حاوره في بغداد - زيدان الربيعي: قال الدكتور ابراهيم الجعفري نائب رئيس جمهورية العراق “ان الحكومة العراقية تصر على معالجة المشاكل التي تحصل في هذه المدينة او تلك بالطرق السياسية حتى تجنب العراق وأي قوى سياسية فيه الدخول في سجالات عنيفة، الا ان طبيعة العمل السياسي في العراق الآن فيها قدر من التعقيد، لأننا امام تجربة جديدة لم نعتد عليها بسبب انعدام المناخات التي توفر لنا حوارات سياسية بيننا وبين الآخرين.
جاء ذلك في حوار اجرته معه “الخليج” وهذا نصه:
كيف ترون العراق امنياً وسياسياً واقتصادياً بعد مرور سنة وخمسة اشهر على سقوط النظام السابق؟
الحديث عن هذه الموضوعات الثلاثة يعني الحديث عن الاولويات في سلم التصدي وبالتالي فإن الحديث عن الامن وعن الاقتصاد، هو حديث عن جناحين يطير عليهما الطائر السياسي. البنية السياسية تطير على هذين الجناحين. الامن اولاً، والاقتصاد بما فيه الخدمات وامور تحسين المعيشة وما شابه ذلك. عقد المقارنة بين ما نحن عليه الآن، ومرحلة السنة والخمسة الأشهر الماضية، وقبل الاجابة عن هذا السؤال، فمن غير الصحيح ان نقوّم أي عملية ونجري مسيرة تقويمية نقدية لعملية سياسية منسلخة ومفصولة عن الظروف التي تحيط بنا. وكما يعرف الجميع هي ظروف صعبة وتحديات متعددة وتجربة القوى السياسية العراقية التي دخلت حيز الحكم وانتقلت من المعارضة الى حيز الحكم وتغيرت من نمطية المعارضة الى نمطية الحكم وتملك خطابا حاكما بعد ان كان خطابا محكوما ومعارضا تحتاج الى بعض من الوقت.
مع ذلك في تقديري، رغم التحديات الامنية الكبيرة والخروقات التي تحاول ان تعرقل عملية الامن، هناك فارق موضوعي واضح بين الوضع الامني السابق والحالي، ونأمل ان تتصاعد العملية بشكل اكثر إيجابية بإذن الله تعالى، في مقبل الأيام والاشهر.
من الناحية السياسية نحن نجد ان خطوة من الخطوات التي تم تنفيذها في الاسابيع الماضية عبر جمع عدد كبير من العراقيين من المحافظات في انتخابات المؤتمر الوطني، وما افضى اليه من انتخاب 81 شخصية الى جانب 19 شخصية عراقية من مجلس الحكم المنحل ليتم تشكيل مجلس وطني استشاري، هذه خطوة جيدة وشوط على الطريق. في الوقت نفسه هناك اداءات سياسية داخل الحكم وخارجه من شأنها ان ترسم معالم المجتمع السياسي العراقي الجديد. لا ندعي انه لا توجد خلافات، لا ندعي عدم وجود نقاط ضعف في بعض الاحيان. لكن سير العملية بشكل اجمالي يتجه نحو التكامل.
من الناحية الاقتصادية فإن العراق يعاني من تركة ثقيلة من مرحلة القبيلة الصدامية. هناك قروض، هناك عجز في الميزانية. هناك حروب متعددة اقامها صدام على المستوى المحلي ضد الاخوة الاكراد وضد اهالي الجنوب والوسط وهناك ايضا حروب اقليمية ضد ايران والكويت، هذه الحروب نشرت ظلها وتركت آثارها الوخيمة على الاقتصاد العراقي وعلى بنية المجتمع العراقي. رغم ذلك ايضا هناك تحسن ملحوظ في مستوى المعيشة، حيث كان المواطنون العراقيون في زمن النظام السابق يتدافعون للابتعاد عن الوظيفة ويتشبثون بمختلف السبل من اجل الحصول على التقاعد، لأنه لا توجد ثمة مقارنة بين الراتب الذي يحصلون عليه مقابل الاسعار المرتفعة الموجودة في السوق. الآن الحالة اصبحت معكوسة حيث يوجد تدافع من اجل الرجوع لاجهزة الدولة والاستفادة، في نفس الوقت يوجد تحسن في مسألة تحسين المعيشة بالنسبة للمواطنين غير الموظفين. وعندما اقول ذلك هذا لا يعني على الاطلاق اننا وصلنا الى مستوى ما نطمح اليه، عندما نقارن بينما نحن عليه الآن، وما نتمنى ان نكون عليه ما تزال هناك مسافة من الناحية الامنية والسياسية والاقتصادية. لكن عندما نقارن بينما نحن عليه الآن وما كنا عليه سابقا نشعر بأن هناك فرقاً جيداً وان البوصلة في تحديد الاتجاه تمضي في الاتجاه الصحيح.
