن قيادة "أوركسترا القاهرة السمفونية" التي أدرتها سنوات طويلة. ماهي المشاكل التي كانت قائمة في دار الأوبرا والتي أدت إلى مغادرتك لها؟
ـ دار الأوبرا المصرية كما تعلمين لها تاريخ، فحين تأسست عام 1869، لم يكن هناك دور أوبرا حتى في بعض البلاد الأوروبية، وبعد سنوات بدأت تنافس، أو على الأقل تحاول أن تكون على مستوى دور أوبرا عالمية، مثل لاسكالا في ميلانو على سبيل المثال، في تقديم العروض نفسها والنجوم المعروفين في عالم الأوبرا.
ولكن للأسف منذ يداية العام 2000 بدأت دار الأوبرا المصرية بالتراجع، بحيث أصبحت بعيدة عما يسمى بالأوبرا. لا أدري إن كان نتيجة التراجع الثقافي العام في مصر وفي العالم العربي كله، أو بسبب انحطاط الذوق عند الجمهور بسبب التغيرات الاجتماعية في مصر، وهل سببه هو تغير نظام الحكم بعد ثورة 23 يوليو، كل هذه الأمور تحتاج بالفعل إلى دراسة للوقوف على أسباب الانحطاط. أعتقد هي عوامل عديدة.
إذن المشكلة لا تكمن بشخص أو فرد بعينه؟
ـ تعيين شخص عديم الدراية أو الخبرة الإدارية على رأس مؤسسة كبيرة مثل دار الأوبرا، أعتقد أنها ليست مشكلة شخص بقدر ما هي مشكلة مجتمع. فلماذا وصلنا إلى هذه النقطة؟
وأقصد الرئيس السابق لدار الأوبرا الدكتور سمير فرج، العسكري، الذي أقالني من قيادة أوركسترا دار الأوبرا السيمفونية.
منذ أكثر من شهر تم تعيين رئيس جديد لدار الأوبرا، وهو عبد المنعم كامل، الذي كان يدير فرقة الباليه فيها. ماالذي سيتغير، وهل بالإمكان عودتك إلى فرقتها السيمفونية مرة أخرى؟
هناك كلام ولقاءات عن ذلك. لكن لا أستطيع العودة بأقل مما كنت. ولا بد من الحصول على ضمانات تؤمن لي استمرار رسالتي داخل الأوبرا. هناك مشكلة كبيرة، فأنا مذ تركت الأوركسترا قبل عام انحط مستواها إلى أدنى المستويات باعتراف القائمين على الدار والجمهور أيضاً.
من الذي كان يقود الأوركسترا بعد مغادرتك؟
ـ استقدموا بعض الأجانب، فمثلاً في العام الماضي تعاقدوا مع قائد مكسيكي، كقائد أساسي للأوركسترا ولمدة سنة. وفتتوا الإدارة فعينوا مديراً للأوركسترا مصرياً وقائداً أجنبياً وكانت النتيجة سيئة جداً ويعرفها جيداً وزير الثقافة. وقبل أن تنتهي رئاسة سمير فرج للأوبرا تعاقد مع سويسري لكي يقود الأوركسترا، وللأسف كل ما في الأمر مغامرات غير محمودة العواقب، والهدف منها ليس تحسين حال الأوركسترا السيمفونية بل شخصي بحت وهو التخلص من أحمد الصعيدي. وبما أنه ليس من قائد عربي على مستوى الصعيدي، فنستعين بالأجنبي حتى لو كان بأضعاف الراتب.
التصفيات الشخصية مشكلتنا كعرب، ونحن لا نتعامل مع بعضنا بشكل يخدم المصالح العامة، بل إن الأحقاد والمزاج الشخصي والعواطف السلبية والإيجابية تتحكم بنا وبقراراتنا، فيختل التوازن ويحتل المناصب أشخاص غير كفوئين، بل إننا نحارب أصحاب الكفاءات والنتيجة تدمير المؤسسة في سبيل التخلص ممن لا نرغب به.
فيما مسألة الخلافات الشخصية موجودة في الغرب، والعاملون في مجال واحد ليس من البديهي حبهم لبعضهم البعض، لكنهم يحترمون الكفاءة ويقدرون أصحابها.
