أسامة العيسة من القدس: عقد العميد رشيد أبو شباك ، مدير الأمن الوقائي في قطاع غزة، يوم السبت الماضي مؤتمرا صحافيا، أعلن فيه حل فرقة الموت التابعة للجهاز والتي تسمى رسميا (دائرة حماية أمن الشخصيات).

ولا يتوقع أن يغير القرار شيئا في مصير ضحايا هذه الفرقة والتي كان أخرهم المواطن عاهد بسيسو، لأنه انتقل إلى العالم الأخر، بطلقات احد أفراد الفرقة.
وأشار أبو شباك، الذي التقى الصحافيين في مكتبه، باستظراف، إلى التسمية الشائعة عن هذه الدائرة وهي (فرقة الموت) معترفا بتجاوزاتها ومعلنا انه يتحمل المسؤولية عن أي تجاوزات قانونية وأخلاقية لهذه الفرقة.

وقال أبو شباك أن قرار حل فرقة الموت يعكس حرص جهاز الأمن الوقائي على الالتزام بالقانون وحماية المواطنين الفلسطينيين. وإذا كان إعلان أبو شباك في مؤتمره الصحافي هدف إلى طي ملف فرقة الموت وربما سيحول دون أجراء تحقيق مستقل في الاتهامات التي توجه لها، فانه من المستبعد أن ينجح المؤتمر الصحافي في محو ما ينسب لهذه الفرقة من تجاوزات وتعديات وسمعة سيئة، من ذاكرة الشارع الفلسطيني.

وسارعت الفصائل الفلسطينية إلى تثمين قرار حل هذه الفرقة مثل حماس والجبهة الشعبية، مع التأكيد على أهمية أن يتبع الخطوة خطوات أخرى لحل كافة الفرق المشابهة والتي أطلقت عليها الجبهة الشعبية (مؤسسة المرافقين) التي تعدت على القانون والناس.

في حين يقول مواطنون بان الأمر لا يتعلق بفرقة موت واحدة ولكن بفرق متعددة للموت تتبع هذا المسؤول الأمني أو ذاك، ويختلف حجم كل فرقة وتتنوع من حيث سلاحها وتدريبات أعضائها وأهمية المسؤول الذي تتبعه.

وقالت الجبهة في بيانها بأنه يجب "تفكيك كل أجهزة المرافقة التي أخذت على امتداد السنوات السابقة طابعاً شخصياً جعل منها في كثير من الأحيان جهازاً خاصاً يأتمر بإمرة المسؤول ولتحقيق مصالح وأهواء قياداتها المباشرة". وطالبت " بإزالة كل أشكال ومظاهر التعدي على الممتلكات العامة والخاصة التي تمت - ولا تزال- خلال سنوات طويلة من الفوضى والتعديات حتى يشعر المواطن بالأمان فعلاً، وحتى يصدق أن هذه الخطوة التي أعلنها العميد أبو شباك خطوة جدية فعلاً وستتلوها خطوات أخرى من كل من يعنيهم الأمر".

ولا يعرف إذا كان إعلان حل فرقة الموت سيفتح فعلا ملف حراسات المسؤولين ومرافقيهم وهل ستجبر على السير وفق قانون ونظام ومرجعية عامة.
وتوجه اتهامات لفرقة الموت بأنها استخدمت لتصفية حسابات خاصة، بين ما يطلق عليهم أمراء الأمن، مثلما حدث قبل نحو عشرة اشهر عندما اقتحم أفرادها مكتب مقر غازي الجبالي القائد السابق للشرطة واعتدوا عليه.

واتهم العاملون في الفرقة بأنهم خرقوا القانون وارتكبوا جرائم قتل لمصالح خاصة، ومن بينها ما وقع قبل نحو عشرة أيام.وحسب تقرير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فان أحد أفراد جهاز الأمن الوقائي (عضو في فرقة الموت) أطلق النار يوم الخميس (18/11) باتجاه الشاب عاهد زهير بسيسو (36 عاماً) من غزة، وأرداه قتيلاً.

