ترجمة وتقديم كوليت مرشليان: انها الكتابات الأخيرة للأديب الفرنسي الراحل، الكاتب المسرحي والشاعر والباحث والرسام انطونان ارتو الذي بدأ حياته وانتهت بين حدين متطرفين: العبقرية والجنون.
العبقري الشاب الذي بدأ كتابة الشعر في سن المراهقة وصاحب الاحساس المرهف، خانته اعصابه وجعلته يمضي ثلث عمره سجين مستشفيات الأعصاب وبيوت الصحة والراحة. انطونان آرتو كتب حتى آخر رمق، حتى آخر يوم من حياته، ودوّن على دفاتر صغيرة كتابات متنوعة بين الوجدان والفلسفة والنقد الفني، كما دوّن مسودات رسائله.
كان من البديهي ان يبقى ما لم ينشر بعد من هذه الكتابات حتى اليوم. وها هي اليوم تطل وتنشر في المجلة الأدبية "ماغازين ليترير" وهذه النصوص والرسائل كتبها قبل بضعة أشهر من رحيله.
بعد خروجه من مأوى خاص بالأمراض العصبية والنفسية في روديز، في أيار 1946، سكن آرتو في عيادة صديقه الدكتور ديلماس الذي اعتنى به اشد الاعتناء في منطقة "ايري سورسين"، حيث سيبقى إلى حين وفاته. هناك دوّن آخر كتاباته ورسم وكتب الرسائل وكل هذا في دفاتر صغيرة كانت لا تفارقه.
هذه النصوص والرسائل المنشورة لم تكن أساساً معدة للنشر، فهي مجرد مادة خام أو محاولات يستقي منها آرتو في كل مرة يريد أن يخرج عن عزلته ويطل على العالم الخارجي بنص أو بقصيدة او بكلمة. ومن أهم الموضوعات المعالجة في هذه النصوص: "الصراع مع الله" و"قوة السمر" و"اختراع جسد الانسان الجديد" وهناك ايضاً قصائد حرة ورسوم بعض الموسيقى المكتوبة.
وفي نشر هذه النصوص محاولة لاحترام رغبة الكتب ولاحترام ايقاع كتاباته التي تم ترتيبها بما يتوافق مع الجو العام الخاص به، خاصة فيما يتعلق بما كان يحلم به في الأشهر الأخيرة وهو حلم "مسرح القساوة".
في الأشهر الأخيرة من حياته، ساءت صحة ارتو وتراجعت كثيراً. ولكي يسيطر على آلامه التي كانت تزيد مع الوقت راح يتناول جرعات كبيرة من المخدر إلى أن وصلت الى حالة مزرية فلم يعد قادراً على التوقف عن تعاطيها وراح يرجو كل أصحابه عل احدهم يمده بها من خارج العيادة التي صارت تحذره من تناوله. وفي رسائله الأخيرة يبدو كما كان في كل حياته ـ الرسائل الموجهة إلى جان بولهان ـ حيث تتنازعه الآلام النفسية والجسدية، من دون أن يتوقف عن الحلم ، وحلمه الأخير هنا كان في الرحيل عن العيادة صوب منطقة "الميدي" الفرنسية حيث سيستأجر بيتاً صغيراً ويعيش فيه بهدوء وسعادة. هذه النصوص والرسائل المكتوبة بين شباط 1947 وكانون الثاني 1948 كانت موجودة في ثلاثة دفاتر مكتوبة في إيري. وقد تم نشرها بأمر من سيرج مالوسينا الوصي الشرعي على كل مؤلفات آرتو. اما جان بولهان الناشر والصديق المقرب من آرتو فقد كان الشخص الأخير الذي فتح له آرتو قلبه وأخبره عن حلمه الأخير وحسرته الأخيرة.
الحسرة على عدم بث حلقة "لننتهي من حكم الله" والحلم بالسفر إلى منطقة "الميدي" حيث إن مجرد الحلم اعطاه السعادة والوحي وجعله يشعر بطفولته التي تعود اليه هانئة في اطار العودة إلى مكانها. لكن الحلم لم يتحقق، لم يترك انطونان آرتو "بيت الراحة" الذي كان فيه في ايامه الأخيرة، لم يسافر ولم تحصل كل الترتيبات التي تحدث عنها من مساعدة بعض الأصحاب له للانتقال إلى هناك إلى الحصول على بيت خاص وحميم ينهي فيه حياته أو يكتب فيه ما كان يحلم في تدوينه ولم تسعفه على انجاز ذلك لا صحته العامة ولا أعصابه المريضة. مات آرتو وحلم "الميدي" الرقيق في عينيه وقلبه، كتب الرسالة الأخيرة في أواخر شباط ومات في الرابع من آذار من العام 1948.
