القدس: لم تكن الساعة تجاوزت العاشرة مساء بالتوقيت المحلي، يوم الأحد (27/6/2004 )، عندما أضيئت الأنوار الحمراء في مكتب آفي ديختر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي الداخلي (الشاباك)، كما أضيئت في اكثر من مكتب لمسؤولي الدولة الكبار في إسرائيل ومن بينهم رئيس الوزراء آرييل شارون، الذي بدأ يتابع مع الآخرين ومن أبرزهم رئيس الشاباك ما يدور حينها في قطاع غزة.

كانت أخبار العملية الفدائية التي اتفق الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني على وصفها بالنوعية، متسارعة ولم يمض وقت طويل حتى تبين أن العملية تتعلق بتفجير نفق تحت معسكر لجيش الاحتلال قرب مفرق أبو هولي وسط قطاع غزة. وهي عملية استمر الإعداد لها، وفقا لكتائب شهداء القسام، شهورا، واستثمرت فيها المقاومة الفلسطينية أقصى خبرتها في تنفيذها وضمان السرية في الإعداد لها حتى موعد التنفيذ.

وفي حالات مثل هذا النوع، يجد رئيس الشاباك نفسه أو (أمير الظلام) كما كان يحلو للصحف الإسرائيلية وصفه عندما لم يكن يعلن عن اسمه رسميا مع أن الجميع في إسرائيل يعرف شخصيته، في موقف حرج، ويكون مطالبا بتقديم تبرير لفشل جهازه الاستخباراتي، خصوصا وان خلال السنوات الماضية بنى الشاباك، تحت قيادة آفي ديختر أسطورته على مزاعم انه افشل عشرات العمليات التفجيرية التي كان يخطط لها فلسطينيون، واصبح خبر وأد عملية يتصدر النشرات الأولى في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكان ذلك يعني بالنسبة لقطاعات واسعة بان جهازهم الاستخباراتي ما زال بخير.

ورغم أن جهاز الشاباك أحد اكثر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنظيما وبطشا وخبرة وقدرة في الوصول إلى الأهداف داخل المناطق الفلسطينية، فان عمليات نوعية نفذها المقاومون الفلسطينيون مثل تلك التي حدثت قرب مفرق أبو هولي، وعمليات أخرى كثيرة كشفت مكامن الخلل في هذا الجهاز وان لم تؤثر على صورته الأسطورية التي سعى لتسويقها خصوصا داخل الشارع الإسرائيلي، رغم أن أداءه خصوصا خلال انتفاضة الأقصى يكشف العكس.
وخلال أعوام الانتفاضة الأربعة الماضية غطى جهاز الشاباك على عجزه وصدمته من قوة وزخم الانتفاضة، بمزيد من أعمال البطش كان أبرزها عمليات الاغتيالات الواسعة وعمليات أخرى تندرج تحت ما يسميه الحقوقيون: عمليات الإعدام بدون محاكمة.

عندما اندلعت انتفاضة الأقصى كان يتولى المسؤولية الأولى في الشاباك آفي ديختر الذي جاء إلى مركز الرجل الأول في الشاباك في آذار 2000 خلفا لعامي أيلون الذي جاء إلى الشاباك ليرمم صورة الجهاز، بعد سلسة من الاخفاقات التي لا تغتفر بالنسبة للإسرائيليين والتي بدأت مع الاغتيال المروع لاسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي (5/11/1995 ) ثم العمليات التفجيرية التي هزت القدس وتل أبيب، والتي استدعت عقد مؤتمر دولي في شرم الشيخ بمشاركة الرئيس الأميركي بيل كلينتون وزعماء إقليميين.

وسبقه إلى تولي نفس المسؤولية كارمي غيلون ويعقوب بيري رئيس الشاباك الذي عمل في الجهاز سنوات طويلة بدأت بعمله موظفا في الأرشيف وانتهت بترأسه الجهاز مرورا بمسؤوليته عن مناطق فلسطينية ساخنة مثل نابلس والقدس، وبالإضافة إلى خبرته فان مركزه وشخصيته جعلته، خلال توليه المسؤولية أحد أهم صانعي القرار في إسرائيل.

