اعتدال سلامه من برلين: يبدأ المستشار الألماني غرهادر شرودر بعد ظهر اليوم زيارة رسمية إلى أنقرة حاملا بجعبته قضايا مهمة جدا وساخنة للبحث منها ما يتعلق بانتساب تركيا إلى الاتحاد الأوروبي والخطوات التي حققتها حكومة رجب اردوغان. لكن ما صرح به شرودر قبل سفره لصحيفة تركية يدل على أن اللقاءات لن تكون مريحة بالنسبة لأنقرة، فهو قال" من الضروري أن تحدث تركيا تغييرا لعقليتها من أجل جعل الإصلاح الديمقراطي من القضايا اليومية، ولا يجب التراجع عن الإصلاحات المتعلقة بأسس الحرية وحقوق الإنسان والأقليات .

وأضاف أيضا" إصلاح العقلية لا يجب أن يتم ليلا " وقصد بذلك ما أدخلته أنقرة من إصلاحات على دوائرها الحكومية وصفتها ببرلين بأنها خطوات ثقيلة. وذكر شرودر بأن المحادثات التي ستبدأ في شهر تشرين الأول( اكتوبر) القادم حول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي ستكون صعبة وطويلة جدا ومرتبطة بشكل كبير بمدى تحقيق أنقرة الإصلاحات المطلوبة لتتماشي مع معايير العضوية، ويجب وضع تنفيذها تحت المراقبة. وإلى جانب إجراء محادثات مع أردوغان سيشارك شرودر بمؤتمر اقتصادي تركي – ألماني، كما سيلتقي غدا بطريك الطائفة الأرثوذكسية في اسطمبول برتلوميوس الأول من أجل التحدث عن وضع المسيحيين في تركيا.

وتأتي اهمية زيارة شرودر لاسطمبول كون الاتحاد الأوروبي يصر على منح انقرة حرية لكل الطوائف منها الطائفة الأرثوذكسية ويربط هذا أيضا بأجراء المحادثات عن العضوية في شهر تشرين الأول( اكتوبر القادم) ، فبطريرك القسطنطينية هو راعي لأكثر من 330 مليون ارثوذكسي في كل العالم لكن تركيا لا تعترف بهذا الكرسي رغم تواجده منذ ألفي سنة في اسطمبول . وقد لا تمانع حكومة أوردوغان بهذا الاعتراف لكن عندها عليها الاعتراف بأقليات أخرى منها مسلمة أصوليه وهذا ما يرفضه الجهاز العسكري الذي مازال يشارك في صنع القرار من وراء الكواليس.

لكن حتى من الجانب التركي فالحماس للانتماء إلى الكتلة الأوروبية خف بشكل واضح. فبعد أن كان قبل عام أكثر من 70% تراجع إلى ما دون ال60 % عقب أدراك الأتراك الواجبات التي سوف تلقى على عاتقهم، فالبعض يشعر أن عليه التخلي عن الشعور بالقومية التركية وعن ما يسمى بالسيادة التركية للتظلل بالمظلة الأوروبية وبقوانينها مثل الخضوع لقرارات محكمة حقوق الإنسان بستراسبورغ التي تريد حاليا أن تعيد أنقرة الى نقطة البداية كمحاكمة رئيس الحزب العمال الكردستاني أوجلان المحكوم عليه بالاعدام دون تنفيذه بعد إلغائها هذا النوع من الأحكام، فالعديد من الأتراك لن يقبلوا بذلك. وقد يدركون هنا ان الالتحاق بالاتحاد الأوروبي ثمنه مرتفع جدا. وتقلصت اصلاحات الحكومة بما يتماشى وشروط العضوية في الآونة الاخيرة رغم ما انجزته تركيا مؤخرا من تعديلات مثل الغاء حكم الاعدام وحتى منح الحريات في بعض المجالات السياسية والاجتماعية ومنح الاقليات حرية التعبير والعمل حتى ولو باطر معينة. لكن مازالت امامها صعوبات كثيرة مثل الاعتراف الكامل بحقوق الاقلية الكردية والاعتراف بالقسم اليوناني من قبرص المجزأة.