هنا بعض ترجمات كتاباته الخاصة ورسائله الأخيرة.
الترجمة والتقديم: كوليت مرشليان
دفتر 243
(إيري، شباط 1947)
ليس هناك مغارز أنابيب داخلية،
أن ننظر الى الأشياء
من فوق تصميمها
ومن كثافتها الداخلية خطأ،
لا نسبر أغوار الداخل أبداً
انه مشهد رحميّ
خنزيريّ، خاطئ
يدعو الى عشرة آلاف
امتداد
وتطويل.
الأشياء ليست مكعبة
ولا قابلة للتكعيب،
إنها مسلوبة
بسبب خسارتها جدارها.
وانه ليس ضرورياً حتى
أن نعود ونلتفت الى ذواتنا
لنرى أنفسنا من كل الجوانب.
فضاء الأبد الفارغ
من دون الأعلى
أو الأسفل
هو جريمة.
لأنه هناك جسدي
الذي يعلق به كل شيء
عليه أن يبدأ من جديد.
أن نفعل الفراغ
يعني أن ننكره
هو الذي كان دائماً هنا.
دفتر 245
(شباط 1947)
من شدة ما دفعت خارج المكتوب،
مع المكتوب،
انتهيت بتعليق باب في اللغة، وتنزيل حائط معلّق، وزعزعة حاجز، وهذا الحاجز، أو هذا الأفق الجديد الذي توصلت الى إطلاقه،
بجسد ضائع،
كان الموت الذي عرفته بحق وساعدني على ذلك
العالم الزاهر والمقذوف والحاقد والفظّ بشكل مخيف مع غير المخلوق حيث، ومن خلال النطق والكلمات والألفاظ المجهضة، شعرت بحركة
الجسد في مستوى البشرة، جسد الكائنات البشرية والأشكال التي لم توجد أبداً وتريد العيش وهي ليس لها الحق بالعيش والتي تقيم حاجزاً جموحاً وحيوانياً شرساً ضد الأشياء وهذا الحاجز انتهى بأن جعل الحياة آتوناً أسود حيث نختنق وحيث يبدو أن الواقع الذي انغمسنا به بدأ يظلم.
في هذا النوع من الحالة غير المخلوقة ترتكز نقطة البداية لكل أنواع الافتتان التي اتهم والتي أصبحت المقاومة التي أقودها معها في أولوية اهتماماتي.
(انطونان ارتو)
دفتر 391
(11 كانون الثاني 1948)
لا أحد يريد أن يؤمن بالأهمية الخارقة
الأساسية والنهائية
للسحر
في التركيبة الديناميكية للعالم.
ليس هناك من حالة جسدية أو نفسية، ليس هناك من ازعاج، وليس هناك من مرض إلاّ وتترجم كل هذه الحالات بالتدخل الحيوي والنذل والنفسي ـ عصبي لساحر، لإنسان في حالة ذعر وليس ساحراً بمعنى الكلمة لكنه يستفيد من حالة الذعر هذه ليجعل حالة افتتان قائمة.
ومن بعدها، يا للحقارة!
لكن الوضع الحالي المكتسب بفضل معلوماتنا الطبية والفلسفية تمنعنا من تصديق فكرة القوة السحرية التي يمارسها إنسان على إنسان، تمنعنا من وقف فكرة أي تدخل ممكن
من الفكر على الفكر أو من اللافكر على اللافكر، أو على ما لا يملك طابعاً عقلياً، بل طابعاً جسدياً وديناميكياً، بكل بساطة.
ولكن هناك قوة موضعية ومحددة يمارسها جسد على جسد إنساني، وها أنه مضت قرون وهذه القوة تنمو بكل هدوء وحتى تحت حماية السلطات، ومن دون أن يشك بها أي إنسان في أوروبا.