وعندما وقع الاختيار على آفي ديختر، بدا وان هذا الرجل المتمرس مناسب جدا لوظيفته ووضعت عليه آمالا في عصر جديد من عمر الشاباك، فسلفه اكمل ترميم صورة الجهاز التي اهتزت، وهو بإمكانياته يمكن أن يقود الشاباك إلى مجالات وآفاق أوسع. وكان يملك مؤهلات عدة تسوغ تلك الآمال التي عقدت عليه، مثل تجربته الميدانية في (دورية هيئة الأركان) وهي الوحدة الخاصة المنتقاة التي عمل فيها وتخرج منها قادة بارزون في إسرائيل مثل أيهود باراك رئيس الوزراء السابق، ومن مهام هذه الوحدة تنفيذ عمليات الاغتيال، كما حدث في شارع فردان في بيروت (10/41973) واغتيال الرجل الثاني في فتح خليل الوزير أبو جهاد ( 15/4/1988) وعشرات العمليات الأخرى خلف (خطوط العدو)، وفي مذكرات أيهود باراك الكثير من العمليات التي نفذت في (ارض العدو) ومعظمها يمكن وصفها بأي قدر من الموضوعية بأنها (مهمات قذرة).

وبالنسبة لديختر، فانه حظي بوسام أثناء خدمته في تلك الوحدة بعد أن نجح في تخليص طاقم من وحدته تورط في ارض العدو. ومن هذه التجربة العملية جاء ديختر إلى الشاباك، حيث خاض تجارب عملية في المناطق الفلسطينية وتلقى دورات نظرية وعملية عدة، وأضاف بذلك صفة مهمة لصالحه وهو انه ابنا للشاباك وليس، مثل آخرين، تولوا المسؤولية فيه، جاؤوا من خارجه. وهذه صفات يحتاجها كل من يتولى المسؤولية الأولى في الشاباك وهي مسؤولية هامة جدا في إسرائيل، حيث يشكل صاحب هذا المنصب الثقل الأساسي في رسم السياسات مع (العدو) الفلسطيني، بل إن ما يقرره، في اختصاصه الأمني، على السياسيين أن ينفذوه حتى لو لم يكونوا غير مقتنعين به، ويمكن هنا تذكر القواعد الأمنية التي وضعها رئيس الشاباك السابق يعقوب بيري في أثناء المفاوضات الفلسطينية– الإسرائيلية التي أفضت إلى اتفاق أوسلو، ونفذها بيرس ورابين، رغم أن بيرس طالب مرارا بتعديلها، وهو (يعقوب بيري)، كما زعم في مذكراته من رشح محمد دحلان وجبريل الرجوب، ولديه لهما ملفين أمنيين، لاسحق رابين وزكاهما ليكونا مفاوضين في اختصاصهما من الجانب الفلسطيني، بينما قبل الطرف الإسرائيلي أمين الهندي كمفاوض أمني، مسؤول المخابرات الفلسطيني الحالي، وكما ذكر بيري نفسه، بطلب وضغط أميركي، ما كان ليقبل لولا أن الشاباك وافق على ذلك.

ولم يكن يعرف ديختر، الذي وضعت عليه آمالا كبيرة، انه سيكون عليه مواجهة اكبر تحدي يواجهه رئيس للشاباك منذ تأسيسه، والذي تمثل باندلاع انتفاضة الأقصى، ولا توجد أية معلومات عن تقارير استخباراتية لدى الشاباك كانت تتوقع اندلاع تلك الانتفاضة، بل إن الشعور السائد في الأراضي المحتلة كان يشير، إلى انه إذا تحرك الشارع الفلسطيني، فسيتحرك هذه المرة في مواجهة السلطة الفلسطينية، بسبب سنوات طويلة من الفساد وسوء الإدارة وتجاوزات الأجهزة الأمنية.