ووفقاً للتوثيق الميداني للمركز، فإنه في نحو الساعة 7:30 مساءً، حضر أحد أفراد جهاز الأمن الوقائي يستقل سيارة من نوع "ميتسوبيشي" تابعة لجهاز الأمن الوقائي إلى ورشة لصيانة السيارات يملكها المغدور، وتقع أسفل منزله في شارع خليل الوزير في غزة. وكانت الورشة مغلقة، ونزل عاهد من منزله معتذراً عن عدم تمكنه من إصلاح السيارة، طالباً أن يصلحها في اليوم التالي، مع أنه يوم عطلة.

وذكر التقرير أن جدلا دار بين الطرفين، وصعد عاهد إلى منزله دون أن يصلح السيارة. إلا أن عضو فرقة الموت، الذي كان يحمل سلاحاً رشاشاً، ظل أمام الورشة واستدعى عدداً من الأفراد، وصلوا إلى المكان بسيارة تابعة لجهاز الأمن الوقائي أيضاً، وكانوا مسلحين بأسلحة رشاشة، ونزل عاهد مرة ثانية من منزله وتطور الجدل بين الطرفين، حيث أشهر عنصر الأمن الوقائي سلاحه، وصوبه باتجاه عاهد من مسافة قصيرة، وأطلق عليه النار فأصابه إصابة قاتلة، تبين لاحقاً أنها كانت في القلب. وحسب المركز الحقوقي فإن المتهم محتجز حالياً لدى جهاز الأمن الوقائي.
ووصف المركز فرقة الموت، بأنها مجموعة مسلحة تضم أفراداً ينتمون أو كانوا ينتمون لجهاز الأمن الوقائي، بعضهم كانت قد صدرت بحقهم أحكام قضائية على جرائم سبق أن اقترفوها، بما في ذلك أحكام بالإعدام لم يتم تنفيذها.

وتعتبر فرقة الموت إحدى تجليات مظاهر العسكرة، وانتشار السلاح، وسوء استخدامه بشكل غير مسبوق، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتعتبر فرق الموت المختلفة طرفا في الخلافات المسلحة بين الميليشيات المسلحة مثلما حدث في صباح يوم الخميس الذي قتل فيه المواطن بسيسو، ويشير الحادث إلى حقيقة الانفلات الأمني.
ووفقا للتوثيق الميداني للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فانه في نحو الساعة 10:30 من صباح يوم الخميس (18/11)، تجمع عشرات الشبان من عائلة عيسى وعدد من أنصار حركة فتح من محافظة الوسطى أمام سجن غزة المركزي مرددين شعارات تطالب السلطة الفلسطينية بإعدام قتلة محمد عبد الكريم عيسى، الناشط في حركة فتح، والذي قتل في ظروف الانفلات الأمني في وقت سابق.

وأشعل المتظاهرون إطارات السيارات، وتحولت التظاهرة إلى إطلاق نار كثيف، وإلقاء قنابل يدوية وقذائف (آر بي جي) باتجاه مقر السجن. ورد أفراد الشرطة بإطلاق النار أيضاً. واستمرت المواجهات لأكثر من ساعة ونصف الساعة، قبل أن يتم تهدئة الوضع من قبل الشرطة وقيادات حركة "فتح". وأصيب في هذه المواجهات 11 شخصاً (عشرة من أفراد الشرطة وأحد المدنيين) بالرصاص والشظايا. وسادت حالة من التوتر والخوف المناطق المحيطة بمكان الحادث، ووصف شهود العيان المشهد بأنه كان أشبه بساحة حرب.

وكان عيسى كان قد قتل في داخل مكتب تنظيم فتح في مخيم البريج في 12 تشرين أول (أكتوبر) الماضي، بعد أن اقتحم عدد من المسلحين المكتب وأطلقوا النار عليه وقتلوه ثم سلبوا سلاحه الشخصي ولاذوا بالفرار.

وفي وقت لاحق، وجهت النيابة العامة الفلسطينية تهماً لتسعة أشخاص على خلفية الضلوع في قتل المغدور ونهب سلاحه. وفي مثل هذا الانفلات الأمني تبقى أسئلة يعتبرها الشارع الفلسطيني مشروعة حول إذا كان حل فرقة الموت سيضع حدا لذلك الانفلات الذي عادة ما يدفع ثمنه أبرياء.