للأسف أقولها بمرارة، لكن بفخر، بأنني قدمت أو أنجزت شيئاً هاماً لبلدي مصر. فأنا استلمت أوركسترا القاهرة السيمفوني عام 1991 وكانت مهلهلة ومستواها سيئاً جداً، أوصلتها أخيراً منذ عام 1996 إلى قيامها بجولات عالمية. أحيت حفلات في برلين في "الهارمونيك"، في فيينا في مبنى الإذاعة، في باريس، وفي ألمانيا وكرواتيا وزغرب وكانوا في غمرة هذا التصاعد والنجاحات للأوركسترا لم ينتبهوا إلا بشكل فجائي إلى هذا المايسترو الذي يتجه نحو وجهة صحيحة، فتساءلوا: إزاي ده يحصل؟؟؟
إذن تأسيسك لأوركسترا خاصة بك، كانت ردة فعل تجاه إقالتك؟
ـ طبيعي الفكرة ليست جديدة. فطوال عمري أحلم بتجسيدها فعلياً، من منطلق تفعيل دور المجتمع المدني في دعم الفنون الرفيعة. كل أوركسترا سيمفوني في العالم، بمثابة مؤسسة خاصة، لا تتبع الدولة قطعياً. تموّل من داعمين خاصين، مثل الجمهور والمعلنين وغيرهم من مؤسسات المجتمع المدني الغربي، الذين يعتبرون أن الثقافة أمر هام لا يمكن الاستغناء عنه بل ودعمه وبالتالي نجد في كل مدينة صغيرة أو قرية في دول الغرب المتحضرة نجد فيها أوركسترا أو مسرحاً أو مؤسسة ثقافية متعددة.
نعلم أن غالبية المؤسسات الربحية في عالمنا العربي لا تدعم النشاطات أو المشاريع الثقافية وبالتالي ألا تجد من الضروري التوجه إلى الدولة لدعمها إلى جانب المؤسسات الخاصة؟
ـ للأسف الدولة لما تزل غائبة عن هذا المفهوم. فمثلاً أنا عشت في النمسا فترة طويلة. أوركسترا فيينا السيمفوني هي عبارة عن جمعية أهلية. الدولة تدعمها بالملايين من دون أن تفرض سلطة عليها نتيجة هذا الدعم. هنا للأسف الدولة لا تدعم، بل تمتلك وحين تمتلك تتسلط وتسيء أو تفرض قرارات معينة، وتتحول إلى تسلط الأفراد القائمين على شؤونها وفي المناصب. لكن في الحقيقة إن الدولة ليست هي التي تمتلك دار الأوبرا بل هم الشعب المصري الذي يمولها من دفع الضرائب.
الأوركسترا التي أسستها تموّل من المؤسسات الاقتصادية المستنيرة وهي في طور الميلاد وتكوين ميزانية خاصة بها، وعمرها لم يتجاوز السنة، ويمكن أن نُدخل الدولة في تمويلها مستقبلاً بعد أن تكون قد ثبتت أقدامها، شرط أن تبقى إدارتها مستقلة عن الدولة.
ماذا عن الأوركسترا الوليدة؟
ـ عمرها سنة كما قلت وفيها 25 عازفاً لذا تسمى "أوركسترا للحجرة" فيها أعضاء مصريون وآخرون أجانب. لدينا لجنة استماع لتعيين هؤلاء الأعضاء . والأجانب هم من الذين تركوا أوركسترا القاهرة السيمفوني بعد أن ساءت إدارتها.