ووجد الشباك نفسه في مأزق حقيقي مع عدم وجود عناصر له على الأرض، فاعتمد على تجنيد عناصر بسيطة مستغلة حاجتها لتصريح عمل أو دخول لمناطق داخل الخط الأخضر أو تصريح للسفر للخارج أو ما شابه. وفعّل عملاء بنفس المستوى كان جندهم بالطرق الروتينية: استغلال حاجات صغيرة لهم أو توقيفهم والتقاط صور لهم مع نساء والتهديد بنشرها. ووفقا لاعترافات عدد من هؤلاء أمام أجهزة السلطة الفلسطينية ومقابلات مع بعضهم، أجراها كاتب هذا السطور، فانه من الصعب الحديث بأنه كان لهم دور رئيس في عمليات قوات الاحتلال في الأشهر التالية في داخل المناطق الفلسطينية.
وتعبيرا عن العجز الاستخباراتي وإحياء لسياسة قديمة قصفت قوات الاحتلال سيارة الناشط في كتائب شهداء الأقصى حسين عبيات (9/11/2000) في بيت ساحور، وسارع جميع أركان النظام السياسي في إسرائيل إلى الإدلاء بدلوهم حول العملية المفجعة من شاوول موفاز رئيس الأركان (حينذاك)، حتى موسى قصاب رئيس الدولة وهو منصب فخري إلى حد بعيد وكان ذلك يشير إلى أهمية الحدث الذي جاء بعد اكثر من أربعين يوما من صدمة الشاباك باندلاع انتفاضة الأقصى.

وكانت عملية الاغتيال رسالة واضحة جدا عن أن إسرائيل بدأت عمليات اغتيال ستستمر طويلا، مثل تلك العمليات التي أمرت بها غولدا مئير واستمرت سنوات طويلة في ملاحقة رجال فتح في عواصم عربية وأوروبية. وبدا الأمر شديد الوضوح: في محاولة لتغطية الفشل فان التكنولوجيا ستقوم بدورها في تنفيذ ما يمكن وصفه بابشع ما يمكن أن تقوم به دولة أية دولة، هي في النهاية عضو في الأمم المتحدة وجزء من المجتمع الدولي، وهو الاغتيال وبطرق مفجعة جدا، هي الأقرب إلى العمليات الحربية فما معنى مثلا أن ترسل لناشط أو مطلوب طائرات لقتله وتقتل معه آخرين وتحدث تدميرا كبيرا، في حين انه يمكن أن يتم اعتقاله أو اغتياله برصاصة.

ورغم ذلك كان واضحا بأنه لم يكن هناك لدى الفلسطينيين تقديرا حقيقيا لتلك السياسية أو بشكل أوضح انهم ظلوا يتعاملون مع الأمر بشكل بدا في كثير من الأحيان بعدم مبالاة، وكما هو معروف سقط العشرات من الناشطين نتيجة تلك العمليات وصولا لما حدث قبل اشهر من اغتيال الشيخ احمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي. واعتمدت قوات الاحتلال في تلك العمليات على تكنولوجيا متطورة جدا ولم يكن للعملاء سوى دور هامشي.
وبدا الشاباك مكشوفا إلى حد كبير عندما نفذت عشرات العمليات التفجيرية في مدن مثل القدس وتل أبيب وكفار سابا ونتانيا وغيرها، وأوقعت مئات من القتلى والجرحى. ولم يكن ليغير من الصورة كثيرا إعلانات الشاباك عن إحباطه لعمليات أو تلقيه إنذارات بوقوع عمليات كانت تصل في اليوم الواحد إلى 50 إنذارا.

ويكفي هنا الإشارة إلى إحصائية بسيطة أوردتها صحيفة يديعوت احرنوت (25/5/2004 ) منذ كانون الثاني 2003 تاريخ صدور عدد الصحيفة احبط الشاباك 62 عملية تفجيرية، ولكن في نفس الفترة تمكن المقاومون الفلسطينيون من تنفيذ 34 عملية قتل فيها 108 ، ووفقا لهذه الإحصائية فانه من الصعب الحديث عن أية نجاحات لجهاز يحمل كل هذه الهالات الأسطورية. ولكن الأمر الأكثر إحراجا هي العمليات التي نفذتها مجموعات من المقاومة مست هذا الجهاز نفسه، دون أن يكون لديه أية معلومات استخبارية مسبقة، وابرزها عملية اغتيال يهودا ادري ضابط الشاباك البارز على يد المقاوم الفلسطيني حسن أبو شعيرة.

