عبد الله الدامون من الرباط: هزت خمسة انفجارات العاصمة الإسبانية مدريد مساء اليوم (الجمعة) حوالي السادسة بالتوقيت العالمي، دون أن تسفر عن ضحايا. وذكر تلفزيون مدريد أن ثلاثة انفجارات هزت في البداية محطات بنزين وأسفرت عن خسائر مادية معتبرة، فيما حدث انفجاران آخران في مكانين مختلفين. وكان مجهول اتصل بصحيفة إسبانية محلية في العاصمة قبيل الانفجارات وهدد بأن قنابل زرعتها منظمة "إيتا" الانفصالية الباسكية وستنفجر في مدريد.
وهرعت العشرات من سيارات الإسعاف إلى أمكنة التفجيرات فيما أغلقت الشرطة المنافذ الحساسة المؤدية إلى داخل أو خارج العاصمة في محاولة لاعتقال الجناة. وحدثت أغلب التفجيرات في محطات بنزين تمتلكها شركة البترول والغاز الإسبانية العملاقة "ريبسول" التي تنافس كبريات شركات الغاز في العالم.
وفي الوقت الذي لم يصدر إلى حد الآن أي رد فعل رسمي من مستوى عال من جانب حكومة مدريد، فإن مراقبين لم يترددوا في اتهام منظمة "إيتا" الانفصالية الباسكية التي تطالب باستقلال بلاد الباسك (أقصى شمال البلاد) عن الحكم المركزي.
واستخلص مراقبون إسبان أن هذه التفجيرات تحمل "بصمات واضحة" لإيتا واستهدفت المس بأحد أكبر القطاعات الاقتصادية حيوية في إسبانيا وهي شركة "ريبسول" التي ارتفعت معاملاتها المالية بشكل كبير في الأشهر الثلاثة الأخيرة بعد ارتفاع أسعار البترول إلى أزيد من خمسين دولارا.
غير أنه لا يستبعد أن يتلكأ المسؤولون الإسبان قليلا قبل توجيه الاتهام المباشر إلى تنظيم إيتا بسبب الوقف التي اتخذته الشركة المستهدفة من الحرب على العراق حيث كان مجلسها الإداري من أكثر المتحمسين لشن الحرب على العراق من أجل جني أرباح اقتصادية، وهذا يعني، وإن بنسبة ضئيلة جدا، أن تتجه بعض الشبهات في البداية فقط إلى تنظيم "القاعدة".
ويبدو من خلال خطط التفجير أن المنظمة الانفصالية لم تستهدف أرواحا بقدر ما حاولت توجيه رسالة إلى الحكومة المركزية كونها ما تزال تحتفظ بكامل قوتها بعد الحملة التي شنتها عليها الحكومة في السنوات الأخيرة والتي جعلت بعض وسائل الإعلام تجزم بوفاة المنظمة عسكريا.
ولم تنفذ "إيتا" أية تفجيرانت منذ حوالي سنة، وخصوصا بعد التفجيرات الكبرى التي استهدفت في الحادي عشر من آذار (مارس) الماضي قطارات مسافرين في مدريد وخلفت حوالي مائتي قتيل والتي اتهم تنظيم "القاعدة" بتدبيره عقابا لحكومة مدريد اليمينية على وقوفها إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية في غزو العراق.
ومن المنتظر أن تعيد هذه التفجيرات الجدل مجددا إلى المجتمع الإسباني حول مسألة القوميات ومطالب الانفصال التي تقودها على الخصوص منظمة "إيتا" في الشمال، إضافة إلى أحزاب سياسية تطالب بدورها بانفصال أقاليم معينة مثل كاتالونيا وغاليسيا وبلنسية وجزر الخالدات (لاس كانارياس).