حين يتعلق الأمر بالسحر
في كتاب صادر هنا، يكون الاهتمام فقط على سبيل الفضولية،
تماماً كما حين يتعلق الأمر بعرض فني
أو بإيمان محلي خاص ولا غدّ له.
لم يكن لأحد أي فكرة لتصديق أن السحر يمكن أن يكون علماً، أو أن يكون مجرد نهج يطبق آلياً وتكون نتيجته مضمونة وأكيدة تماماً مثل نتيجة مكابح مطرقة على جرس أو رافعة.
بناء الإنسان من تجمع جزيئيات ذرّة إرادته
يلزمنا الكثير من الألم لنتوصل الى الولادة
ولكن ما أن نصل حتى يستمر الأمر
الى الأبد.
لا نولد
لنموت
بل لنعيش
فالولادة والحياة التي ترافقها
هما إذاً
حالة نهائية
من دون مقبرة
ولا تابوت
انه من الخطأ تماماً
ألاّ أكون قد وصلت
من البداية الى هنا
وأن يكون واجباً عليّ
ذات يوم أن أبدأ
بالوجود
الإنسان مقذوف بشكل فجائي في الحياة
في حالة العلم الفطري
وعليه بكل بساطة أن يعلم نفسه كيف لا يموت.
كان هناك زمن
وكان زمن الأزمان
حيث كنا نعمل مسرحاً
كي نغير الفلك
كنّا نترك العالم
كي لا نعود إليه نهائياً
إنها تماماً مثل
قصة سفينة نوح
غيّرت عالمي
وفلكي في الليل
من... وإلى...
من شهر كانون الأول 1947
حين وجدني الحلاّق مضرّجاً
بدمائي
وأيضاً في وسط عيد الميلاد.
هناك
حياة
الإنسان
الذي يولد من ضربة
وهناك حياة
المرجان المتشعب
الذي وبعد
مليارات من الأعوام
ومن المحاولات
ليثبت كيانه
يقرر أن يتراجع
فجأة...
بعد 15 يوماً
حين وجدت نفسي
أنا مع كنزتي
كان البراز يغطيها
وكان كثيراً
بمقدار كف يدي.
(هذا خطأ)
الكائن لم يكن يوماً موجوداً
لكن كنزتي الصوفية الملوّثة بالبراز
قد وجدت فعلاً في كانون الأول 1947.
انطونان آرتو.
ايري،
تشرين الثاني، 1947
(الى السيد جان بولهان)
يا صديقي العزيز،
مضى وقت طويل وجميع أطباء أصدقائي ينصحونني بتغيير المناخ كحلّ وحيد "لإنقاذ صحتي". من ناحية ثانية، وكما تعلم فإن الدكتور ديلماس قد توفي. لذا لم أعد أجد أهمية لبقائي في إيري، لكن الإقامة في بيوت صحية أخرى تصل تكاليفها الى حدود 1500 فرنك في اليوم، وهذا ما أصبح مستحيلاً بالنسبة لي.
فكرت أن أستأجر منزلاً صغيراً في منطقة "الميدي" أو في "سان ريمي أن بروانس" أو في "البو" أو في "الانتيب"، وسوف أعيش كما لو أنني تحت حماية صديقة أكيدة مثل كوليت توماس أو مدام تيونان، وكل واحدة منهما تقدم لي نفسها لمرافقتي. وهذا بالطبع سوف يكون أقل كلفة لي من مرافقة طبيب.
لذا عليّ أن أفكر بأمرين:
1 ـ كلفة إيجار المنزل
2 ـ وكلفة خادمة لتنظيف المنزل وسوف أحاول أن أجد أحداً لا تكلّفني المبلغ الكبير. إذاً علي تأمين قرابة 5000 فرنك في الشهر وعليّ أحاول أن أخفض هذا المبلغ.
3 ـ ثمن غذائي.
وكان الدكتور ديلماس قد نصحني فيما مضى ولم يشجعني على السكن في نزل خاص إذ يعتقد أن باقي النزلاء قد لا يفهمونني جيداً ولن يتفهموني حين أبدأ في التمارين المسرحية.
