بيروت من ابراهيم عوض ومن دمشق رزوق الغاوي: كشف مصدر سوري مطلع لـ«الشرق الأوسط» ان الرئيس السوري بشار الاسد ابلغ مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى وليام بيرنز، لدى طرح الاخير موضوع الوجود السوري في لبنان، ان القوات السورية «لن تبقى في لبنان الى الابد» لافتاً الى «ان هذه القوات اجرت اربع عمليات اعادة انتشار خلال السنوات الثلاث الماضية، كما تم سحب عدد كبير منها الى داخل الاراضي السورية». واوضح الاسد للمسؤول الاميركي ان «وجود هذه القوات تحكمه اتفاقات بين لبنان وسورية املتها مصلحة البلدين، خصوصاً ان السلطات اللبنانية ترى في هذه القوات عامل استقرار في ظل الاوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة، واستمرار الصراع العربي ـ الاسرائيلي واحتلال اسرائيل لاراض عربية وعدم رغبتها في قيام سلام عادل وشامل مع جيرانها».
وحول الانباء التي تحدثت عن عزم سورية اجراء عملية اعادة انتشار جديدة لقواتها في لبنان، قال المصدر: «ان هذه العملية ليست واردة في الوقت الحاضر. وفي حال حصولها لن تكون بالتأكيد استجابة لطلبات معينة، انما بناء لمعطيات محددة ونتيجة للتشاور والتفاهم بين القيادتين السورية واللبنانية».
وفي هذا الاطار، كرر مصدر لبناني مسؤول نفيه وجود عملية اعادة انتشار جديدة للقوات السورية العاملة في لبنان، معتبراً ان الغاية من الانباء التي ظهرت في هذا الخصوص دفع سورية لاعلان موقف منها سواء بالنفي او الايجاب. وبالتالي استخدامها في عملية الضغوط التي تتعرض لها، وبالتزامن مع زيارة بيرنز الى العاصمة السورية. واوضح المصدر اللبناني ان «اي عمليات اعادة انتشار تتطلب تحضيراً مسبقاً واجتماعات تعقد لهذه الغاية بين القيادتين العسكريتين اللبنانية والسورية، الامر الذي لم يحصل في الآونة الاخيرة»، لافتاً الى ان اي اخلاءات تقوم بها القوات السورية من مراكز معينة يستتبعها حكماً حلول قوى من الجيش اللبناني فيها».
يشار الى ان آخر عملية اعادة انتشار للقوات السورية في لبنان تمت قبل نهاية العام الماضي وتركزت في منطقة الشمال بصورة خاصة.
وفي دمشق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن اجتماعاً جانبياً توازى مع اجتماع الأسد ـ بيرنز جرى بين جهات أمنية سورية وأميركية لوضع الأسس الكفيلة لضبط الحدود بين سورية والعراق. وكان وزير الداخلية العراقي فلاح النقيب قد أشار خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق إلى أن التعاون السوري بالنسبة لمسألة الحدود السورية العراقية كان إيجابياً. وقد حرصت دوائر دبلوماسية في العاصمة السورية تابعت زيارة بيرنز ومحادثاته فيها مع المسؤولين السوريين على التوضيح أن بيان الخارجية السورية حول هذه المحادثات هو أقرب إلى الواقعية بالنسبة لما تم التداول به، بالقياس لما ورد في تصريح بيرنز الصحافي.
واعتبرت الدوائر أن البيان السوري في جوهره يؤكد حرص دمشق على التوصل إلى حلول منطقية للقضايا العالقة مما يشير إلى أن الكلام السوري في بيان الخارجية جاء أكثر دقة وواقعية مما ورد في تصريح بيرنز الذي تناول المسائل المختلفة بشكل متساوٍ ومن دون تبيان أولوية موضوع على موضوع آخر من حيث الاهتمام أو من حيث درجة التركيز على بعض المواضيع في أثناء المحادثات حيث تركز بيان الخارجية السورية على بعض النواحي التي أثيرت في أثناء المحادثات وهو أمر لم يُلمس في تصريح بيرنز، فضلاً على أن البيان السوري أكد بشكل صريح وواضح تأكيد دمشق على ضرورة احترام الجميع لاستقلال لبنان وسيادته وحرمة أراضيه وعلى أهمية تنفيذ اتفاق الطائف.
ولفتت الدوائر الدبلوماسية إلى أن الجانب السوري ومن خلال ما جاء في بيان الخارجية السورية ركز على الجوانب الإيجابية وعلى الدقة في التفاصيل مما يثبت ويؤكد اهتمام دمشق بالتعامل مع المسائل الخلافية مع أميركا بما يفسح المجال للوصول إلى قواسم مشتركة بين دمشق وواشنطن.
ولاحظت هذه الدوائر لدى متابعتها لما يصدر من تصريحات من قبل الأوساط اللبنانية أن ثمة ملامح في الأفق تشير إلى حدوث احتمال إعادة انتشار القوات السورية بموجب اتفاق الطائف، واستندت الدوائر في هذه الملاحظة إلى أن الأوساط اللبنانية التي تتحدث عن مسألة إعادة الانتشار في إطار تنفيذ اتفاق الطائف هي الأوساط الأقرب إلى دمشق.