كيف ترون علاقات العراق مع جيرانه؟ وما المطلوب من هذه الدول لمساعدة العراق للخروج من محنته؟
علاقاتنا مع دول الجوار الجغرافي ومع منظومتي الدول العربية والدول الاسلامية، بل حتى مع كل دول العالم تقوم على اساس مصالح مشتركة وحسن الجوار وتبادل المصالح وعدم التدخل في الشؤون السيادية ومجموعة مفردات ننطلق منها كقاعدة استراتيجية في التعامل السياسي. ولذلك حتى عندما كان يتسلل بعض الاشخاص من هذه الدولة، او تلك الدولة عربية او غير عربية، دولة جوار او غير دولة جوار نتحاشى ان نحكم على تلك الدولة من خلال مجموعة اشخاص معينين، وهذا ليس تكتيكا انما هذا اقرار لحقيقة ان حرصنا على الحفاظ على الكل السياسي في الاستراتيجية في العلاقة السياسية يجعلنا نتمسك بهذا الكل الاستراتيجي. ونحاول ان نعالج مفردات الخروقات من اجل ان تنسجم ونزيل آثار هذه المفردات الجزئية ونحافظ على هذه العلاقات.
ما نتطلع اليه منهم هو ان يقفوا الى جانبنا. ومن دون شك يستطيعون ان يفعلوا ذلك على اكثر من صعيد، في مقدمة هذه الصعد، الامني، وضبط الحدود وضبط حركة الاشخاص بالنحو الذي لا يتسبب ولو بغير عمد بتصديع الوضع الامني. وهذا مطلب اساسي واستراتيجي. في نفس الوقت نتطلع الى الدعم الاقتصادي، فالعراق بلد غني في الحالات الطبيعية لا يحتاج الى احد بل يمتلك القدرة على ان يقدم الخدمة للآخرين. وأتطلع اننا سنصل الى ذلك اليوم الذي يغمر العراق باقتصاده القوي وبخيراته بقية الدول التي تحتاج اليه. لكننا الآن نعيش حالة استثنائية، بسبب التركة التي ورثناها من النظام المقبور وهي تتطلب ان تشمر الدول العربية والاسلامية عن ساعد الجد، وان تمكن المساعدة لدعم العملية الاقتصادية في العراق خصوصا ان هناك صناديق تنمية، لعل العراق اولى بها في هذه الحالة الاستثنائية حتى نتجاوز المأزق الاقتصادي الذي نحن فيه.
من الناحية الاخرى، ايضا نحتاج الى دعم سياسي. والدعم السياسي في مسألة التعامل مع العراق علماً بأن العراق جزء اساسي وركن في جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب او على مستوى القمة العربية، كذلك جزء من منظمة المؤتمر الاسلامي، كذلك تفعيل وتعزيز موقف العراق في الامم المتحدة وهو من الدول التي اسست او أسهمت في تأسيس الامم المتحدة، وبنفس الوقت نحتاج الى الدعم الاعلامي.