وكما تعلم، من اناحية ثانية، فإن السيدة بول تيونان تقدم خدماتها للبحث لي عن منزل كي توفر علي عناء البحث وهكذا أصل الى هناك ويكون كل شيء جاهزاً. إذاً علينا أن نجد أيضاً تكاليف سفرها الى هناك لكنها وجدت حلاً إذ سيقلها الى "الميدي" احد الأصحاب في شاحنة خاصة به. عليّ ان أؤمن لها 5 آلاف فرنك "في البداية لتحجز على البيت والخادمة وهي سوف تسافر الى سان ريمي والأنتيب ومانتون للبحث وسوف ترى كما سيكلف كل هذا مع كاتب العدل (السفر والحجز على البيت).
سوف تصل السيدة تيونان لتراك وأخذ جواب نهائي منك في حدود الأسبوع المقبل.
صديقك المخلص
(انطونان ارتو)
السيد جان بولهان
5، شارع آرين، باريس
ايري، 16 كانون الثاني 1948
صديقي العزيز جداً جان بولهان،
علينا أن نتخذ قراراً سريعاً و"طارئاً"
فالاشياء تستعجلنا.
منذ أربعة أيام، حصلت لي أزمة وأنا جالس أمام النار، وقعت وجرحت ركبتي جرحاً عميقاً والتوى ذراعي تحت جسدي ما أصابني بشلل موقت من جهة اليمين.
أما الطبيب في منزل ايري الصحي فقد قال لي إن هذه الأعراض تحدث بسبب "نقص" في الحشيش، لكن الصيدلي كان يرفض ان يعطيني شيئاً منه.
ولكن لدي الحظ في العثور على القليل منه في مرسيليا، انا لن اتمكن من التنقل لكن السيدة تيونان سوف تذهب بدلاً مني.
ولذا يلزمني مبلغ 80 الف فرنك من ضمنه مصاريف السفر. اطلب منك ان تكتب رسالة الى السيد دوشيه ليقدم هذا المبلغ الى السيدة تيونان لتتمكن من القيام بالسفر وبالتسوق.
سوف ترحل الأسبوع المقبل.
انا صديق القلب
(انطونان ارتو)
السيد جان بولهان
"ايري سورسين"،
7 شباط 1948
صديقي العزيز،
استأجرت بيتاً في الانتيب
ابتداءً من 15 آذار
لمدة ثلاثة أشهر.
انها يللا.
ولقد كلفني الأمر 18 ألف فرنك ودفعت المبلغ مسبقاً
وذلك مردود حقوق المؤلف عن كتبي: "ان غوغ"
و"آرتو لومومو" و"هنا يرقد"،
وايضاً هذه الحلقة التعسة على "راديو ـ ديوزيون"
بعنوان "لننته مع حكم الله"
وعلى الأقل، يجب الإبلاغ في بيت الصحة ان اقامتي هناك تنتهي منذ تاريخ 15 آذار، ويجب أن أعرف ما المبلغ الذي سيعطى للسيد دوشيز ليدفع راتب الخادمة التي سأستخدم وثمن الطعام في الانتيب.
وانت تعرف ان السيدة بول تيونان سترافقني في البداية وتسهر على راحتي اثناء الانتقال. وهي تنوي البقاء في حدود الشهر ونصف الشهر الى جانبي. وبعدها ستحل مكانها اختها او السيد مارت روبير. هكذا، لن أكون وحيداً وسأجد الراحة التامة التي طلبها مني الأطباء. رأيت بالأمس البروفسور الدكتور موندور، في "السالبتريير". ولقد وجد انني في حال مزرية وطلب مني عدم القيام بأي مجهود أو عمل. وقال لي إنه علي ان اعيش هذه المرحلة "ممدداً" وانه يمكنني فقط ان ادون النصوص ليس أكثر نظراً لوضعي المزري.
لكن الأمر اللافت في الموضوع انه قال لي انه سيكتب رسائل الى أطبائي المعالجين حالتي يطلب منهم عدم التفكير مجدداً في موضوع معالجتي من الادمان بسبب سوء حالتي بشكل عام، واعتبر ان المخدر قد أصبح حاجة ضرورية لجسدي لعدم تمكني عن التوقف. ويقول انه علي ان اتناول القليل منه "يومياً".