هل من الممكن الاستغناء مستقبلاً عن العازفين الأجانب؟
ـ لا أعتقد رغم أن عازفينا جديين لكن لدينا مشكلة في العالم العربي وهي إنهم مؤهلون للعزف السيمفوني لكن لا يستطيعون الاستمرار فيها فقط. إذ لا تؤمن معيشتهم فيلجأون إلى منافذ أخرى أكثر ربحاً وأقل جهداً. مثل التسجيل في الاستديو، فمثلاً ليعزف ثلاث أو أربع أغنيات لأحد الفنانين يقبض ثمنها أضعاف راتبه الشهري في الأوركسترا السيمفوني فما الذي يجعله متمسكاً بالأخيرة. وهذا يسيء ويؤثر على عزفه، وسوف يهمل تمارينه الدائمة مع الأوركسترا. أيضاً طريقة أو أسلوب التعامل مع هذا العازف فمثلاً في دار الأوبرا راتب العازف المصري أقل من راتب الأجنبي قدر النصف، وغير مؤمن صحياً أو اجتماعياً وفي هذا عدم احترام للعازف.
وكانت من المشاكل التي تسببت في إقالتي إنني في أحد الأيام قلت لسمير فرج حين كان رئيساً لدار الأوبرا بأن الضابط في الجيش يتلقى مكافأة قدرها ربع مليون جنيه بعد انتهاء خدمته بينما العازف في الأوركسترا تلقيه في الشارع.
إذن علينا أن نؤدي واجبنا تجاه العازفين لكي يؤدوا واجبهم تجاه عملهم. وهنا الدولة لدينا تقع في تناقض مع نفسها فهي تصرف على العازف أثناء دراسته في الكونسرفتوار مئات الآلاف ثم يتخرج ويتجه للعمل فلا يجد مكاناً مناسباً له فيتجه نحو السوق الاستهلاكي في الموسيقى.
ذكرت سالفاً أن لا قائدي أوركسترا في عالمنا العربي؟ إذن ماذا تسمي العديد من الذين يقودون أوركسترات غربية أو فرق موسيقية؟
ـ لا أقول ليس لدينا قائدي أوركسترا، بل هي مهنة نادرة إلى حدّ كبير. هناك المايسترو وليد غلمية في لبنان وصلحي الوادي في سوريا ونتمنى له الشفاء وهناك آخرين ممن درسوا اختصاص قيادة الأوركسترا السيمفونية وفرق موسيقى الحجرة، لكن ليس هناك سوق أو فرق أوركسترات في عالمنا العربي لممارسة القيادة إلا فيما ندر. ومن يقود الفرق الموسيقية في المهرجانات والغناء العربي وحفلات التلفزيون وغيرها لا نستطيع إطلاق لقب مايسترو أو قائد أوركسترا عليه، فليس لديهم القدرة على قيادة عمل سيمفوني سواء لأوركسترا سيمفونية أو فرق موسيقى الحجرة وينفذوا أعمالاً عالمية أخرى. بل هم منفذون لأعمال غنائية أو حتى موسيقية عربية.
مثلاً في دولة مثل ألمانيا فيها أكثر من مائة أوركسترا رغم أن تعدادها لا يزيد كثيراً عن مصر لكن ذلك ناتج عن الاختلاف في الثقافة والفكر الغربي الموسيقي.
إلى جانب أوركسترا القاهرة السيمفوني، قدت الكثير من الأوركسترات العالمية؟
ـ قدت أكثر من خمسين أوركسترا سيمفوني في العالم.
ما هي الفوارق بين هذه الأوركسترات السمفونية؟
ـ بلا فخر أوركسترا القاهرة السيمفوني كانت وصلت منذ عامين إلى مستوى عالمي، في وقت كانت بعض الدول الأوروبية لا تمتلك مثل هذه الأوركسترا السمفونية. طبعاً لا أقارنها بأوركسترا فيينا أو ألمانيا لكن دولة مثل اليونان مثلاً أو البرتغال لم تكن لديها أوركسترا بهذا المستوى.
والدول العربية؟
ـ الأوركسترا السمفونية اللبنانية ذات مستوى جيد، رغم أنها كانت حين قدتها ما تزال في سنتها الثانية ربما أو الثالثة، لكن استطعت أن أقدم وإياها عملاً جيداً. في سوريا لديها أوركسترا لكن لا نستطيع أن نطلق عليها أوركسترا محترفة إذ أنها تابعة للمعهد الموسيقي العالي وعبارة عن توليفة من الأساتذة والطلبة. احتراف الأوركسترا السيفونية يتطلب أن تكون ذات كيان مستقل، وتقيم حفلات دورية وغير ذلك.
