تفاقمت أزمة المحروقات في العراق مع ظهور بوادر التذمر من طرق معالجة الحكومة الموقتة للأزمة في الشوارع خاصة في المناطق الشعبية ذات الدخل المحدود بعد ان قفز سعر النفط الابيض الى عشرة الاف دينار ومثله سعر قنينة الغاز السائل بعد ان كان يقل سعرهما عن الالف دينار (أقل من دولار) وسعر لتر البنزين الذي كان اقل من سعر لتر الماء المعدني 50 دينارا ارتفع الى حدود الالف دينار.
وهاجم مواطنون غاضبون عددا من باعة النفط الابيض الذين قال شهود عيان اتصلت بهم إيلاف انهم يتفقون مع موظفي محطات التعبئة الحكومية الذين يمتنعون عن بيع المحروقات للمواطنين المرابطين لايام على ابوابها. فيتم بيعه من ابواب خلفية لباعة العربات الذين يبيعونه للمواطنين بأسعار خيالية. وشهدت مدينة الصدر حسب الشهود عددا من الهجمات على باعة النفط الابيض وتم توزيعه مجانا على المواطنين، وهو مشهد اخذ يتكرر في اكثر من منطقة شعبية في بغداد.
وأضاف الشهود ان سائقي خزانات النفط الابيض والبنزين يتفقون احيانا مع باعة النفط والبنزين المتجولين في مكان بعيد عن الانظار ويفرغون حمولاتهم مقابل مبالغ طائلة مع اولئك الباعة ثم يطلقون النار على خزاناتهم ويزعمون بانهم تعرضوا لهجوم ارهابي وفقدوا الحمولة. وهي الحجة ذاتها التي يبيع بوساطتها سائقو شاحنات البنزين لمهربيه لدول الجوار المسمين بالبحارة.
وقد اتجه عدد من المواطنين المعدمين في العاصمة والمحافظات لحرق الاخشاب الجافة لغرض التدفئة وهو ما قد يتسبب بحرائق قد تودي بارواح المواطنين.

مظاهرة بالفوانيس

وفي محافظة كربلاء وميسانخرج مناصرون لمكتب الصدر في تظاهرة سلمية هذا اليوم يطالبون الحكومة العراقية بالاستقالة بسبب أزمة المحروقات.
وكان اكثر من مسؤول عراقي اعلن هذا الشهر ان أزمة المحروقات ربما ستستمر حتى بعد الانتخابات العراقية آخر الشهر الحالي بسبب الهجمات المتكررة على أنابيب نقل النفط ومحطات التصفية والتكرير.
ويعتمد جميع العراقيين على النفط الابيض والغاز السائل في الطبخ والتدفئة خاصة في الشتاء حيث البيوت غير مزودة بعوازل حرارية فيتم استهلاك كميات كبيرة من الوقود لغرض التدفئة بما في ذلك المباني الحكومية التي يفتقد معظمها لوسائل التكييف الحديثة خاصة المدراس والجامعات.
ويرى مواطنون عراقيون ان أزمة الوقود جاءت مكملة لأزمة الكهرباء حيث اصبحت معظم المدن تبدو كمدن اشباح ليلا بعد ارتفاع اسعار البنزين الذي يستخدم ايضا كوقود لمولدات الكهرباء المنزلية. ويلقي معظم العراقيين بالمسؤولية على الحكومة العراقية الموقتة في فشلها بمعالجة أزمتي الكهرباء والمحروقات التي يرى بعضهم انه مقصودة لحين انتهاء الانتخابات.

وعلى صعيد ذي صلة قال دبلوماسيون ان لجنة للمراقبة ابلغت مجلس الامن الدولي ان اسلوب ادارة اميركا لأموال النفط العراقي بعد هزيمة صدام حسين شابه ضعف بما في ذلك مشكلات في مراقبة انتاج النفط وعائداته.
وجاءت الانتقادات بعد اتهامات اعضاء من الكونغرس الاميركي بأن الامم المتحدة اساءت ادارة برنامج النفط مقابل الغذاء في عهد صدام حسين. وقال دبلوماسي من مجلس الامن الدولي اشترط عدم ذكر اسمه "هذه الثغرات (في ادارة اميركا للنفط) يجب اخذها في الاعتبار عند الحكم على ادارة برامج اخرى مثل النفط مقابل الغذاء."
وأطلع جان بيير هالبوشز الذي يرأس الهيئة الدولية للمشورة والمراقبة المكلفة بالاشراف على ادارة اميركا لنفط العراق مجلس الامن الدولي على هذه القضية في اجتماع مغلق.
وقال سفراء في مجلس الامن الدولي ان هالبوشز ناقش مشكلات مراقبة كمية النفط المنتج وكيفية انفاق العائدات وكيفية منح عقود غير تنافسية لشركة هاليبورتون التي كان يديرها في السابق ديك تشيني نائب الرئيس الاميركي. واضافوا ان هالبوشز استخدم مرارا كلمة "ضعف" لوصف المشكلات التي تكتنف ادارة اميركا للنفط العراقي.

واتهم مشرعون جمهوريون اميركيون الامم المتحدة بسوء ادارة برنامج النفط مقابل الغذاء الموقوف العمل به الان والذي كان يتيح للعراق في ظل حكم صدام حسين بيع النفط لشراء سلع مدنية للتخفيف عن العراقيين العاديين عبء العقوبات المفروضة على بلادهم بعد غزو الكويت عام 1990.
واعترف مسؤولون في الامم المتحدة بوجود مشكلات في برنامج النفط مقابل الغذاء وشكل كوفي أنان الامين العام للامم المتحدة لجنة لاجراء تحقيق مستقل في الموضوع.
وقال كولن باول وزير الخارجية الاميركي الاسبوع الماضي انه "سيتعين مساءلة (أنان) عن مشكلات سوء الادارة هذه."
وانشأ مجلس الامن الدولي الهيئة التي يرأسها هالبوشز لمراقبة ادارة الموارد الطبيعية للعراق اثناء الادارة المدنية الاميركية التي بدأت في نيسان (ابريل) 2003 وانتهت في حزيران (يونيو) 2004.
واتهمت الهيئة في السابق السلطة الموقتة للتحالف الذي تقوده اميركا بالتسيب في ادارة مليارات الدولارات من عائدات النفط العراقي والتحرك بفتور للحيلولة دون الفساد.
وطلبت الهيئة الدولية للمشورة والمراقبة الشهر الماضي أن ينتهي تدقيقا خاصا في حسابات كل اعمال شركة هاليبورتون غير التنافسية في بداية العام الحالي.
ورأس تشيني الشركة النفطية ومقرها ولاية تكساس بين عامي 1995 و 2000 واصبحت الكلفة المرتفعة لعقودها في العراق موضوعا مطروحا في حملة الانتخابات الاميركية