نصر المجالي من لندن: علمت "إيلاف" من مصادر دبلوماسية قريبة من اجتماعات دول جوار العراق أن البيان الختامي لوزراء خارجية هذه الدول الست إضافة لمصر والبحرين وممثل الأمم المتحدة في العراق، تجاوز أية خلافات على التعبيرات التي كان يتوقع أن تخيم على مجمل المداولات أو تثير حساسية لبعض الأطراف، وخصوصا سورية وإيران اللتين كانتا تتحفظان إلى اللحظة الأخيرة على مبدأ الاجتماع لكنهما شاركتا في اللحظة الأخيرة.
ورأت المصادر الدبلوماسية أن مؤتمر دول الجوار وجه رسالة ضمنية للسنة في العراق تؤكد على ضرورة مشاركتهم في الانتخابات "والذهاب إلى صناديق الاقتراع حيث إجراء كهذا يخدم الأهداف السامية في بناء عراق مستقل وموحد وقوي بمساهمة من جميع أبنائه وبناته وطوائفه ومختلف طوائفه وأعراقه".
واعتبرت المصادر أن اجتماع عمان الذي سيكون هو الأخير قبل الانتخابات العراقية المقررة في الثلاثين من الشهر الجاري، هو الأسهل والأبسط من نوعه مقارنة بالاجتماعات الستة السابقة، كونه يتناول قضية واحدة هي "توجيه الدعوة لجميع العراقيين بالتوجه إلى صناديق العراق لانتخاب ممثليهم في المجلس الوطني الذي يتعين عليه انتخاب حكومة جديدة ووضع دستور سيطرح للاستفتاء العام والشروع ببناء المؤسسات الدستورية والقضائية وصولا إلى بناء العراق القوي والقادر ليعود لممارسة دوره الفاعل على الساحة العربية والإسلامية والدولية".
وحملت كلمة وزير الخارجية الأردني هاني الملقي التي افتتح بها أعمال المؤتمر كثيرا من الإشارات والرسائل حول "ضمانات للسنة العراقيين بمستقبل واضح في المشاركة بقيادة بلدهم إن هم ذهبوا لصناديق الاقتراع، وعكس ذلك ستكون النتائج سلبية"، وكأنه يقول لهم باسم وزراء دول الجوار "ساعتها تتحملون أنتم مسؤولية إحجامكم عن المشاركة في الانتخابات".
كما أن اجتماع وزراء دول الجوار حمل رسالة تطمين إلى الولايات المتحدة وكذلك الأمم المتحدة والأطراف الدولية المعنية التي تخشى تدخل من بعض دول الجوار في الحال العراقي الداخلي وخصوصًا في الانتخابات.
وما علمته إيلاف هو أن البيان الختامي الذي تم الاتفاق عليه قبل اجتماع وزراء الخارجية خلال الاجتماع التمهيدي الذي استمر ساعات طويلة البارحة قد توصل إلى صيغة تؤكد على "دور العراق العربي" وهي جملة كانت تثير بعض التحفظات لدى بعض الأطراف العراقية، وكذلك تم الاتفاق على "دعوة الجميع من دول الجوار من دون استثناء إلى عدم التدخل في الانتخابات العراقية، و في شؤون العراق الداخلية".
وشارك في اجتماع اليوم الذي افتتحه الدكتور هاني الملقي في فندق الرويال، سيختتم بعد ساعات وزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا وسورية والكويت والبحرين والعراق ومساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية، حيث اعتذر وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي عن المشاركة، حيث فسرت أوساط دبلوماسية عدم مشاركته بمثابة احتجاج إيراني على تصريحات أردنية حول مقولة "الهلال الشيعي الذي تحاول إيران إقامته في المنطقة، وما يترتب على ذلك من أخطار".
وقالت المصادر الدبلوماسية لـ "إيلاف" إن دعوة وزراء خارجية دول الجوار للعراقيين بالتوجه للانتخابات المقررة ستعتبر بمثابة الدعوة الأخيرة "وإن أية جهة ستتخلف عن المشاركة ستتحمل وحدها مسؤولية قرارها".
وكان وزير الخارجية الأردني هاني الملقي قال في كلمته بافتتاح المؤتمر ان هدف اجتماعنا اليوم هو تمكين العراق الشقيق من تحقيق طموحه المشروع في الامن والاستقرار وفي بناء عراق موحد ينعم بالحرية والديمقراطية وسيادة القانون والرفاه الاقتصادي والاجتماعي في ظل حكومة منتخبة تخدمه وتسهر على امنه وتعمل ضمن اطار ولاية واضحة يمنحها العراقيون لها بموجب دستور جديد يختاره الشعب العراقي ليلبي تطلعات كل ابنائه وبناته.
وقال .. تلك هي طموحات الشعب العراقي التي نتمنى له تحقيقها لينعم بالحرية والتقدم والازدهار واما طموحاتنا فهي ان يتمكن العراقيون من كل ذلك ليس لان فيه خيرا للعراقيين وحسب بل لاننا نتوسم في ذلكالخير لبلادنا ولشعوبنا ايضا فلاشك عندي ايها الزملاء الكرام في ان عراقا مستقرا وامنا ومزدهرا سيرفد جهدنا للمضي قدما في تعزيز المشاريع النهضوية التي نحن جميعا بصددها وليتمكن من استعادة دوره التاريخي على الساحة العربية.
واضاف :ولأن هذه نظرتنا للعراق ولان هذه هي الامال المعقودة على استعادته لعافيته فاننا في الاردن لن نألو جهدا في دعم كل ما من شانه تحقيق طموح شعبه في حياة امنة ومطمئنة يكون صاحب السيادة فيها الشعب العراقي نفسه كما اننا لن نبخل ولن نتوانى عن الاسهام بكل ما من شانه تعجيل وصوله الى شاطئ الامان والبقاء فيه.
