آثرت يوم حصول المهزلة السياسية الدستورية، او ما يحلو للعسكريتاريا العربية ان تطلق عليها تسمية عرس الديموقراطية ، ان اكون بعيدا عن لبنان. واخترت عالما، على ما يحويه من فنتازيا الاساطير المثيرة للخيال، فيه من الحقيقة اكثر بملايين المرات من عالم بعض السياسيين اللبنانيين. اخترت عالم ديزني لاند بالقرب من باريس امضي فيه يوم الجمعة بطوله حتى المساء موعد التصويت على الخرق والتمديد للعهد الميمون. فضلت عوالم الرسوم المتحركة لاقتناعي بأنها اكثر صدقا من نواب كرام اتحفوا الشعب اللبناني باعلانهم مرارا وتكرارا حرصهم على الدستور اللبناني، ورفضهم المس به تحت اي ذريعة كانت. المهم اني ازددت اقتناعا بان الرجال نادرون في لبنان السياسي، وان الغالبية لا تستحق ان يذكرها المرء بأسمائهاّ!
وبالعودة من عالم الفانتازيا والخيال في اوروديزني و لا يسعنا اليوم الا ان نهنىء اللقاء الديموقراطي برئاسة الاستاذ وليد جنبلاط، ووزرائه المستقيلين مروان حماده وغازي العريضي وعبدالله فرحات الذين اخذوا على عاتقهم جنبا الى جنب مع زميلهم الاستاذ فارس بويز امر الاثبات ان المواقف المبدئية لا تتوقف عند التصويت الشجاع في مجلس النواب، انما تتعداها الى الاعلان عن موقف صارخ ورافض في وجه العسكريتاريا الزاحفة على لبنان تحت عناوين ملفقة من نوع انّ ما حصل كان ردا على الهجمة الاميركية الصهيونية. وهل كانت مواجهة الامبريالية الاميركية الصهيونية تتطلب، كما يقولون، قهر الناس، وابتلاعا لبلد دستوريا وسياسيا، وحتى ثقافيا؟ نعم ثقافيا، وقد شاهدنا الجحافل التي سيقت بأوامر مهمة الى بعبدا للتهنئة، وقد ذكرتنا هذه الصورة بسلوكيات الديموقراطيات الشعبية العربية وثقافاتها التي لم تورثنا سوى الكآبة، والمصير الاسود، وحوّلت اهلنا في الوطن العربي اما مشاريع مهاجرين، او مشاريع بن لادنية.
بالطبع ننضم الى الذين احجموا عن تهنئة رئيس مدد ولايته بالقوة الصافية التي خرقت الدستور، وخرقت ارادة الناس، وزوّرت رغبات النواب، حتى الضعفاء في نفوسهم الذين لم يسلموا من التهديد والوعيد، ان هم لم يسهموا في جعل نظام لبنان يشبه الانظمة العربية الخارجة على منطق التاريخ والتقدم ننضم الى الذين احجموا ولا نهنىء العهد الميمون على الخطيئة التي ارتكبها هو قبل غيره منطلقا من شهوة سلطوية لم يشهد لبنان لها مثيلا. واذا كان الرئيس لحود يدعو اليوم الى طي صفحة الماضي، فلأنه مشبع باحاسيس الانتصار الواهي، لانه انتصار على شعبه ليس الا. ومن قال ان العمل اللادستوري هو من الماضي الذي يمكن طي صفحته؟ وهو اذ يتحدث عن تغيير الذهنية، يتناسى ان الذهنية التي تحتاج الى تغيير حقيقي هي تلك التي اتسم بها مساره جاعلا من عهده أسوأ العهود التي مرت على لبنان، ومن نهايته عهد صدوع كبيرة، ومن منطلق ولايته الممددة عهد فتنة. وليس ادل على ذلك من حجم الرفض الشعبي الذي لم تستطع ان تحجبه غابات الصور، ولا المسيرات المخابراتية التي شهدها قصر بعبدا بالامس. من هنا نحن نعجب لدعوته الى عمل انقاذي جماعي، في الوقت الذي لا نرى سبيلا لانقاذ البلاد من المأساة التي حلت به سوى تصحيح المسار الانحداري اللادستوري، والعودة الى مسار سياسي طبيعي في البلاد يراعي خصوصيتها، وحرية قرارها الداخلي، لا اكثر ولا اقل.
وفي الخلاصة، نسمع ان ثمة من يحاضر قائلا: ما فينا نبني وطن، ونسأل شو بيعطينا ، ونقول انها حقا من سخريات القدر، والدنيا بالمقلوب، وخصوصا عندما يكون المحاضر اميل لحود شخصيا!
التعليقات