أكثر الأمثلة ملائمة للعلاقة المتوترة دائماً بين بعض النقابات المهنية والحكومة هو ذلك المثل الاردني القائل : «ضربني وبكى وسبقني وإشتكى» فهذه النقابات الملتـزمة بأجندة حزب «الاخوان المسلمين» والتي تنفذ سياسات هذا الحزب الداخلية والخارجية تتقصد دائماً وبإستمرار التحرش بالدولة ، وليس فقط بالحكومة ، ثم ولدى أي رد فعل فإنها تبدأ بالصراخ وتدب الصوت وتأخذ بالولولة والبكاء على حقوق الانسان المعتدى عليها والحريات المسفوحة .
المفترض انه لا علاقة للنقابات المهنية لا بصور الاسرى ولا بصور الشهداء فهذه مسألة تتولاها الاحزاب ومن أراد ان يكون زعيماً سياسياً وليس قائداً نقابياً مهنياً فبإمكانه ان يبحث عن ضالته في دوائر الاحزاب السياسية وليس في مجمع النقابات المهنية الذي يجب ان لا يأخذ دور النقابات وأدوار الاحزاب السياسية في الوقت ذاته .
والمفترض ، في حال التغاضي عن هذه المسألة ، أن لا يقتصر رفع وتعليق الصور ، على شهداء حركة «حماس» وحدها فهناك شهداء من جميع الفصائل الفلسطينية وهناك أسرى لكل التنظيمات ثم ، وهذا يجب ان يعرفه التيار السياسي المسيطر على بعض النقابات المهنية ، هناك شهداء للجيش العربي لاتزال مراقدهم في أرض فلسطين ولابد من رفع صورهم الى جانب صور الشهداء الآخرين .
لو ان الحكومة ، وذراعها هو وزارة الداخلية ، تريد اعلان حـرب على النقابات المهنية ، كما تقول الصحيفة الناطق بلسان التيار المسيطر على هذه النقابات ، وهي نقابات حولها هذا التيار الى «إقطاعيات» للمحازبين وأقاربهم ، لبادرت ومنذ فترة بعيدة الى فتح الملفات المحشوة بالمخالفات والتعديات حتى على حقوق أعضاء هذه النقابات ولألزمتها بقوة القانون إما ان تكون نقابات مـهنية لا شأن لها بأمور السياسة وإما ان تكون أحزاباً سياسية لا تتعدى على دور النقابات .
ليعلم الذين يحاولون الصيد في المياه العكرة أنه لا فرق بين وزارة الداخلية والحكومة وأن القرار قرار واحد وهو قرار ملزم لكل أجهزة الدولة ومؤسساتها وليعلم الذين بدأوا بالولولة والصراخ للتغطية على تجاوزاتهم ومخالفاتهم ان الخطوة التي لابد منها والتي ستخطوها الحكومة ذات يوم ، إذا بقي التيار السياسي المهيمن على بعض النقابات المهنية مستمراً بسياسة المشاغبة والتوتير وإفتعال الازمات ، هي إعادة جمعية المركز الاسلامي الى بيت الطاعة وإخضاع كل فروعها بما في ذلك المستشفى الإسلامي للمراقبة والمحاسبة الرسمية ودفع الضرائب أسوة بالمستشفيات الأخرى .
لا يمكن إستمرار أوضاع هذه النقابات على ما هي عليه ولا يمكن ان يستمر «الدلال» السابق الذي أوجبته ظروف غير هذه الظروف فأوضاع المنطقة وإستحقاقات المرحلة الخطيرة المقبلة تقتضي وضع حدٍ لكل هذا الفلتان وتقتضي ان تكون النقابات نقابات للمهنة فقط والأحزاب أحزاباً سياسية في حدود القانون ولعل ما يجب ان يقال لعقلاء الاخوان المسلمين ، الذين تنفذ بعض هذه النقابات سياساتهم وتعليماتهم وإرشاداتهم ، يجب ان لا تدفعوا الأمور الى نقطة اللاعودة فبيتكم من زجاج ولا تضطروا الحكومة الى إتخاذ الخطوة التي بقيت مترددة في إتخاذها .
كل دول الإقليم تغبط الاردنيين على هذه البحبوبة الأمنية وكل شعوب هذه المنطقة تتمنى لو انه يتوفر لها ما يتوفر للشعب الاردني ولذلك فإننا نستحلفكم بالله وبرسوله وبالقرآن الكريم وبكل أولياء الله الصالحين ان تصونوا هذه النعمة وان لا تتركوها فريسة لذوي النوايا السيئة وللمتطرفين الذين ينفذون سياسات وتوجهات لا علاقة لها بهذا البلد ومصلحة شعبه والمثل يقول : «إن مجنوناً رمى حجراً في بئر لم يستطع ألف عاقل إخراجه منها» !! .