وكنت سمعت عن الأوركسترا السيمفونية العراقية التي هي أقدم الأوركسترات في الوطن العربي ورغبت في قيادتها في فترة من الفترات، لكن المسؤول عن الموسيقى في وزارة الثقافة في الثمانيات هو الراحل منير بشير دعاني لحضورها كمستمع في مهرجان بابل فلم أذهب لأني كنت أرغب في قيادتها، ولم تصلني دعوة رسمية بهذا الشأن.
هل تختلف قيادة أوركسترا غربية عن قيادة أوركسترا عربية لنفس العمل مثلاً؟
ـ هو ليس اختلافاً أو فرقاً. مثلاً الفرقة السيمفونية اللبنانية أو المصرية بعض أو معظم أعضائها أجانب جاءوا من أوركسترات مختلفة من بولندا أو رومانيا أو غيرها تم التعاقد معهم، إضافة إلى عازفين عرب كلبنانيين مثلاً أو مصريين وهؤلاء تعاليمهم غربية أو في دول أوروبية، لذا ليس هناك فروق أساسية ظاهرة.
وماذا عن أحاسيس المايسترو العربي إبان قيادة العمل الغربي، هل تختلف عن تلك التي يمتلكها الغربي؟ هل يتبع المشاعر أم التقنيات فحسب؟
ـ الموسيقى العالمية هي ليست أحاسيس فقط، ولا تقنيات فقط . هي من الاثنتين وفيها رسالة موسيقية روحية إنسانية، أعلى من مجرد الأحاسيس. ووظيفة قائد الأوركسترا ليس إخراج أحاسيسي الشخصية بل إظهار مضمون الرسالة الروحية المتواجدة في العمل الموسيقي، ومن أجل ذلك يجب أن تتوافر لديّ الاعتبارات التقنية بشكل جيد. وأقول إن كل قائد أوركسترا لديه تصور عن العمل الموسيقي.
هل تدرسه مسبقاً؟
ـ بالتأكيد أدرسها بشكل كامل. فأنا قدمت أو قدت أعمالاً لم أسمعها أو أعرفها في حياتي من قبل. وبالتالي هي جديدة عليّ وربما تعزف للمرة الأولى وأنا لا أهتم بسماع الاسطوانات أو التسجيلات المتوافرة مثلاً لبعض الأعمال بل أهتم بدراسة المدونات أو النوتات وأكوّن رؤية عنه وتصوراً عما يجب أن يكون عليه هذا العمل من الناحية السمعية، وعملي مع الأوركسترا هو توصيل هذه الروح، وأثناء التمارين أصحح العزف طبقاً للرؤية الموسيقية التي كوّنتها عن العمل.
هل تقوم بدراسة شخصية المؤلف الموسيقي، حياته أو ظروف كتابته للعمل مثلاً؟
ـ أكيد من الضروري معرفة حياة المؤلف الموسيقي والحقبة التي كتب فيها العمل من النواحي الثقافية والفنية وأحداث تاريخية رافقت العمل، مثلاً للمؤلف نفسه كديبوسي الذي رافقته حركة التصوير الانطباعية في فرنسا في ذلك الوقت. والحركات الأخرى مثل الرومانتيكية في الموسيقى، وفي الشعر والأدب. أيضاً شخصية المؤلف وما مرّ به في حياته وتجاربه سواء على الصعيد الشخصي الثقافي والروحي وفلسفته لنقل روحه بأمانة.
من المؤلف أو ربما مجموعة مؤلفين تميل إلى مدرستهم أكثر من غيرهم؟
ـ كل عمل أقدمه يجب أن أكون مقتنعاً به. ولكن أجد نفسي مع المدرسة النمسوية الألمانية.
هل لأن دراستك في النمسا؟
ـ بالعكس. فأنا ذهبت ودرست في فيينا لأنني أميل إلى هذه المدرسة.
