علي السلمان من الدمام: انطلقت في ليلة يوم الخميس من الأسبوع الأول من الإجازة المدرسية باكورة مهرجانات الزواج الجماعي في المنطقة الشرقية التي أصبحت ظاهرة مألوفة في مواسم الاجازات المدرسية الصيفية والشتوية, وجزءا من مظاهر مهرجانات الاجازات حيث يحرص الكثير من الأهالي على المشاركة وتوقيت الزواج في تلك الفترة. ففي هذا العام بدأت المهرجانات بقوة كبيرة حيث كانت الانطلاقة في محافظة الأحساء بزفاف 540 شابا وفتاة من أبناء المحافظة في 6 مهرجانات للزواج الجماعي في المدن والقرى التالية (البطالية - الجبيل - الجرن - الشعبة - الشهارين- الفضول – القرين ـ المطيرفي) بالإضافة لمهرجان قرية الملاحة بمحافظة القطيف بزواج 72 عريس وعروس في المهرجان الثامن الذي تشرف عليه اللجنة المنظمة للمهرجان التي تأسست عام 1417هـ. وأقيم في مساء يوم الخميس 10/5/1425 هـ ( الزواج الجماعي بمدينة صفوى, و في مدينة سيهات, وفي مدن وقرى وبلدات الأحساء التالية التويثير ـ الجفر - الحليلة - القارة - العمران - الدالوة – الطرف- التهيمية - الرميلة - المركز- المنيزلة) وبلغ عدد المتزوجين أكثر من 2000 شاب وفتاة في هذين الأسبوعين في مناسبة قل نظيرها على مستوى المنطقة ووجهت الدعوة للجميع لحضور هذه المهرجانات.

البداية في القارة

ولقد بدأت فكرة أول زواج جماعي في المنطقة الشرقية من محافظة الأحساء في بلدة القارة السياحية التي يقع فيها جبل القارة الشهير, وذلك في عام 1402 بعدد 12 شاب وفتاة, ومنذ ذلك العام انطلقت فكرة الزواج الجماعي في المدن والقرى المجاورة, والقارة تحتفل هذا العام بإقامة مهرجانها 23 للسنة الثالثة والعشرين على التوالي بدون توقف وهو رقم صعب الوصول له من اقرب المنافسين في ظل استمراره.

170 عريس وعروس في بلدة واحدة

تعدد المهرجانات في المنطقة أوجد حالة من التنافس الشريف فيما بينها في ظل التنسيق للبحث عن الابتكار والإبداع, وتقديم كل ما هو جذاب وممتع.., ويصل التنافس قمته في من يجمع اكبر عدد ممكن من العرسان فقد وصل عدد المتزوجين في قرية البطالية بالأحساء إلى 170، و في الشعبة 162، وفي مدينة العمران أكثر من 160, وفي الحليلة 118، وفي الملاحة بمحافظة القطيف 72 عريس وعروس, وفي المطيرفي 32، وفي الجرن 30، وفي القرين 28. والملاحظ ان اغلب المتزوجين في المهرجانات من أبناء المدينة والبلدة التي يقام فيها المهرجان والتي تحمل اسمه ويحرص الكثير من الراغبين بالزواج والمقيمين خارج المدينة والبلدة بالمشاركة في مهرجان زواج مدينتهم أو قريتهم.

نجاح في المدن الصغيرة والقرى

ولقد حققت مهرجانات الزواج الجماعي نجاحا باهرا في المدن الصغيرة وفي القرى أكثر من المدن الكبيرة فالقارة تحتفل بإقامة المهرجان 23 خلال 23 عاما وتحتفل سيهات بالمهرجان 27 منذ تأسيسه عام 1992م, وكذلك صفوى التي تحتفل بالمهرجان 13 منذ تأسيسه عام 1993م.. ويعود السبب في نجاح هذه المهرجانات في المدن الصغيرة وفي القرى لوجود حالة من الترابط والتضامن والمحبة والتقارب العائلي والاجتماعي والثقافي, ويجد العرسان وأهل هذه المدن والقرى المتعة والسعادة والفرح والبهجة بالحضور الضخم المشارك لهم والتغطية الإعلامية في فرحتهم مما ينعكس إيجابياً على نفسيته ومشاعره العرسان, وتميز البرامج بالأجواء الجماعية والتعاون والتكافل والمساعدة والمشاركة, و يرى عرسان هذه المدن والقرى المشاركة في مهرجان الزواج الجماعي بأنه شرف وفخر, وليس فيه ما يثير الاستياء والخجل, وانه ليس من العيب والخجل أن يبحث العريس عن أي وسيلة لخفض تكاليف الزواج خاصة في الوقت الحالي حيث أصبحت الحالة المعيشية صعبة جدا.