هل تعارضون اسلوب الحل العسكري الذي استخدمته الحكومة العراقية في ازمة النجف؟
في الحقيقة الحكومة العراقية تصر على ان تعالج المشاكل بطريقة سياسية وتبدي حرصها وتستمر بحل المشكلة من الناحية السياسية، وقدمنا في هذا الصعيد اكثر من مقترح ولاكثر من مرة قبل وقوع ازمة النجف عملاً بمبدأ الوقاية وتجنيب العراق او أي قوى سياسية من اخواننا وابنائنا في ان ندخل معهم في سجالات عنفية. قدمنا مقترحات في وقت مبكر من اجل احتضانهم واستيعابهم والاستفادة من طاقتهم او في مرحلة بعد وقوع الازمة لفرض حالة علاجية تتحرك في شكل مباشر. محاولة استبدال العنف بالسياسة والمرونة والسلم. وطبيعة العمل السياسي في العراق الآن فيها قدر من التعقيد لأننا امام تجربة جديدة لم نعتد عليها بسبب انعدام المناخات التي توفر لنا حوارات سياسية بيننا وبين الآخر سابقاً، لذلك حتى العملية السياسية تشكو حالة من التعقيد فما بالك وقد اقترنت الحوارات بالطلقات، تلبست وتداخلت وتلبكت عوامل مجموعة سياسية بسجالات عسكرية اصبحت اكثر تعقيداً، ولذلك الحكومة تصر على أن تمسك زمام الامن، تمسك زمام المضي بالعملية السياسية ضمن المعايير المطلوبة والاوقات الزمنية المناسبة حتى تصل الى مرفأ الاستقرار السياسي والاستتباب الامني والازدهار الاقتصادي.
الا انه كانت في بعض الاحيان تحصل سجالات في هذه المدينة او تلك المدينة وعندما تتوتر العلاقات عندئد يكون من الصعب جدا التحكم حتى بالشيء الذي انت تقتنع فيه وربما تنجر السجالات العسكرية خارج ما نتمناه وهذا الذي حصل، فإذاً الذي حصل لا يعني اننا مقتنعون به ولكن هذا اضطرار، لأن الحكومة تضطر في بعض الاحيان الى الانجرار الى هذه العمليات. نأمل ان الذي يحصل ان يكون قابلا للحل وستبرهن الحكومة العراقية ان ما ضاق به الحل العسكري سيتسع له الحل السلمي، وما ضاقت به تجربة السنة والنصف سنة الماضية من الاتساع ستتسع له الاشهر المقبلة في استيعاب الأطياف السياسية كافة.
في أزمة النجف الاخيرة كنتَ خارج العراق، وكان العراقيون يأملون منك العودة وإيجاد حل للازمة، لأن لديك نفوذاً واسعاً..
الحقيقة وجودي في لندن جاء بعد ان بقيت بالعراق لمدة ثلاثة اشهر، كنت على موعد في احد مستشفيات لندن لاجراء الفحوصات والمعالجة. وقد كان المستشفى المذكور قد حدد لي بتاريخ 5/5/2004 موعدا لدخول المستشفى في 5/8/،2004 لكن الموعد تم تقديمه اربعة ايام ليصبح يوم 1/8 حيث دخلت المستشفى، وفي هذا الوقت لم تكن ازمة النجف قد تبلورت على المسرح النجفي ولم تكن هناك أي معالم. لذلك دخلت المستشفى وفور خروجي منه بدأت الامور تتأزم وتعاطيت مع الاعلام وحتى في العلاقات السياسية وهنا على الارض تعاملت من خلال من يمثلني في محاولة ايجاد حل وايقاف التداعيات التي حصلت. لا اعتقد بأن البعد البدني عن الارض يعني ان الانسان خرج عن اهتمامه السياسي، او خرج عن مناصرة قضيته، كان لي رغم اني كنت في الساعات الاولى من خروجي من المستشفى اذ تحركت من فضائية الى اخرى حتى اكثر من المعدل المقرر الذي أخرج به للاعلام من اجل ان أسهم في اخماد هذه الفتنة واناشد الاطراف جميعا ان يرسوا حل المشكلة على قاعدة مشتركة. لذلك اذا كان يصادف في بعض الاحيان ان اخرج وتحصل هناك مشكلة انا لا أبخل بالجهد من اجل ان اوصّل من ذلك المكان صوتي لحلها، وفي نفس الوقت كنت مستعدا ان أعود فوراً اذا كان الحل يتوقف على رجوعي.
