أسامة العيسة من القدس: اختلف الإسرائيليون والفلسطينيون حول حقيقة مرض ياسرعرفات، رئيس السلطة الفلسطينية، ولكنهم اتفقوا على أن أصل الداء بالنسبة لعرفات هي المعدة.فالمصادر الإسرائيلية الرسمية سربت لصحافتها بان عرفات يعاني من سرطان في المعدة، فيما اعلنت المصادر الفلسطينية أن عرفات يعاني من نزلة برد شديدة، ثم غيرت من روايتها قليلا على لسان الدكتور صائب عريقات وزير شؤون المفاوضات والمقرب من عرفات حين قال أن عرفات مصاب "بنزلة برد على المعدة".وربما لم يوفق عريقات في اختيار اسم المرض، إلا انه جاء لتبرير اجراء عملية منظار لعرفات في المعدة.

حقيقة المرض

حالة عرفات الصحية غير خافية على أحد منذ سنوات ، وأي شخص يلتقي عرفات لأول مرة يدرك انه أمام رجل مريض، شاحب ومصفر الوجه، ولكن عرفات نجح في التغلب على أمراضه بالعمل لساعات طويلة وبإصراره على أن يكون في مركز العمل الفلسطيني، وخلال السنوات الماضية كان عرفات عندما يحضر بعض المناسبات العامة يكلف مقرب منه بإلقاء خطاب ارتجالي نيابة عنه، ويقف الخطيب بينما يبقى عرفات جالسا يستمع، ويكرر الخطيب الكلمات المعهودة التي يكررها عرفات في كل خطاب له.

وعندما يقرر عرفات أن يخطب، فهو لا يضجر من تلقي كلمات التذكير من مستشاريه الذين يقفون خلفه، وهذه ليست ظاهرة جديدة بالنسبة إليه، ولكنها رافقته في أوج قوته عند تأسيس السلطة الفلسطينية، ولكن الأمر تفاقم فاصبح في كل مؤتمر صحافي يتحدث بينما يقف صائب عريقات أو الطيب عبد الرحيم أو نبيل أبو ردينة خلفه يذكره بالكلمات التي تغيب عنه.والمثير أن ذلك لم يضعف عرفات، فبقي متسكا بمفاصل العمل الداخلي الفلسطيني.

وجاء مرضه الأخير ، ليختلف عليه الفرقاء، مثلما اختلفوا على سياسته، الرئيس المصري حسني مبارك أرسل فريقا طبيا لمعاينة عرفات، نفذ المهمة مع فريق فلسطيني، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، أرسل فريقا متخصصا لمعاينته، والمقربون من عرفات يصرون انه يعاني من نزلة برد حادة والإسرائيليون يتحدثون عن مرض خطير.

فصلاح التعمري وزير الرياضة والشباب الفلسطيني، قال انه تناول طعام الإفطار مع عرفات أول أمس، ولم يكن خافيا على الحضور أن عرفات يعاني من نزلة برد.وأضاف التعمري "لا يتوجب أن يكون الشخص طبيبا ليعرف عوارض نزلة البرد".

وخاض التعمري نقاشا مع عرفات حول علاج نزلة البرد وأهمية الأعشاب لذلك مثل شرب البابونج أو غير ذلك.ويشير التعمري أن أحد الشيوخ المتدينين المقدسين حضر الإفطار وحاول أن يقرا آيات من القران الكريم وأدعية على راس عرفات.

ورغم ذلك، ووفقا لرواية التعمري فان عرفات أكل بشكل طبيعي و تناول الخضار والتمر والشوربة والقطايف وغير ذلك.وقال التعمري انه لا يجب إغفال الظروف التي يعيش فيها عرفات، فهو محتجز في مكان غير صحي ويعمل فترات طويلة وهذا لا يساعد على الشفاء.

لماذا الاهتمام؟

وهذه ليست المرة الأولى التي يمرض فيها عرفات، ولكنها الأكثر إثارة ومتابعة من أطراف عديدة، عملت أو رغبت في خروج عرفات عن المسرح، فإسرائيل مثلا نجحت في عزله وأميركا فرضت منصب مستحدث على تقاليد العمل الفلسطيني هو رئيس الوزراء لتجاوز عرفات، وكثير من الأوساط الفلسطينية حتى من المقربين إليه يرون أن وجوده اصبح عقبة في عمليات الإصلاح الداخلي أو في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

وهذا جعل مراقبون يطلقون على مرض عرفات وصف "مرض سياسي" على غرار مرض ديبلوماسي، فالمرض الديبلوماسي يستخدمه الزعماء لإيصال رسائل معينة بكثير من اللباقة في أحيان كثيرة، أما الاهتمام بمرض عرفات، بغض النظر عن حقيقته، فهو يعكس الأهواء السياسية للمهتمين، كل من وجهة نظره ومصالحه.

وحسب هؤلاء فان عرفات مريض سياسيا منذ سنوات، وتعمق المرض بعد سنوات الحصار الإسرائيلي والإقصاء الأميركي، وبعد الفشل في إيجاد بديل له، رغم الجهود الهائلة التي بذلت في ذلك، وهذا سر الاهتمام الزائد بالمرض الذي ربما يكون عارضه نزلة برد أو سرطان.