ويهودا ادري كولونيل (عقيد) في الشاباك وخبير في العادات والتقاليد العربية ويتحدث العربية بطلاقة (إجادة العربية شرط هام لكل ضابط في الشاباك) ومن ابرز المحاضرين في دورات المستعربين، أوكل له آفي ديختر مع بداية الانتفاضة مسؤولية إدارة ملف العملاء وحمل ادري الاسم الكودي (مودي) وكان مسؤولا عن اغتيال حسين عبيات وهو أول اغتيال في انتفاضة الأقصى وعن عمليات اغتيال أخرى طالت ناشطين في جنوب الضفة الغربية.
وتمكن المقاوم حسن أبو شعيرة من تصفية ضابط بهذه الكفاءة خلال لقاء محدد مسبقا بينهما، وبوجود حارسيه يوم (14/6/2001 ). والمثير في الأمر، أن أبا شعيرة كان يعمل مع مجموعة مقاومين تعمل بشكل علني ومعروف هوية أفرادها جيدا للشاباك وبعضهم كان يتم التهديد باغتيالهم من قبل المسؤولين الكبار في إسرائيل، ومع ذلك لم يستطع الشاباك أن يكشف خطة اغتيال ادري التي وضعت بعناية.

والأكثر إثارة، وبعد الاطلاع على إفادات من اعتقل منهم لاحقا أن خطة اغتيال ادري أو (مودي) كان يعرف بها عدد كبير من المقاومين يصل على الأقل إلى (15 ) وهو ما يحكم على العمل بالفشل مقدما ولكن هذا لم يحدث، والسؤال أين كان الشاباك؟

لا شك انه كان جذلا بسمعته الأسطورية وبعمليات الاغتيال لأهداف، مهما كانت خطورتها، هي في النهاية سهلة أمام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة لسلاح الجو الإسرائيلي، وفي مسرح عمليات مكشوف مثل الضفة الغربية وقطاع غزة ومعروف جدا للجيش الإسرائيلي، ولا يتمتع بميزات تحتجزها حركات المقاومة عادة مثل الغابات أو الجبال الشاهقة الوعرة.

وفي كثير من المرات كان السلطات الاسرائيلية تعلن اسماء المطلوبين للاغتيال ولا تكف عن تكرار ذلك، وهذا بلا شك يؤثر على سرية عملية الاغتيال المفترضة، ولكن ذلك في ظروف مختلفة عن تلك المتوفرة للشاباك والتي تؤكد بانه كان يستهدف اهدافا سهلة. أمر آخر شكل تحديا كبيرا للشاباك هو حملة الاعتقالات الواسعة التي نفذها خصوصا خلال وبعد عملية السور الواقي في نيسان (أبريل) 2002 حيث تضاعف عدد الأسرى عدة مرات وافتتحت سجون ومعسكرات إضافية.

ورغم أن ممارسات تعذيب واسعة استخدمت في تلك المعسكرات التي اشرف جيش الاحتلال مباشرة على بعضها، إلا أن الشاباك بدا وكأنه لا يجيد التعامل مع هؤلاء، رغم خبرته الواسعة ونجاحاته السابقة طوال سنوات. ووفقا لأسرى فلسطينيين خضعوا للتحقيق في زنازين وأقبية الشاباك فانهم فوجئوا بضحالة المعلومات لدى المحققين وعدم استفادة هؤلاء من المعلومات التي بحوزتهم وربطها مع بعضها البعض واستخلاص النتائج الصحيحة.
وفي مثل ظروف كهذه افرج عن كثيرين من النشطاء بالخطأ، وبعضهم صنفهم الشاباك سابقا بأنهم من اخطر المطلوبين، وطاردهم رجاله فيما بعد في المدن الفلسطينية لاغتيالهم أو اعتقالهم، وتم تحويل عشرات إلى الاعتقال الإداري حتى يلتقط الشاباك أنفاسه ومن ثم يفتح تحقيقا معهم.