السبب؟
ـ لأنها في اعتقادي هي أكثر مدرسة تحقق التوازن بين العقل والإحساس. "الفورم" أو الشكل الموسيقي قوي جداً لدى المؤلفين الألمان وفي الوقت نفسه أحاسيس قوية وهي نفسها يضعونها في إطار أو شكل جيد. المدرسة الروسية الأحاسيس فيها طاغية على الشكل أحياناً كما نجد في موسيقى تشايكوفسكي، حيث نجدها قوية جداً من ناحية الإحساس الشخصي أو الذاتي لكن ربما نجد فيها أحياناً ضعف في الشكل الموسيقي. المدرسة الفرنسية تميل أحياناً إلى الألوان الموسيقية الأكزوتيكية في التصوير. والإيطالية معروفة بالأوبرا، لكن في كل الأحوال المدرسة السمفونية بحق هي المدرسة الألمانية النمسوية.
هل تميل إلى المؤلفات القديمة أم الحديثة؟
ـ أميل إلى القديم من المؤلفات، لكن أقدم الحديث الذي يحمل رسالة موسيقية. فللأسف الموسيقى في القرن العشرين تحولت نحو التأليف الموسيقي العقلاني البحت، ومن هنا قد تكون بعض الموسيقى جيدة على الورق لا على السمع، وبالتالي يهمني الموسيقى التي يسمعها الإنسان ويستطيع وعيه الإنساني والروحاني وعي الرسالة التي تتضمنها لا البراعة في التقنيات وهي التي لا تهمني، فالتقنية وسيلة لا غاية.
تكتب مؤلفات موسيقية؟
ـ بدأت كمؤلف موسيقي لكن انشغالي بالقيادة الأوركسترالية وخاصة عند تأسيس القاهرة السيمفوني، فلم أجد الوقت الكافي للتفرغ إلى كتابة مؤلفات جديدة إلا بشكل محدود جداً.
هل نفذت بعض أعمالك مع القاهرة السيمفوني أو غيرها؟
ـ قدمت العديد منها مع القاهرة السمفوني وأوركسترات عالمية مع قواد أوركسترا أجانب وكانت مؤلفاتي رغم أنها تحمل مفردات عربية إلا أنه يتم تقبلها في العالم الغربي أكثر منها في العربي ربما لأنها تقدم الموروث التقليدي العالمي.
في أي قوالب؟
ـ في قوالب عديدة منها: السمفوني وللحجرة وأخرى للمجموعات الصغيرة ولأفلام تسجيلية وفيلم روائي واحد.
كيف ترى أفق الموسيقى العربية؟
ـ مظلم. ولا أجد أي بادرة إصلاح رغم ما يقال من ضغوط عالمية للإصلاح السياسي والاجتماعي وغيرها لكنني غير متفائل. فمؤسساتنا الموسيقية والثقافية منهارة بكل معنى الكلمة وأتحدث عن مصر بالذات. قد تكون المؤسسات في البلاد العربية الأخرى أكثر جدية وفيها تعليم جيد وجدي. في كل العالم المؤسسات تستمر على مستوى معين أو تتطور، سوى في عالمنا العربي فهي تبدأ جيدة ثم تبدأ في الانهيار بعد سنوات.
مثلاً القنوات الفضائية العربية، أترك الخاصة جانباً، لكن قنوات الدولة التي تموّل بأموال الشعب لماذا تحول كله إلى الإسفاف؟ وأصبح أداة ترويج لفلانة وفلان من المطربين. لا درجات أو تنويع في تقديم البرامج.
والحلول في رأيك؟
ـ تجربتي مع القاهرة السيمفوني تجعلني متشائماً. والحل يشمل المجتمع ككل بحيث تكون لديه نية صادقة وقدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها. وأنا أرى مشكلة في الدولة فاختيار أو تعيين أشخاص في إدارة مؤسسات الدولة تعتمد على قرارات من هواة عديمي الخبرة، وأذكر حين دخلت وتم تعييني لإدارة القاهرة السمفوني كان عبر نمساوي اسمه توماس كريستيان وبالصدفة ولولاه لما استلمت قيادة الأوركسترا. ولما كنت خرجت من القيادة لو لم تتم المؤامرة من قبل كبار الموسيقيين في الأوبرا. من هنا لا أجد أي أفق مشرق في تطور حياتنا الموسيقية.