كيف تنظرون الى التناقضات في تصريحات المسؤولين العراقيين في القضايا المهمة، خصوصا ازمة النجف واعتقال عزة الدوري؟
في ازمة النجف كانت هناك اختلافات في طريقة التعبير عند بعض الاخوة المسؤولين في الحكومة، ولكن يجب ان نضع حقيقة من الآن فصاعدا في العرف العراقي الجديد، العرف العراقي السياسي الجديد يختلف عن العرف السياسي العراقي في عهد صدام حسين. إذ كان في عهد صدام صوت واحد في السياسة والاعلام في القرار. وفي القرار وفي الوزارة وفي الادارة وفي كل شيء ذلك هو صدام حسين، اما البقية فهم أصداء. هذه الحالة يجب ان نتجاوزها ويجب ان يكون هناك تعدد ويعبر عن وجود حرية. ويجب آخذ هذا بالاعتبار، إذ ان الذين يتصدون الآن في بيت الدولة والحكومة والسلطة لديهم خلفيات مختلفة.
لكن الذي حصل ليس تعبيرا عن رأي، بل كان تباينا في نقل اخبار متناقضة...
وجود وجهات نظر مختلفة عند المسؤولين العراقيين والوزراء اعتبره ظاهرة صحية. نعم عندما تكون من خلال محاولة عكس مقررات ومواقف تتناقض بالاتجاه، هذه ظاهرة غير صحية، عندئذ يجب ان نحكم التصريح الاستراتيجي وصاحب القرار الاستراتيجي على بقية المواقع والتصريحات لحسم مثل هذه المشكلات. واعتقد بأن كثيراً من دول العالم عندما تتناقض التصريحات عند مسؤوليها ينظر الى أصحاب المواقع الاستراتيجية الذين يحددون حقيقة موقف النظام والدولة في تلك المواقف. وما حصل بخصوص عزة الدوري، يبدو ان هناك معلومات كانت قد تجمعت بوجود مكان معين يؤوي الدوري، وقد اشار الخبر الذي ورد انه القي القبض عليه، طبعا لا بد ان تكون هناك وسائط وتحاليل حتى يكون الخبر دقيقا، فما بين اصل الاعتقال للمشبوهين بأن واحداً منهم هو عزة الدوري، إذاً مسألة التثبت هل هو فعلاً، ام غيره، حسب التصريحات التي اوجدت حالة من الاختلاف، هذه هي الاخرى ليست مشكلة، الآن من يكون عزة الدوري، وهو ليس قوياً، وماذا كان عندما كان في السلطة؟ عزة الدوري ليس فيلسوفاً منظرا وليس سياسياً قائدا محنكاً وليس انسانا مربيا وليس انسانا ذا شأن في المجتمع العراقي، كلما في الامر دخل في منظومة القمع التي كانت مع صدام حسين وسقط بسقوطها، يبقى كمفردة تشير الى وجود رمز في يوم ما كان يحتل موقعا معينا، اهتم الاعلام بذلك وبعض الاعلاميين يريدون ان يحركوا بعض المفردات لما يملأ حيز طموحاتهم، فلذلك أنا اعرف في تقديري انهم تعاملوا مع هذا الحدث واعطوه قدراً من الاهمية اكثر مما تستحق ولذلك لما بدا انه لم يكن عزة الدوري، اخذت القضية على مستوى رد الفعل حجما اكبر من اللازم، الآن عزة الدوري، اذا كان متخفيا في جحر من جحور الارض او في مكان بالارض فما هو تأثيره العملي؟ انه لا يمثل شيئاً.
اصرار وزير الدفاع حازم الشعلان على اعتبار ايران العدو الاول للعراق، هل هو ارضاء للامريكان، ام ان ايران خطر فعلي على العراقيين؟
بالنسبة للتصريحات التي صدرت في مسار العلاقات العراقية الايرانية، أقول ما قلته في التفاوت الذي يحصل عند المسؤولين في قضايا النجف والدوري، الحقيقة انا لم استمع الى تصريحات الاخ حازم الشعلان، لكني استمعت الى تعليق رئيس الوزراء الدكتور اياد علاوي الذي قال: هذه التصريحات جاءت ضحية الترجمة من لغة الى لغة.
