رغم وقوع 700حادث مروري وتضرر عشرات الأبنية
بساط ثلجي أبيض يزيد تفاؤل الامارتيين بخليفة

بهاء حمزة من دبي: رغم وقوع ما يقرب من سبعمائة حادث مروري خلال يومين فقط كلها في دبي وهو رقم قياسي عالمي يستحق التسجيل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية خلفت قتيلا واحدا وعدة مصابين، ورغم الأضرار المتراوحة بين المتوسطة والبالغة التي لحقت بالعشرات من الأبنية الشعبية (وهي منازل من دور واحد تبنى دون أساس خراساني أو أعمدة وتخص المواطنين متوسطي الحال) والمدارس النائية، ورغم انخفاض درجة الحرارة إلى اقل من عشر درجات في واقعة مناخية لم تشهدها أجيال إماراتية بالكامل في دلالة واضحة على ندرتها..رغم كل ذلك إلا أن اغلب الإماراتيين يتعاملون مع موجة الصقيع التي تضرب بلادهم هذه الأيام والتي انخفضت بدرجة الحرارة إلى اقل من عشر درجات مئوية بتفاؤل شديد معتبرين أن البرد الشديد والأمطار الغزيرة التي تصاحبه اللذين لم يحدثا منذ نحو خمسة عشر عامًا بشرى جيدة لهم بالعهد الجديد مع الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي تولى أمور البلاد قبل اقل من شهرين وبدأ عهده بأداء صلاة استسقاء ويقتنع العديد من الإماراتيين بأن الأمطار الهائلة التي تهطل على البلاد هذه الأيام تمثل استجابة القدر لها.

والطريف أن هذه الروح في التعامل مع الأمطار وموجة الصقيع تسيطر على تغطية الصحف المحلية لها إذ لا تزال الأمطار تتمتعبالتغطيات الإخبارية بلقبها المعتمد إماراتيا منذ زمن طويل وهي أمطار الخير وهو أمر يجده بعض الوافدين الجدد في البلاد غريبا أن تذكر الصحف حجم الحوادث المرورية وعدد الأبنية التي تضررت بفعل "أمطار الخير" إذ كيف يمكن لكل هذا الأذى أن يكون خيرا!!! لكن هؤلاء يرد عليهم أهل الإمارات القدامى بان الأمطار هي وسيلة الري الوحيدة للمزروعات وان من عاش تجارب الجفاف لسنوات طويلة يعرف قيمة المطر، أما الأذى فهو ناتج عن أصحابه سواء سائقي السيارات غير الحذرين أو الذين يبنون أبنية هشة طمعابالتوفير.

ومن المفارقات المضحكة بالفعل أن إحدى الصحف المحلية نشرت ضمن تغطياتها لأخبار المطر تلك الفقرة
"هطلت أمطار الخير بغزارة على إمارة الفجيرة والمنطقة الشرقية، واستمر هطول الأمطار من الساعة الثانية عشرة حتى ساعات الصباح الأولى وانقطع التيار الكهربائي عن إمارة الفجيرة أكثر من 4 ساعات متواصلة وأرجع المسؤولون في هيئة الكهرباء أسباب الانقطاع لعوامل فنية وأمنية خاصة مع تزايد سقوط الأمطار واشتداد الرياح في كل المناطق".

وصاحب هذه الظواهر "المبشرة" أصوات الرعد والبرق في كل مكان، مما دفع هيئة الكهرباء والماء في الفجيرة إلى قطع التيار الكهربائي عن المدينة تجنباً لوقوع حوادث قد تؤدي لوقوع حرائق بسبب الكهرباء".

والطريف كذلك قناعة العديد من الإماراتيين بأن الموجة الحالية التي يفسرها رجال الأرصاد الجوي بأنها ناتجة عن منخفض جوي قادم من السعودية وتمركز لعدة أيام في المنطقة الواقعة بين قطر والإمارات منحة سماوية لرئيسهم الجديد الذي بدأ ولايته بأداء صلاة استسقاء تلاها بأداء العمرة خلال زيارته للسعودية مطلع الشهر الجاري وهي قناعة بناءة رغم كونها مسألة معنوية بحتة إذ أن الشيخ خليفة يؤدي صلاة الاستسقاء بصفته ولي عهد أبو ظبي منذ سنوات طويلة سواء مع والده الراحل الشيخ زايد أو بمفرده خلال السنوات الأخيرة التي اشتد فيها المرض على الرئيس الراحل، ويعتبر الإماراتيون الذين لا يعدم اغلبهم الحجة على صحة فرضيتهم أن هذه الأمطار الغزيرة التي ملأت آلاف الخزانات والسدود الجوفية التي كان الشيخ زايد قد أنشأها خلال سنوات حكمه للاحتفاظ بمخزون المطر تحسبا لسنوات الجفاف بشرى خير من الله عز وجل لرئيسهم الجديد ودلالة على أن الخير والنماء مستمران في البلاد التي عوضها الله بخليفة عن زايد.

على الجانب الآخر كان أصحاب محال الملابس الجاهزة ضمن قائمة السعداء بالموجة الباردة وان لم تنبع سعادتهم من نفس السبب وإنما لان الصقيع غير المعتاد دفع الآلاف ممن اعتادوا على الأجواء الدافئة في الإمارات على شراء معاطف وملابس ثقيلة تفتقدها خزانات اغلب الأسر هناك كونها أشياء زائدة عن الحاجة أو أشياء لا لزوم لها بمعنى أدق، وكان لافتا للنظر ارتداء بعض السائرين في الشوارع معاطف ثقيلة وأغطية صوفية للرأس مثل تلك التي يرتديها الأوروبيون بينما يسير إلى جوارهم آخرون لا يزالون يرتدون ملابسهم الصيفية المعتادة وكأنهم غير مصدقين للبرد الذي ضرب البلاد أو أن حالة من الذهول تجعلهم لا يشعرون بالبرد القاتل.
من الناحية العملية تراوحت الخسائر والمشاكل التي سببتها "أمطار الخير" في الإمارات السبعة حسب كل إمارة واستعدادها لمثل هذا الحدث الاستثنائي جدا في تاريخ الدولة إذ لم يشعر سكان أبو ظبي بأي مشكلة من أي نوع بسبب توافر العديد من بالوعات تصريف الأمطار في الشوارع حتى أن سجلات المرور هناك لم تسجل وقوع حادث واحد نتيجة المطر. أما في دبي التي أحسنت تجهيز شوارعها لكل شيء إلا للتعامل مع الأمطار الغزيرة فقد عاش سائقو السيارات معاناة ملحوظة خلال اليومين الماضيين بسبب امتلاء الشوارع ببرك المياه ونتج عن ذلك وقوع ما يقرب من سبعمائة حادث مروري خلال يومين، وزاد الحال سوءا في بقية الإمارات التي تفتقد شوارعها من الأساس للصيانة في الأحوال العادية فما بالك بها في ظروف استثنائية مثل الأمطار الغزيرة، إلا أن كل الخسائر (وهي مركزة في السيارات والأبنية) لم تكن لتحول الإماراتيين ولو لسنتيمتر واحد عن قناعتهم الراسخة في أمطار الخير التي يعتبرونها رسالة من السماء إليهم بأن يطلقوا العنان لأحلامهم وتفاؤلهم بالعهد الجديد.