لا يمكن النظر إلى القرار الأمريكي (الفرنسي) الذي أجازه مجلس الأمن والتمديد لرئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود من زاوية واحدة، ولا يجوز الربط بين الاثنين، سواء كان المرء معارضا أو مؤيدا للتعديل الدستوري اللبناني، الذي اتخذ ذريعة لشن حملة على سوريا ولبنان تستفيد منها “اسرائيل” تحت مسمى “تحرير لبنان”.
قرار مجلس الأمن خرج عن إطار “التمديد” لرئيس الجمهورية، الذي شكل واجهة انطلاقه، ليطال نزع سلاح “المليشيات” اللبنانية والأجنبية، في إشارة واضحة خصوصا إلى “حزب الله”، الذي يشكل قوة الردع الأولى في مواجهة الاعتداءات والانتهاكات “الإسرائيلية” المتواصلة على الأراضي اللبنانية. كما أن هذه الفقرة تمثل خروجا كبيرا عن الإجماع اللبناني الذي اصطف خلف المقاومة في حربها التي أدت إلى دحر الاحتلال “الإسرائيلي” من جنوب لبنان.
ومن المؤكد أن الإجماع الملتف حول المقاومة، يفوق الجبهة المشكلة حاليا لمعارضة التمديد لرئيس الجمهورية، رغم أحقية هذا المعارضة، وبالتالي يمكن إجمال غالبية أعضاء جبهة معارضة التمديد في خندق المدافعين عن المقاومة وسوريا، من دون أن يعني ذلك تراجعهم عن الموقف من الاستحقاق الرئاسي، الذي يعتبر شأنا لبنانيا بحتا لا شأن لأمريكا وفرنسا وغيرهما فيه.
كذلك يمكن بالعودة إلى مواقف غالبية معارضي التمديد من المشروع الأمريكي في المنطقة، الذي بدأ في العراق وتضمن تحريضا ضد سوريا وإيران، رؤية الجبهة الأشمل التي وقفت ضد الهيمنة الأمريكية على المنطقة سياسيا وعسكريا، والالتفاف الذي تشكل أيضا ضد اي ضغوط على سوريا من منطلق حمايتها للمقاومة في فلسطين ولبنان أو بذريعة تهريب بعض اسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة إلى سوريا.
واللبنانيون يدركون أن القرار لم يأت “لنصرتهم” بقدر ما هو فرصة للضغط على دمشق واستكمال حلقة حصارها وإضفاء شرعية دولية عليه، بعدما بدأ أمريكيا بقانون محاسبة سوريا، لينتهي ربما بتوسع أمريكي جديد، لا سيما إذا بقيت الإدارة الجمهورية الحالية لأربع سنوات مقبلة.
من هذا المنطلق من المؤكد أن الكثير من معارضي التعديل الدستوري سيصطفون وراء سوريا، في مواجهة القرار الدولي (الامريكي)، حتى وإن كان التمديد ذريعته. وقد بدأ هذا الالتفاف يتجلى في مواقف صدرت في بيروت عن مسؤولين وكتاب معروفين بموقفهم من الاستحقاق الرئاسي، لكنه لم يمنعهم من الوقوف مع دمشق في الحملة المشبوهة التي تتعرض لها حاليا.
التعليقات