فشل في المدن الكبيرة

الوضع في المدن الكبيرة بالعكس تماما فالفشل وعدم الاستمرار كان مصير مهرجانات الزواج الجماعي التي ظهرت بقوة واختفت سريعا مثل الدمام و الهفوف والقطيف والمبرز والخبر.. بسبب غياب التكاتف والترابط الاجتماعي, والتأثر كثيرا بالمدنية, وشيوع حالة الأنا والتفاخر العائلي وحب التميز, وشيوع نظرة عند أهل المدن الكبيرة بان الزواج الجماعي خاص بمن أحوالهم المادية بسيطة ولا يملكون مقدرة على تحمل تكاليف الزواج.., وان الزواج ضمن مهرجان الزواج الجماعي يفتقد العريس التفرد والتميز والنجومية المطلقة.

أهداف الزواج الجماعي

يهدف مشروع الزواج إلى تخفيف الأعباء المادية التي تتكبدها العوائل وتلقي بثقلها على كاهل العرسان، كما يهدف إلى تمكين الشباب من الزواج وتسهيل الظروف أمامهم، كما أنه وسيلة من وسائل التكافل الاجتماعي. ويقبل الناس على هذه المهرجانات التي تعد ظاهرة آخذة بالتصاعد لأهداف مختلفة، فبالإضافة لكونها توفر كثيراً من النفقات الباهظة التي تتكبدها العوائل لإحياء حفلات الزفاف عادة، فإن المشاركة الفاعلة والنشطة وتنوع البرامج التي تحفل بها المهرجانات تجعلها مبعثاً للبهجة ولاسيما ان الجميع من أبناء المدينة ينخرطون خلال فترة الأعراس في أعمال مشتركة مما يعزز التعاضد والتعاون ويزيد البهجة والسرور في البلد.

تكلفة مادية اقل

من خلال هذه المهرجانات تقل التكلفة المادية للمتزوج وهذه من أهم مقاصد ومميزات المهرجانات حيث إن الدفع في حدود 3000 ـ 5000 ريال على حسب عدد المتزوجين وهذه لو قرنت بالتكلفة والمصاريف للمتزوج وحده ستكون التكلفة 40 ـ 50 ألف ريال, وانه من خلال هذه الحالة سيوفر العريس وأهله الكثير من المال, وتخفف النفقات على المتزوجين والحد من الإسراف في الولائم.. إلى جانب أهدافه الاجتماعية في توثيق الروابط وتوطيد العلاقات ونشر الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع.

سيهات الأكثر عددا

يعد مهرجان الزواج الجماعي بمدينة سيهات الأكثر إقامة للمهرجانات حيث يقام في العام الواحد أكثر من مهرجان في العام الواحد الأول يقام في الإجازة الصيفية و الثاني في الإجازة الشتوية, وفي 10/5/1425 هـ سيقام المهرجان السابع والعشرون في خلال مسيرته التي تمتد 13 عاما, وعدد العرسان في مهرجان سيهات الشتوي أكثر من عدد عرسان المهرجان الصيفي.

مهرجان الصفا

ويتميز مهرجان الصفا الذي تأسس في عام 1993 بأنه من أكثر المهرجانات تنظيما وإبداعا وحضورا وقد تمكنت إدارة المهرجان من تحقيق الاكتفاء الذاتي في توفير المعدات والأجهزة، مثلما استطاعت تحقيق الاكتفاء في عدد العاملين والإداريين من المتطوعين المسجلين الذي يزيد عددهم عن 1000 كادر يعملون بدون أي مقابل أو مردود مادي. وقد تمكن المهرجان من توفير مخيم متكامل الخدمات تبلغ مساحته (19600) متراً مربعاً، وأكثر من (5000) متر من أنوار الزينة المعلقة، إلى جانب ذلك يقف خلف المهرجان عدد من الشركات والمؤسسات الوطنية التي تدعم المهرجان، وبفضل النجاح والإقبال الشعبي الكبير تمكن المهرجان من استقطاب عدد من الشركات الكبرى التي استفادت من المهرجان في تقديم عروض وإعلانات وعرض منتجات مختلفة. كما يوجد لإدارة المهرجان مكتب خاص.

