•رهبان الدير يؤكدون أنهم حصلوا على عهد أمان من النبى نفسه.
•نص العهد كتبه عمر ابن الخطاب وختمه الرسول بكف يده.
•العهد الأصلى ينتزعه العثمانيون من الدير،فيقوم الرهبان بعمل نسخة ورسم صورة البصمة فى لوحة محفوظة بمتحف الدير.


زينب عبد المنعم من سيناء: دير سانت كاترين فى سيناء و المنطقة المحيطة به تذخر لدى جميع المسلمين و المسيحيين و اليهود بكثير من القدسية، و تدور حولها كثير من الأقاويل، هنا كلم الله موسى، وهنا توجد شجرة العليقة التى اشتعلت بها النيران والتى رآها من بعيد نبى الله موسى عليه السلام ولكنها لم تحترق، وهنا وقعت أحداث أسطورة سانت كاترين، وهنا عاش المسيحيون الهاربون من اضطهاد الرومان، والتسامح الروحى فى المكان يدعو للعجب ويشهد على ذلك وجود جامع صغير داخل الدير، كما تضم الكنيسة عدد من الأيقونات النادرة والكنوز المهداة، وهنا لوحة تسمى " عهدة الرسول صلى الله عليه و سلم "، أمان للمتوحدين أى الرهبان، وموثقة بصورة لكفى الرسول الشريفين اليمنى و اليسرى.
للأسف لم تحظ هذه اللوحة رغم أهميتها بالاهتمام الكافى من جانب المختصين و رجال الآثار، ولا يبقى لنا بخصوص هذا الأثر الهام إلا ما قاله الرهبان أو المتوحدون كما أطلق عليهم الرسول محمد صلى الله عليه و سلم.

كاترين

فى أحضان جبل سيناء وسط سيناء و التى يحب أهل المنطقة و زائريها أن يطلقوا عليه اسم جبل موسى يقع دير سانت كاترين الذى أقيم فى القرن السادس الميلادى، و أطلق عليه اسم القديسة كاترين التى ولدت فى القرن الثانى الميلادى من عائلة أرستقراطية، وقد تلقت علوم الفلسفة و الخطابة و الشعر و الموسيقى و الطبيعيات و الرياضيات و علم الفلك و الطب، و كانت تسمى ذوروثيا، و بعد اعتناقها المسيحية سميت كاترين أى " كثيرة الأكاليل "،و قد عذبت فى عهد الإمبراطور مكسيمانوس، و بقيت متمسكة بدينها، و ورفضت الارتداد عن دينها فقطعوا رأسها، ويقال أن كنيسة سانت كاتري بالإسكندرية قد أقيمت فى موضع استشهادها،وبعد خمسة قرون على استشهادها رأى أحد الرهبان فى سيناء أن الملائكة قد حملوا بقايا الجسد ووضعوه فوق قمة جبل بالقرب من جبل موسى، و عندما صعد الرهبان وجدوا بقايا الجثة فقاموا بدفنها ثم عاد الرهبان مرة أخرى و نقلوا الرفات إلى داخل الكنيسة التى بنيت حول شجرة العليقة و دفنوها داخل الكنيسة التى عرفت بعد ذلك باسمها،، و يعتبر ذلك الحدث من أهم المنعطفات الروحية فى تاريخ المكان،ويذخر الدير بوثائق و كتب من العصر البيزنطى و حتى فترات متأخرة عن سيرتها الذاتية، كما توجدفى مكتبة الدير التى تعتبر الثانية من حيث الأهمية فى العالم بعد مكتبة الفاتيكان من حيث العدد و القيمة التاريخية، و يوجد بها 3 آلاف مخطوط، ثلثها يونانية، و الباقى عربية و إسلامية و قبطية و ليبيرية و أرمنية و إثيوبية، و أهم كنز فى المكتبة اليوم السجل السريانى العريق القدم و الذى يرجع إلى القرن الرابع و يشتمل على أقدم ترجمة للإنجيل
و فى قلب الدير توجد شجرة العليقة التى يبلغ عمرها حوالى 35.. سنة، و هى الشجرة التى اشتعلت فيها النيران و لم تحترق، و عندها تكلم رب العزة إلى موسى عليه السلام، و ما زالت الشجرة مثمرة و أوراقها غزيرة، وتمتد فروعها بضعة أمتار تتدلى خارج الكنيسة التى بنيت لها خصيصا لتحيط بها حفاظا عليها من عبث زوار الدير، و نوع هذه العليقة فريد من نوعه، و كل محاولة لزراعة هذا النوع من الشجر فى مكان آخر باءت بالفشل !!