هل تتذكر ان هذا كان كل ما نتمناه في مرحلة معينة جميعنا:
ان تصلنا شهادة موقعة من تجمع طبي رسمي في هذا الشأن. حسناً، الآن وصلتنا هذه الشهادة. وأعتقد انني سأتمكن الآن من الذهاب الى الانتيب لارتاح بسلام.
(انطونان ارتو)
السيد جان بولهان
"ايري سورسين"،
10 شباط 1948
صديقي العزيز
نسخة موقعة بيدي
ومهداة
من كتاب "آرتو لومومو"
و
نسخة من كتاب
"هنا يرقد" مسبقة بمقدمة
"الثقافة الهندية"
قد تم ارسالها اليك منذ نحو 15 يوماً على الأقل إذا ما وصل الأمر الى حدود 3 أسابيع على ما أظن، وإذا لم تستلم الكتب فهذا يعني ان الناطور في "ن.ر.ف" قد احتجزها، وعليك ان تطالب بأي ثمن،
لأنني قمت بكل ما يلزم
و
قمت بتوقيع الكتب بيدي
موجهة اليك
واعتقد ان الكتب قد ضاعت في مكان ما، في مكتب ما،
انها النسخ الخاصة المكتوبة على "ورق كبير" وقد أرسلتها اليك، ولكن اكرر لك ان هذا الأمر حصل منذ ثلاثة اسابيع اذاً هناك من سلبك اياها وعليك ان تقوم ببعض الترتيبات للبحث عنها والمطالبة بها، وأقول هذا ليس بسبب "الاحساس" بالملاحقة كما يقال لي دائماً انما اشعر انه هناك ثمة مؤامرة علي في هذه المرحلة ويمكن ان يترتب عليها بعض الانعكاسات.
اما قضية "راديو ـ ايميسيون" فهي مزرية. فكان يمكن للنص ان يظهر في مجلة "كومبا" ولكن هكذا فلن نسمع الأصوات، او انغام آلة الكزيلوفون، ولا الصراخ، ولا ضجيج الحناجر وصراخها ولا كل ما يصدر ويؤلف أخيراً النص النهائي لما قدمنا في "مسرح لاكرويوتي". هذا الأمر بمثابة النكبة بالنسبة لي.
اليك من كل قلبي.
(انطونان ارتو).
السيد جان بولهان
"ايري سورسين"
12 شباط 1948
صديقي العزيز
يرسل الي السيد دوشيز كل شهر
20 ألف فرنك
ويدفع الى بيت الصحة
15 ألفاً
ومجموع هذا 35 الفاً
بالاضافة الى القليل الذي يبقى لي فأنا أجد أن المبلغ ضخم.
يجب أن يدفع ايضاً ثمن اقامتي في بيت الصحة حتى تاريخ 15 آذار،
الى حين رحيلي الى "الميدي"
وتعرف انني استأجرت ودفعت مسبقاً ايجار منزل في الانتيب لمدة ثلاثة أشهر.
من ناحية ثانية، الدكتور موندور نصحني بالقيام بهذا السفر. ستطلب اذاً من السيد دوشيز ان يرسل لي الى "الأنتيب" حوالي 30 ألف فرنك شهري ومن ضمن هذا المبلغ مصروف الجيب.
وسأحاول، ما أن أجد نفسي هناك، ان اخفف من مصاريفي، وأن أعيش على الأقل بالمردود الذي يعود الي من مبيع كتبي. وأنت تعلم انه عندي بعد حوالي 50 ألف فرنك علي أن أقبضها كحقوق مؤلف على كتبي: "ان غوغ" و"آرتو لومومو" و"هنا يرقد"، ولدي ثلاثة كتب عندهم مازالت تحت الدرس للطباعة: "تهريب الهيرويين في مونمارتر" و"24 رسماً لاغتيال السحر" و"إبادة السحر" و"خدام وتوسلات".
كل هذه الكتب ما زالت بين ايدي المخرج الفني او تحت الطبع. هل ترى أنني صرت اكسب عيشي حالياً من عملي. وقد أرسل لي الراديو أيضاً مبلغ 25 ألف فرنك. "آسف" لأن البرنامج لم يعرض. كنا رأينا وسمعنا ما يمكن ان يسمى "مسرح القسوة" ليس لي حظ في هذا الموضوع.
اليك من كل قلبي.
(انطونان ارتو)
التعليقات