صندوق دعم الزواج

و لمهرجان الصفا في مدينة صفوى شرف التميز في تأسيس مشروع صندوق زواج خيري لمساعدة غير القادرين على الزواج الذي انطلق في عام 1988م من قبل أهالي البلد الذين تفاعلوا لإنشاء هذا الصندوق, ويعتمد الصندوق على المساعدات التي تقدم من الأهالي, وتصرف المساعدات للغير قادرين على الزواج من شباب المدينة, ويتصف العمل بالسرية والخصوصية لمن يقدم, وتقدم لهم المساعدة. وشروط الحصول على القرض أو المساعدة سهلة وبسيطة منها صورة من عقد الزواج صورة شخصية لصاحب الطلب والكفيل, وتعريف براتب المتقدم والكفيل من جهة عمليهما أن يكون من أهالي المدينة أن يتمتع المتقدم بحسن السيرة والسلوك, وأن يمتلك مصدر للدخل, وأن يكون الطلب لغرض الزواج فقط.

4 اشهر قبل المهرجان

الاستعدادات تبدأ قبل أربعة اشهر من إقامة المهرجان بعقد اجتماعات دورية للجان المسؤولة التي تزيد عن 20 لجنة كل لجنة مسئولة عن عمل ما منها لجنة التنسيق ولجنة المتابعة ولجنة الحركة ولجنة المالية ولجنة الصيانة ولجنة المسرح ولجنة التوزيع ولجنة الضيافة... بهدف إخراج المهرجان في أفضل صورة بالإضافة لمشاركة الجهات الحكومية مثل الإمارة والشرطة والدفاع المدني والهلال الأحمر وشركة الكهرباء وكذلك الشركات والمؤسسات الأهلية. ويتعين على كل شاب من العرسان أن يدفع مبلغاً من المال يتراوح بين 4000-8000 ريال للاشتراك في الزواج عبر المهرجان، وهو مبلغ ضئيل جداً إذا ما قورن بمصروفات الزواج الباهظة التي يتكبدها الشاب عادة لتنظيم حفلة زواجه بشكل منفرد والتي تصل إلى 50 ألف ريال.

أكثر من 200 مليون

ونتيجة لهذه الكثافة من عدد حالات الزواج في المنطقة تشهد الأسواق التجارية حركة كبيرة وفائدة عالية على المستوى الاقتصادي فقد قدر احد الاقتصاديين المبالغ التي تصرف على هذه الأعراس من قبل العرسان وأهلهم وأقاربهم ومعارفهم بشراء الذهب والمجوهرات والألبسة والمشاغل وشراء مستلزمات عش الزوجية الجديد بأكثر من 200 مليون ريال.

استقبال الأبطال

تبدأ مراسيم المهرجان بحضور جميع الفرسان من الشبان في الموعد المحدد يرتدون (الوشاح) العباءة المطرزة بالخيوط المذهبة(الزري) حيث يجد العريس من يستقبله بالورود والبخور وماء الورد استقبال الأبطال وكبار المسؤولين يمشي بخطوات بطيئة يتبختر كالطاووس.. يلتف حوله عدد كبير من الأحبة والضيوف حتى يصل إلى الكرسي المعد له سابقا على منصة المسرح الكبير وما عليه في تلك الدقائق التي تمر على العريس بطيئة وعلى الضيوف سريعة أن يطلب ما يريد حيث يوجد المئات من يتشرف بخدمته..

احتفالات متنوعة

بذكر آيات من القران الكريم تنطلق الاحتفالات ثم تتلاحق الفقرات المتنوعة التي تتسم بالفلكلورية الشعبية.. اوبريت شعبي, وقصائد شعرية بالعام والفصيح, ومقاطع فكاهية, مسابقات, ومقاطع مسرحية (وغالبا يشارك عدد من الشعراء أو الفنانين المشهورين على صعيد المنطقة والخليج).. بعد ذلك يتم تكريم الشركات والشخصيات المشاركة, وعند منتصف الليل يعلن ختام المهرجان وينطلق كل فارس برفقة الخواص في زفة سريعة إلى صالة أفراح النساء.. ثم يتسلل العريس والعروس من بين النساء إلى بيت الحياة الزوجية في هدوء وسكينة.

اليوم الختامي

ولا تنتهي مهمة إدارة الزواج الجماعي بانتهاء ليلة العرس والمهرجان بل لابد من الاستعداد للختام في اليوم الاخر حيث تقام مراسيم التبريك (تقديم التهنئة ) لجميع فرسان الزواج الجماعي حيث يحضر الفرسان بعد صلاة العصر في المخيم المعد حيث يصفوا بجوار بعض وملامح السعادة والفرح ظاهرة على وجوههم, ويقوم الضيوف بتقديم التهنئة والتبريكات بالمرور السريع عليهم فيما الكاميرات تلاحق الجميع.