وثيقة الأمان

و يعرض فى متحف الدير 15. أيقونة مختارة من بين 2... أيقونة ذات قيمة روحية و تاريخية و فنية عالية، من بينها أيقونات نادرة الوجود صنعت فى القرن السادس على طريقة الشمع المذاب، و ما زالت تحتفظ بألوانها الزاهية،و كان المتحف قد افتتح فى ديسمبر2..2 أثناء الاحتفال بعيد القديسة كاترين، و أيضا بمناسبة مرور 1436 عاما على تأسيس الدير، وتم الاستعانة بخبراء و متخصصين فى العرض المتحفى من بينها خبراء من متحف متروبوليتان بنيويورك.
و يضم متحف الأيقونات عدد من الوثائق على غاية من الأهمية، و تأتى على رأسها " عهدة الرسول صلى الله عليه و سلم "، و يقال أن آباء الدير قد أرسلوا وفدا إلى الرسول محمد صل الله عليه و سلم فى السنة الثانية من الهجرة ــ عام 623 ميلادية ــ يطلبون منه حمايتهم، الأمر الذى وافق عليه ووقع بكفه الشريفة على العهدة التى يحافظ عليها رهبان الدير طوال كل تلك الفترة بكل الاهتمام و الحرص، ويقال أن الوثيقة بخط سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه، و تنص على أنه يتحتم على المسلمين حماية المتوحدين ( الرهبان )، و ضمان حقوقهم و امتيازاتهم و الدفاع عنهم، و يقال أن الرسول صلى الله عليه و سلم قد زار الدير أثناء أسفاره التجارية ؟؟
و كان لهذه العهدة المدموغة بكف الرسول صلى الله عليه و سلم أثرها فىأن يبقى الدير بدون أى إزعاج خاصة بعد أن أصبحت شبه جزيرة سيناء تحت سلطة العرب عام 641 ميلادية.
و يقول الرهبان أن السلطان سليم الأول قد أخذ منهم العهدة الأصلية و أرسلها إلى اسطنبول فى القرن السادس الميلادى، و أن العهدة الموجودة لديهم الآن هى نسخة من الوثيقة الأصلية مما جعل بعض رجال الآثار يشككون فيها، ولكن الأمر بالتأكيد يحتاج الاهتمام و البحث العلمى الكافى.

حكاية مسجد الدير

من المشاهد التى لا يخطئها البصر مسجد صغير ملحق بالدير، المسجد بناه الفاطميون فى عهد الخليفة الآمر بالله، وهو عبارة عن حجرة صغيرة واحدة مقاس 7×10 مترا و فوقه مئذنة بسيطة ترتفع مسافة عشرة أمتار، و على الرغم من بساطة المسجد توجد به قطعتان أثريتان هامتان إحداهما مخطوط من المصحف الشريف، و الثانى مقبرة، ويعتبر المسجد من الآثار الهامة من العصر الفاطمى، ويقارن علماء الآثار بين زخارف هذا المسجد و مسجد الخليل إبراهيم بفلسطين.
و المسجد مفتوح للصلاة، و أرضيته عليها سجادة جميلة الصنع، و ينظف المكان بعض أفراد قبيلة الجبالية، و يؤدى الصلاة زوار المكان من المسلمين، و يقوم مسلمو الجبالية بحراسة الدير و مساعدة الرهبان، كما يقومون بالزراعة فى حدائق الدير الخارجية، وهم سلالة من البوسنة قد أرسلهم الإمبراطور جوستنيان لحماية الدير، و قد أسلم أكثرهم فى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، ولكن ظل جزء منهم على المسيحية، و كان آخر من احتفظ بالمسيحية من الجبالية امرأة طاعنة فى السن ماتت عام 1750.
الجبالية عليهم واجبات تجاه الدير ولهم حقوق، و رغم أنهم مسلمون إلا أنهم يحافظون على الحياة و التقاليد المرتبطة بالدير، و يشاركون فى أعياده، و يعتبر الدير بالنسبة لهم جزأًً لا يتجزأ من حياتهم، وهم أناس مسالمون يستقبلون الناس بالبشاشة وكرم الضيافة رغم حياتهم المتواضعة


الصعود أعلى جبل موسى

جبل موسى من أهم المزارات فى سيناء، الكاتب سمير شحاتة قدم وصفا للرحلة مليئا بالمشاعر، يقول : وتبدأ رحلة الصعود فى الثانية بعد منتصف الليل،

الطريق الى اعلى الجبل
فى هذا الجو القارس البرودة حيث تنخفض درجة الحرارة إلى 8 درجات تحت الصفر يتحتم على الصاعدين ارتداء ملابس عديدة فوق بعضها، و بين نتوءات الجبل يتناثر ذأفراد البدو على مساحات متباعدة، و قد أصبح الجبل مصدر رزق لهم، شيدوا فى حناياه أماكن لبيع المشروبات الساخنة و تأجير البطاطين لمن لا يتحمل لسعة البرد.
وحتى لا يتوه الزائرون فى باطن الجبل الذى يكسوه الظلام إلا قليلا من ضوء القمر يمسكون بالطريق المتعرج الذى رسمه الرهبان فى القرن التاسع عشر، ووضعوا فيه 375. درجة صخرية، فأصبح ممهدا للصعود، ورغم ذلك تستغرق رحلة الصعود أعلى حبل موسى مدة تتراوح بين 3 و 4 ساعات، وفى الغالب يتخلف أغلب الفوج السياحى الصاعد فى الطريق، ومن بين 3. فرد مثلا قد يصل ثلاثة فقط يقطعون مسافة 25..مترا.
لماذا كل هذا العناء ؟ الصاعدون يتلمسون بعض الطريق الذى سار فيه موسى عليه السلام عندما تلقى من الله الناموس " الوصايا العشر " التى من بينها : أحب الرب إلهك، أكرم أباك و أمك، لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد بالزور، لا تشته أى شىء مما يمتلكه جارك، و على هذا الارتفاع الشاهق شيدت كنيسة عام 1934 بحجارة الكنيسة القديمة التى بناها أيضا الإمبراطور جوستنيان فى القرن السادس الميلادى، و فى الجانب الشمالى للكنيسة توجد مغارة صغيرة كان قد دخلها موسى كليم الله فى الجبل حيث قضى 4. يوما.
على قمة الجبل يغوص الناس فى السحاب، و فجأة يشعر الزائرون أن السماء تفتح أمامهم عندما يبدأ ضوء النهار يتسلل من بين السحب، ثم تظهر الشمس رويدا رويدا، و يصبح قرص الشمس و كأنه فى متناول اليد، و يشهد الحضور ميلاد يوم جديد فى مشهد رائع تنساب فيه ألوان الطيف على قمم الجبال فى هذه البقعة المباركة التى تشهد تعايشا رائعا لكل أديان الله.