مرة اخرى اقول التصريحات قد تأخذ قوالب ونمطيات متفاوتة، وبالنسبة لنا السياسة العامة التي تحكم على كل النمطيات هي العلاقة مع دول الجوار الجغرافية. وعندما توجد مفردات تختلف عن هذه النظرة الاستراتيجية، بكل جرأة وبكل صراحة نحن ننتقد هذه الدولة، او تلك عندما تكون لدينا وثائق. لكننا من باب وضع الشيء في محله نحاور هذه الدول بكل ما لدينا من وثائق وبكل صراحة وشفافية بأن هناك مواطنين بدولتكم مارسوا هذا العمل او ذاك العمل، فنعتقد ان الحيز الطبيعي الذي نتحرك فيه من باب المصارحة مع هذه الدول هو العلاقات السياسية وفي غرف القرار، ومن قبل لجان حتى تنسجم هذه المفردات مع الكلية الاستراتيجية في العلاقات بيننا وبين الدول.
ما حصل للدكتور احمد الجلبي، هل يحصل مع آخرين؟
الحقيقة ما حصل مع الدكتور احمد الجلبي بعضه انتهى مثل قضية العملة المزورة وما شابه ذلك. دعني اقيّم معك هذه التهم والاشتباهات، لا يوجد مواطن اعلى من القانون، لانه بدأ عصر جديد المفروض فيه ان يكون القانون والدستور لكل المواطنين من اكبر شخص في الدولة الى أي مواطن عادي كلهم متساوون امام القانون وهذا الذي نتطلع اليه ونبينه على قاعدة قيمية تشترك فيها كل الاتجاهات والانظمة الاجتماعية. ومن حق أي مواطن ان يشتكي ويتهم مواطناً آخر ومن حق الدولة ايضا ان تتهم أي مواطن ريثما تتحول التهمة الى حقيقة وهذه الحقيقة اما أن تبرئ المتهم او تثبت الادانة. والذي حصل بحق الدكتور الجلبي في تقديري اسجل عليه ملاحظتين، الملاحظة الاولى: انه اتهام، والاتهام لا يكفي ان نتداوله وانما ينبغي ان تعتمد الاساليب القضائية الصحيحة حتى نتثبت منه، اما الثانية: قيام الاعلام ببث قضية الجلبي من دون ان يتحرك ذلك في حيز هذه الاروقة المختصة، فأتمنى الذي حصل مع الدكتور احمد الجلبي ان نستفيد منه جميعاً، من اجل ان نحفظ لكل شخص من ان يقدم على اتهام او شكوى ضد شخص آخر حقه بتقبل هذا الاتهام، ولكن ايضا نحفظ كرامة المتهم الى ان تثبت ادانته وفق قاعدة المتهم بريء حتى تثبت ادانته.
اغلاق مكتب قناة “الجزيرة” الفضائية في بغداد، وتهديد رئيس الوزراء باجتثاث بعض الاعلامين وابعاد الصحافيين عن ازمة النجف، هل يتلاءم هذا مع الحرية والتعبير عن الرأي في العراق الجديد؟
بغض النظر عن قناة “الجزيرة” وهذه القناة او تلك او هذه الصحيفة او تلك، العراق الجديد لا يعاني ازمة حرية للرأي الآخر، بالعكس نحن ضحايا القمع السابق، الا أن بعض قنوات الاعلام سواء كانت المرئية او المسموعة، كانت بشكل من الاشكال تركز على بعض النقاط السلبية، فدخلت حيز تحريض على حساب الحقيقة، في تقديري هذا مرفوض ليس لانه لا يصب في مصلحة الحكومة العراقية، فالاعلامي الذي يريد ان ينتقد الحكومة ويبين نقاط ضعف موجودة في الشارع العراقي ندعه، لان الحكومة ستستفيد لانه يعينها على مستوى التشخيص، عندما يكون الحديث حديثا دقيقاً. لكن الشيء الذي يُرفض هو ان تدخل القضية في عملية لا تخدم الشعب العراقي فحسب، بل تضره، وأقول بكل صراحة ان الشعب العراقي قارئ ومثقف ويقرأ الامور بشكل دقيق، أي قراءة موضوعية ستكشف لك النقاط.
