لندن - كميل الطويل: منذ سقوط نظام صدام حسين لمع نجم الأردني "أبو مصعب الزرقاوي" (أحمد الخلايلة) وتحوّل لغزاً, إذ انه أطلّ على العالم من خلال ضربات مدوية على الساحة العراقية رافقتها اغتيالات وتصفيات بأساليب غير مسبوقة. وأثارت شخصية الزرقاوي (37 عاماً) اسئلة كثيرة بينها كيف يفكّر وماذا يقول وبماذا يبرر وماذا يريد من الحرب التي يخوضها في العراق وما هي علاقته بزعيم "القاعدة" أسامة بن لادن.
"الحياة" سألت أحد الإسلاميين العرب الذين يلتقون الزرقاوي هذه الأيام في الفلوجة "عاصمة المقاومة الإسلامية ضد الأميركيين", عن "أمير جماعة التوحيد والجهاد" وبرنامجه ومواقفه وطموحاته. استهل الرجل الرد ممتدحاً "تواضع الزرقاوي وحياءه".
ماذا يقول الزرقاوي عن هدفه من القتال في العراق؟ أجاب: "هو وضّح ذلك ولو في صورة مختصرة. قال اننا نقاتل في العراق وعيوننا على أماكن أخرى, مثل بيت المقدس. (...) عيوننا على أماكن أخرى وليس العراق فقط. عنده استراتيجية وطموح ان يوسّع القتال الى المنطقة بكاملها. وأظن ان كل الشباب هنا عندهم الطموح ذاته". وتابع ان القيادي الأردني يقول ان الهدف الحالي في العراق اقامة حكم اسلامي واطاحة الحكومة الحالية وطرد الاميركان و"هو لم يأت الى هذا الميدان إلا لهذا الهدف. طرد الاميركان من بلاد المسلمين واقامة حكومة اسلامية. هذا ضمن الهدف, وإلا فكيف نستطيع ان نقلب (الانظمة) في البلدان المجاورة. كيف نستطيع ان ننقذ بيت المقدس وليس عندنا قاعدة ننطلق منها؟ إنقاذ بيت المقدس وما يجاورها من بلدان لا يأتي إلا بعد اقامة دولة اسلامية ينطلق منها الشباب لتحرير المناطق المجاورة".
وماذا يقول عن الاتهامات التي توجّه اليه في شأن الطريقة البشعة لقتله الرهائن الذين وقعوا في قبضة جماعته ("التوحيد والجهاد") مثل الأميركي نيكولاس بيرغ والمصري الذي اتُهم بأنه جاسوس للأميركيين والسائق التركي وغيرهم كثيرون؟ رد محدّثنا بأن الزرقاوي مقتنع بشرعية العمليات التي يقوم بها و"هؤلاء ليسوا رهائن بصراحة. فهناك فرق بين الرهينة والجاسوس أو الأسير. الجواسيس حكمهم القتل. أما طريقة القتل فتختلف: هناك من يقول ان القتل يتم بالسيف, وهناك من يقول انه بالرصاص". وتابع ان الزرقاوي "يتقبل الملاحظات" التي يتلقاها من العلماء المسلمين في شأن جواز أو عدم جواز عمليات القتل التي يقوم بها, شرط ان تكون هذه الملاحظات صادرة من علماء ليسوا مرتبطين بحكام دولهم ويقولون رأيهم بناء على اقتناع وليس لإرضاء هؤلاء الحكام.
ودافع عن قتل المصري الذي قال انه "اعترف بأنه كان جاسوساً (في الفلوجة) وقذف مجموعة كبيرة من الاقراص (التي تُعطي ذبذبات تُحدد المواقع بدقة) وجنّد معه عراقيين لهذا الهدف". وقال ان ما سمّاه "حرب الأقراص" أوقعت خسائر كبيرة في صفوف العرب في الفلوجة, موضحاً ان نحو 20 عربياً سقطوا في كل المعارك مع الأميركيين خلال محاولتهم اقتحام المدينة في نيسان (ابريل) الماضي, بينما سقط 23 منهم في غارة أميركية واحدة على مكان نومهم بعدما وضعت عراقية "قرصاً" لاقطاً حدد موقعهم بدقة لطائرة أميركية.
واعطى أدلة شرعية عن جواز عمليات القتل التي يقوم بها الزرقاوي حتى ولو حصل فيها تمثيل بالجثث "فالله اجاز لنا بأن نرد عليهم بمثل اسلوبهم. فإن قتلوا نساءنا نقتل نساءهم...".