وهناك اعتقاد بان الشاباك دفع بمحققين قليلي الخبرة إلى الخدمة، ويبدو انهم لم يستوفوا دورات تدريبهم، فخلال لقاءات مع معتقلين فلسطينيين افرج عنهم اجمعوا على انهم شعروا، في مرات كثيرة بمدى ضحالة المحققين وبان كثير من هؤلاء بدوا مهزوزين وعلى غير الصورة التي كان يظهر فيها محققو الشاباك في الماضي. وتبين خطأ المعلومات التي بحوزة الشاباك فيما يتعلق بالكثير من الكوادر، والمثال الأبرز على ذلك هو حالة حسين أبو كويك الناشط البارز في حماس والذي كانت إسرائيل تتهمه بالمسؤولية عن عدد من العمليات التفجيرية، وارتكبت مجزرة مروعة بحق زوجته وأبنائه عندما قصفت المروحيات الإسرائيلية سيارة زوجته وقتلتها مع أبنائها وآخرين من المارة في أحد أحياء مدينة البيرة، في أثناء إعادتها لأبنائها من المدرسة، وعملية الاغتيال المروعة هذه لم تكن تستدعي معلومات استخبارية مميزة: امرأة تقوم بشكل يومي بالمرور بنفس الشارع وفي نفس الوقت، ويمكن تحديد السيارة ورصدها وقصفها من الجو بغير عناء.

ثم اتهم الشاباك أبو كويك بأنه دبر هجوما تفجيريا قرب بيت شارون بالقدس الغربية نفذه فدائي انتقاما لتلك المجزرة. وخلال عملية معقدة اعتقل الشاباك أبو كويك في بلدة بيتونيا مع آخرين من قادة حماس، ليتبين له، بعد التحقيق وتعذيب أبو كويك، عدم مسؤوليته، فتم حجزه إداريا بدون محكمة.
..وهذا مجرد مثال على فشل الشاباك اعترف به ضباط منه للأسير أبو كويك في زنزانته..!

ورغم أن الصحف الإسرائيلية لا تكف عن الإشادة بالشاباك، في حين لا تكف أيضا عن توجيه الانتقادات للموساد (الذراع الاستخباراتي في الخارج) والذي كان ذكر اسمه يثير الرعب في السابق، إلا أن الوقائع تشير إلى انه لا يمكن الاعتداد بقوة جهاز الشاباك حتى بالمقارنة مع أمثاله في دول عربية مجاورة، تفخر بأنها تعرف دبة النملة في بلدانها..!

واكثر مؤشر على فشل الشاباك هو استمرار الانتفاضة، رغم ما يسربه من معلومات عن إجهاض المقاومة، وقبل ساعة من عملية أبو هولي، اتفق محللون إسرائيليون في التلفزيون الإسرائيلي بان المقاومة الفلسطينية انحسرت جدا ولا يمكن أن تعار اهتماما، ولم يكد ينتهي البرنامج الذي تحدثوا فيه، حتى كانت قنوات التلفزيون الإسرائيلية تفتح موجات مفتوحة لتغطية عملية أبو هولي وتشير إلى أن هناك 40 جنديا بين قتيل وجريح تحت أنقاض المعسكر المفجر، لتتراجع بعد فرض الرقابة العسكرية حظرا على نشر المعلومات، وان لم يؤثر ذلك على مغزى العملية الرمزي فيما يخص بصورة الشاباك الأسطورية التي زعزعتها بالتأكيد ضربات المقاومة.

ومع ذلك فان الإسرائيليين ما زالوا ينظرون بإعجاب كبير للشاباك وبخيبة كبيرة للموساد ولا يوجد أي مسوغ منطقي لذلك إلا إذا كانوا يعتبرون أن نجاح الشاباك بقتل مئات الفلسطينيين هو إنجازا كبيرا بحد ذاته بينما توقف الموساد منذ زمن عن القتل..!