الصحف الآن بالعراق عددها كبير جدا. والعراقي الآن يتزود على مائدة الاعلام ويأخذ وينتقد وبطريقة متحضرة. في تقديري انه لم يكن اجراء حكومة، قبل ان يكون الحس الاعلامي والسياسي للمواطن العراقي جعله يضغط، حيث كنت اسمع من بعض المواطنين كانوا يوجهون نقدا لبعض القنوات الاعلامية، هذا يعني ان هذه القنوات لم تكن فيها برامج ايجابية، نتمنى ان تراجع نفسها وان تدخل الى البيت العراقي ان لم تكن عراقية فلتتآخى مع الحالة العراقية وتتبنى القضية العراقية وان تتلو بصوتين معا وتقدم صورتين معاً. الصورة الايجابية كما هي دون مبالغة، والصورة السلبية كما هي دون مبالغة، لا نريد نحن ان نحول الفضائيات الى ابواق مدح ابداً، دعها تتكلم الحقيقة كما هي وحتى اذا تشتبه توجد نسبة معينة من الاشتباه معقولة وينبغي ان نتقبلها. نحن ايضا نشتبه، لكن عندما تتكرر الحالة ويعمد على اجتزاء بعض الصور بمبدأ تضخيم الصورة السلبية بمبدأ التكرار والغاء القضايا الايجابية بمبدأ غض النظر تأخذ القضية منحى آخر وهذا يشهد عليه المواطن العراقي.
كيف تنظرون الى مشروع المصالحة الوطنية الذي طرحته حركة الوفاق الوطني؟
المصالحة الوطنية تعني مصالحة القوى السياسية العراقية كافة التي تشترك في بناء البيت العراقي الجديد، نحن لا نعمل بها اذا كان القصد منها غض النظر عن الذين انخرطوا في صفوف حزب البعث ممن لم يرتكبوا جرائم، سواء كانت جرائم قتل او سرقة او انتهاك حرمة او لم يتصدوا على مواقع متصدية مقابلة والاتيان بهم الى مواقع متصدية مقابلة بين عشية وضحاها، نحن نعمل بهذا، المصالحة الوطنية ليست عملية جديدة لكننا نعرف المصالحة الوطنية، “حزب البعث” المنحل، كحزب، كفكر، كرموز وبالنسبة لنا وضعنا امامها خطوطاً حمراً لأن شعبنا يدرك جيدا التجربة التي حصلت في العراق، انا اتحدث عن حزب البعث الذي حكم العراق من عام 1968 ولغاية ،2003 الجرائم التي ارتكبها كانت بشعة، تقف في مصاف الجرائم التي ارتكبتها النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا، لذلك ظلت هاتان الحركتان موضع رصد ومتابعة من قبل الايطاليين والالمان وكذلك الدول التي واجهتها في الحرب العالمية الثانية الى الآن، حيث صنفتها على انها حركات عنصرية وتعمل من اجل عدم تكرارها، لا بالفكر ولا بالهيكلية ولا بالرموز، الذين هم الى الآن مطاردون، فنحن ايضا لا نريد للبعثيين من هذه الاصناف ان يعودوا الى ان يبدأ المواطن حركة جديدة وفكراً وطنياً عاماً لا علاقة له بحزب البعث الذي حكم العراق برمزيات جديدة شأنه شأن الآخرين ليسهم في بناء البيت العراقي الجديد بهذا القدر ممن ليس لهم تاريخ ملوث بقتل وجرائم وما شابه ذلك وليس له موقع متصد في الصف الاول ويريد الآن ان يتسلم موقعاً آخر. واعتقد حتى هم يعذروننا لأن الامر طبيعي من اجل ان يبدأ الشعب الاطمئنان من ان هؤلاء اخذوا عبرة كافية وانهم عادوا الى احضان شعبهم بعقلية جديدة ونفسية جديدة وفكر لا يمت الى ذلك الفكر العنصري بصلة.
التعليقات