سألته عن موقف الزرقاوي من الشيعة, خصوصاً ان رسالة منسوبة اليه قال فيها انه يريد حرباً اهلية في العراق من خلال ضرب الشيعة. فأجاب: "الاميركان هم الذين وزّعوا الرسالة, أليس كذلك؟ ماذا تتوقع من عدوك؟ كذبهم واضح". قلت له: لكن الزرقاوي لم ينفِ صحة الرسالة. فرد: "جماعته نفتها. لكن موقفه من الشيعة واضح. نحن لا نتحدث عن أشخاص, فقد يكون الشخص جاهلاً بما يتفوه به الى ان تثبت عليه الحجة فيزول العذر بالجهل. لكن كل التيار السلفي الجهادي يؤمن بأن الشيعة فكرة كفرية (...) أنا اعتقد بذلك واعتقد ان أبو مصعب يؤمن بذلك ايضاً ان الشيعة كعقيدة ومنهاج عقيدة كُفرية. لكن هذا لا يعني ان نُكفّر عوام الشيعة, بل علينا ان ندعوهم الى ان يتوبوا الى الله سبحانه وتعالى - إذا استطعنا الى ذلك سبيلاً".
وأوضح ان الزرقاوي "يقول لو ان الشيعة ما قاتلونا ما قاتلناهم. عدونا الاساسي هم الاميركان والدولة العراقية. لكن الحقيقة ان الشيعة قاتلوا اهل السنة. صودرت عشرات المساجد في المناطق الشيعية. في مناطق حول كربلاء وفي البصرة, بل حتى في بغداد".
ولفت الى ان "الشيعة يشكّلون الهرم الاساسي للحكومة العراقية القائمة, كما يشكّلون النسبة الرئيسية في القوات المسلحة التي شكّلتها قوات الاحتلال للدفاع عنها. الفلوجة جاءتها قوات شيعية قاتلت ضد اهلها. والأمر نفسه حصل في النجف: عندما هاجموا (مقتدى) الصدر لم يضربه الاميركان, بل الشيعة". وقال انه لم يسأل الزرقاوي عن موقفه من قضية اغتيال الزعيم الشيعي محمد باقر الحكيم في النجف العام الماضي "لكن ما اقوله لك هو ان باقر الحكيم من رؤوس الضلال التي يجب ان تُقتل. الرجل جاء مع الغزو ومع الدبابات الاميركية. بغض النظر عن كونه شيعياً وبغض النظر عن عقيدة الشيعة, فالرجل اصلاً عميل للأميركان كونه جاء عن طريق دبابة الغزو. فقتله واجب من هذه الناحية, حتى ولو كان سنياً".
وقال ان الجماعات التي تقاتل في العراق الآن تعتبر "ان كل من دخل مع الاميركان في احتلالهم لهذه البلاد فهو كافر. لا نتحدث عن نظام يرتد عن الاسلام ويختلف بعض الناس في مسألة تكفيره. لكن لا اختلاف على ان من تعاون مع الاحتلال فهو خائن ووجب قتله. لا فرق بين ان يكون سنياً او شيعياً او تركمانياً...".
وماذا يقول "ابو مصعب" عن المزاعم الاميركية التي تقول انه عضو في "القاعدة" وممثلها في العراق. قال: "كنت اتمنى ان يكون ممثل القاعدة في العراق, لكن الحقيقة ان الزرقاوي تنظيمياً ليس عضواً في القاعدة وليست له علاقة بالشيخ أسامة (بن لادن) لا من قريب ولا من بعيد, إلا وحدة المنهج ووحدة الطريق فقط. ليست بينهما علاقة تنظيمية. بل بالعكس اشترط كثير من الشباب العرب هنا لكي يبايعوا ابو مصعب ان يبايع هو الشيخ اسامة. وهو حتى الآن يقول انه لم يبايع الرجل (أسامة). انه صريح جداً. يقول: انا حتى الآن ما بايعت الشيخ اسامة ولا اعمل تحت اطار تنظيمه (القاعدة), ولكن ربّك يوفق ونصل الى هذا الهدف". وأقرّ بأن الزرقاوي كان مرتبطاً بجماعة "أنصار الإسلام" الكردية في شمال العراق, وان العديد من عناصر هذه الجماعة انضموا الى جماعته ("التوحيد والجهاد") بعد دخول الاميركيين.
التعليقات