القرار 1559 بشأن الرئاسة اللبنانية والإنسحاب السوري وحل المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية يمكن ان يكون برسم التنفيذ تحت طائلة العقوبات، أو مجرد قرار من القرارات التي تظل حبراً على ورق لسنوات عديدة، مثل القرار 415 بشأن انسحاب إسرائيل من لبنان.
لكن هذا الاحتمال أو ذاك لا يتوقف على أسلوب فهم سورية للقرار، بل يعتمد على فهم ومصالح وسياسات وظروف أميركا، ولذا فإن التهوين السوري من شأن القرار، لا يغير شيئاً، ويمكن ان يؤدي إلى خديعة النفس إذا كانت سورية جادة في تطمين نفسها.
في السياسة الخارجية السورية مدرسة تعتقد أن سورية قادرة عند اللزوم على مقايضة تنازلات معينة مقابل ابطال أو تجميد مفعول أي قرار ضدها، فلديها الكثير مما تقدمه، وهي في هذه المرة تعرض الكثير الذي لم تكن مضطرة لعرضه أو تقديمه لولا ما فعلته باتجاه الرئاسة اللبنانية.
بداية تم ترحيل قيادة حماس من دمشق بهدوء، وبعد ذلك عرض المسؤولون السوريون على أميركا التعاون في العراق واستئناف المفاوضات السلمية مع إسرائيل.
هذه القرابين «قدمت كثمن للتغاضي عن تنفيذ القرار 1559 بشأن لبنان أو تجميده في الوقت الحاضر، خاصة وأن أميركا بحاجة للمساعدة السورية في العراق، كما أن اسرائيل هي البوابة الشرعية إلى قلب واشنطن.
لكن موازين القوى الراهنة قد تعطي نتائج مختلفة، فالظروف الراهنة، تسمح لأميركا بالحصول على التنازلات السورية بدون مقابل، بل ان تعتبر ان المزيد من الضغط على سورية يعطي تنازلات أخرى. اما اسرائيل فقط اشترطت للتفاوض مع سورية طرد المنظمات الفلسطينية من دمشق والانسحاب من لبنان، مما يعيدنا إلى المربع الأول، وهو الانسحاب من لبنان.
سورية يجب أن تكون أقوى بكثير مما هي عليه حتى يمكنها مقايضة إطلاق يد أميركا في العراق مقابل اطلاق يدها في لبنان، وعرض التفاوض مع اسرائيل يمكن ان يقابل بلهفة لو أن البديل يخيف اسرائيل، لكن بديل التفاوض هو بقاء الجولان محتلاً وآمناً.
التدخل الصريح بمسألة الرئاسة اللبنانية وتوقيته السيء نقل فرنسا الى المعسكر الأميركي، وافرز قراراً دولياً يبقى برسم التنفيذ، طالما انه موجه ضد دولة عربية.