وقال الملقي لذا وفي نفس الوقت الذي قمنا فيه بفتح اذرعنا وصدورنا لعودة العراق ليتبوأ موقعه في الجامعة العربية التي كان هو اصلا من مؤسسيها قمنا ايضا بدعم وتشجيع جهود الحكومة العراقية المؤقتة في اعادة بناء الجسور او فتحها مع الدول العربية والاسلامية والعالم ومن ناحية اخرى ساهمنا وما زلنا نساهم في تمكين الحكومة المؤقتة من بناء قدرات العراق الذاتية لاعادة الامن لكافة ارجائه.
وتابع القول "وبهذا الصدد فاننا نرحب بتوسيع دائرة التعاون الدولي والاقليمي تجاه تمكين الحكومة المؤقتة من اتمام دورها المرحلي والمحدد والذي يتضمن بطبيعة الحال اجراء الانتخابات العامة في كافة ارجاء العراق في الموعد المحدد لها بنهاية الشهر الجاري بمشاركة كل العراقيين وبما يتماشى مع ما جاء في قرار مجلس الامن رقم "1546.
واضاف وزير الخارجية الأردني ولا يسعني في سياق الحديث عن الانتخابات العامة الا ان اؤكد على اهمية هذه الفرصة الذهبية السانحة لكل عراقي وعراقية لكي يسهموا عمليا في وضع العراق على الطريق القويم لبناء دولة القانون واعادة الامن والاستقرار اليه وللتعجيل في تمكين العراق من الامساك بزمام كل اموره وشؤونه الداخلية والخارجية ولا شك ان العراق ينتظر من ابنائه ان ينهضوا به من هذا الوضع الذي نشهد الى الوضع الذي يستحقه من حرية وديمقراطية وامن وازدهار.
وقال انه مثلما نرحب بالمشاركة الاممية المتمثلة بمنظمة الامم المتحدة لتسهيل اجراء الانتخابات العامة وانتظامها فاننا نشيد بما اتفقت عليه حكوماتنا مؤخرا في الاجتماع الذي عقده وزراء الداخلية في طهران الاسبوع الماضي وهو اتفاق لا يقل اهمية عن دور الامم المتحدة والمجتمع الدولي في انجاح العملية السياسية في العراق حيث ان صيانة حدود دول الجوار مع العراق تعتبر من اهم مساهماتها في اعادة الامن والاستقرار الى العراق بحيث تمنع كل ما من شانه ان يثير القلاقل ويؤخر عودة الاستقرار الى العراق او يؤثر في القرار الحر للشعب العراقي.
واكد الملقي00 اننا في الاردن نرى بان نجاح الانتخابات العامة في العراق هو بمثابة بوابة جديدة لاعادة ارساء اسس الدولة العراقية الحديثة حيث تجد كل الاطياف فيه مجالا للتعبير الكامل عن الذات ضمن عراق واحد غني بتراثه العربي والانساني عهدنا به كما كان دوما عبر تاريخه الطويل عراق غني بتنوعه الفكري والروحي يستمد عزمه من امته العربية ويمد امته العربية والاسلامية بكل ما عرف عنه عبر تاريخه الطويل من ريادة وقدرة وكرم وانتماء.
وأشار الملقي في سياق الحديث عن الانتخابات العامة إلى أنه "ومع التزامنا الواضح والاكيد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق فاني ادعو من هذا المنبر كل فئات الشعب العراقي بشيبه وشبابه برجاله ونسائه للتوجه الى صناديق الاقتراع لاختيار من يرونهم اهلا لتمثيلهم ورسم مستقبلهم ولا اجد ضيرا في المزيد من التاكيد على اهمية مساهمة كل العراقيين في تحديد ورسم معالم مستقبلهم لان التقاعس عن ذلك سيترك الباب مفتوحا لغيرهم لاتخاذ القرار نيابة عنهم".
واستطرد يقول "في السياق ذاته لابد لي ايها الاخوة الزملاء من ان اؤكد على ضرورة أخذ الحيطة والحذر من الوقوع في فخ تسييس الدين فالاسلام قد صبغ ثقافتنا المتنوعة وميزها تمييزا واضحا بالتسامح وبقبول الاخر بغض النظر عن اللون او العرق او الدين وان تسييس الدين سيدخله في جدلية سياسية نحن وهو في غنى عنها هذا مع العلم بان العصر الذي نعيش فيه لا يتماشى مع تسييس الرسالات السماوية الروحية واننا لو تمكنا من تنزيه الدين عن التسييس وعن جدلية السياسة لاعدنا فتح الابواب له في هذا العصر الذي يشهد تسارعا ونموا في ادوات العولمة ويشهد في نفس الوقت حركة محمومة في كل بقاع الارض بحثا عن روحانية يسمو بها الانسان روحانية تحترم تنوعه وتسمو بانسانيته في ان واحد".
وفي الأخير قال الوزير الملقي "اسمحوا لي في نهاية هذه الكلمة ان افصح لكم عن قناعتي بان كل واحد منا قد حضر الى هذا الاجتماع وفي ذهنه نفس الهواجس ونفس التساؤلات الا وهي كيف نعزز الاستقرار في منطقتنا وكيف نعيد الى العراق عافيته وكيف نساهم في تحقيق الطموحات المشروعة للشعب العراقي ليلعب دورا بناء في منطقتنا واسمحوا لي ايضا بان اضيف بان لكل واحد منا رايا او مجموعة من الاراء تصب كلها في البحث عن كيفية تحقيق كل تلك الاهداف النبيلة او بعضها على الاقل ولكن الاختلاف في الراي لا يعني الاختلاف في التوجه".