أسامة العيسة من القدس: من المتوقع أن يؤدي غياب عرفات، عن المشهد السياسي الذي كان في صدارته طوال أربعين عاما، إلى تغييب عدد من رجاله، الذين بدأ يطلق عليهم في الشارع الفلسطيني منذ مرض عرفات الأخير (أيتام عرفات). وابرز هؤلاء ما يحملون صفات (مستشارين) له رغم أن معظمهم لا يمارس عملا محددا في أجهزة السلطة ومنظمة التحرير.

وتوقع محمد رشيد المعروف باسم خالد سلام، مستشار عرفات الاقتصادي، في لقاء تلفزيوني، أن يأتي الزعيم الجديد الذي يخلف عرفات برجاله ومستشاريه الذين يرتاح في التعامل معه، حسب تعبير سلام الذي تعرض خلال وجوده بجوار عرفات إلى انتقادات ليس فقط من الشارع الفلسطيني ولكن أيضا من مسؤولين في السلطة مثل جبريل الرجوب الذي وصفه في تصريحات علنية بأنه "طفل أنابيب".

ولا يعرف أحد ما هو عدد من يحمل صفة مستشار عرفات، ولكنهم يعدون بالعشرات وينقسمون إلى ثلاثة أقسام رئيسة، أولها من كان يؤدي مهام يكلفها به عرفات لأسباب تتعلق به، وعادة ما تفوق هذه المهام، مهام قياديين في حركة فتح أو منظمة التحرير مثل خالد سلام الذي أوكل له عرفات إدارة مشاريع اقتصادية للسلطة مثيرة للجدل، لم يكشف عنها جميعها بعد وأيضا مهام سياسية في ظروف حساسة، وكان صانعا لبعض هذه السياسات.

ومن هذه الفئة أيضا نبيل أبو ردينة الذي رافق عرفات، بإخلاص، وكان بمثابة الملقن له والذي يمده بالكلمات التي تغيب عنه في الخطابات والمؤتمرات الصحافية.
أما الفئة الثانية من المستشارين، فهم الذي اعتمد عليهم عرفات في مراحل محددة لعبوا فيها أدوارا بتوجيهه وعندما انهوا تلك الأدوار، التي استمرت أحيانا لسنوات، وضعوا على الهامش محتفظين بألقاب المستشارين ومثل هؤلاء بسام أبو شريف الذي انشق عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان ممثلها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصبح مقربا لعرفات، ونفذ مهام كلفها به عرفات ورافقه طوال سنوات، حتى اصبح دوره هامشيا.

وكذلك الدكتور احمد الطيبي الذي اصبح عضوا في الكنيست الإسرائيلي ولكنه بقي على علاقة وثيقة مع عرفات.

والفئة الثالثة من الذين يحملون صفة المستشرين تضم أشخاص متنوعين، فبعضهم منح هذه الصفة ليكون له وضع وظيفي يتلقى بموجبه راتبا ثابتا، والبعض الآخر منح هذه الصفة لأسباب تتعلق بالمجاملة والاحتواء، والبعض الثالث منح هذه الصفة إرضاء لحلفاء عرفات في الفصائل الأخرى.

ومن هؤلاء عبد الفتاح غانم مستشار عرفات لشؤون المخيمات الذي غضب منه عرفات واعتقله لعدة شهور، وعماد شقور مستشار عرفات للشؤون الإسرائيلية والذي أثار غضبا مؤخرا عندما صرح للإذاعة الإسرائيلية بان مرض عرفات، هو مرض خطير، وقال الطيب عبد الرحيم بان شقور ليس مستشارا لعرفات.
ورغم العدد الكبير للمستشارين إلا أن كل واحد منهم يحمل صفة محددة لنوعية الاستشارة التي عادة لا تتم.

وهناك من يحمل صفة مستشارا لشؤون العشائر وللبلديات وللاجئين وللأعلام وموضوعات لم يعرف أن عرفات أبدى اهتماما بها مثل صفة مستشار (لادب الأطفال العربي).
وأدى الفراغ الذي يعيشه بعض المستشارين إلى إقدامهم على تأسيس أحزاب مثل بسام أبو شريف الذي يترأس ما يعرف باسم حزب فلسطين الديمقراطي وعبد الفتاح غانم الذي أسس حزبا باسم الميثاق، وآخرين أسسوا أحزابا إسلامية وعلمانية نشاطها لم يتعدى مكاتبها التي تدفع أجرتها من أموال السلطة، والبيانات التي ترسلها هذه الأحزاب إلى الصحف عبر أجهزة الفاكس.

وعمل بعض هؤلاء طوال السنوات الماضية تحضيرا لهذه اللحظة، فامنوا أنفسهم ماليا وامتلكوا عقارات أو اخذوا إكراميات كبيرة من عرفات.
ومع ذلك من المتوقع أن يقاوم هؤلاء رياح التغيير الطبيعية حتى آخر لحظة، وبعضهم يحاول إقامة تحالفات مع أمراء الأمن مثل خالد سلام الذي يقول بأنه الذي أجرى المصالحة بين محمد دحلان وزير الداخلية السابق وعرفات، وهو من اقنع عرفات لإدراجه ضمن الوفد الذي رافق عرفات في رحلته الأخيرة إلى باريس.