quot;مساكنةquot; مع لحود ودمشق وعون يفتشان عن انتقام
صورة لبنان بعد سقوط الحوار

تعليق الحوار وآمال اللبنانيين

عادل إمام يساهم في تطيير جلسة للحكومة اللبنانية

رود -لارسن يصطدم بالواقع: سورية لا تتجاوب

مبارك يجمع الأسد والسنيورة اليوم

سورية تتمسك ببقاء لحود حتى آخر ولايته

إيلي الحاج من بيروت: لا يعوّل أحد في لبنان على الجلسة الحوارية لقادة الطوائف والأحزاب المقررة في ٢٨ نيسان / أبريل الجاري، ولا يتوقع أحد منها مفاجآت أو اختراقات في البند الأهم والأصعب المطروح على طاولة الحوار: مصير رئاسة الجمهورية. لا بل يلفت ان جميعهم تقريبا تجاوزوا تلك الجلسة ليخوضوا في حسابات المرحلة التالية تحت عنوان التعايش مع الواقع المتمادي، تعايش تقصد به quot;مساكنةquot; قسرية لانعدام البدائل بين الغالبية الحكومية والبرلمانية والرئيس الممدد له ، الباقي في قصر بعبدا إميل لحود.

لكن التمديد للمرحلة الانتقالية ولموازين القوى القائمة في الحكم لا يترافق مع التمديد للواقع السياسي الناشىء منذ الانتخابات النيابية الأخيرة، والاخفاق في حسم الملف الرئاسي لن يمر من دون نتائج وتداعيات تأخذ في مرحلتها الأولى شكل مراجعة حسابات وخطط سياسية، ويحتمل ان تصل في مراحل لاحقة الى اعادة خلط أوراق في العلاقات والتحالفات .

وتتيح مؤشرات أولية إلى مرحلة ما بعد الجلسة الحوارية المقبلة، توقع بروز تخطيط لفريق ١٤ آذار/ مارس المناهض لسورية لرد اعتباره السياسي والمعنوي ولاستعادة زمام المبادرة السياسية بعدما بيّنت جلسات الحوار ان هذا الفريق لا يمتلكها أو لا يمسك بها بقوة . وفي الخطة تستطيع الغالبية ، ردا على افشال حلفاء سورية للحوار ، ان تمارس سلطتها من خلال الحكومة، فلا تسمح أولاً بسقوطها وتتخذ القرارات في مجلس الوزراء بقوة التصويت اذا لزم الأمر، خصوصا بالنسبة للمسائل التي جرى الاتفاق عليها في مؤتمر الحوار. كما يمكن الحكومة ان ترجع الى مجلس الأمن لاستصدار قرار دولي في شأن مسألة ترسيم الحدود مع سورية، ويمكنها الغاء الاتفاقات والمعاهدات السورية اللبنانية والغاء المجلس الأعلى اللبناني - السوري إذا استمر الموقف السوري على حاله من السلبية وعدم التعاون.

وتعتبر قوى ١٤ آذار/ مارس في تحليلها ان إخفاق جلسات الحوار لا يحسب إخفاقاً لها، وان عامل الوقت لا يلعب بالضرورة ضد مصلحتها، فهي تستطيع أن تلعب ورقة الوقت ايضا لينسحب بالتالي إخفاق الحوار في الملف الرئاسي على ملف سلاح quot;حزب اللهquot; ، وعندها ستسلم قوى الأكثرية ببقاء لحود حتى انتهاء ولايته لتنتخب حينها رئيسا من أعضائها لفترة ست سنوات. وفي هذا الإطار دخلت عبارتا quot;الصمود والنفس الطويلquot; بمبادرة من جنبلاط في متن الخطاب السياسي لقوى الغالبية التي تتأهب لمعركة سياسية طويلة بمعنويات أفضل.

من اليمين الى اليسار: حسن نصر الله، أمين الجميل، نبيه بري وفؤاد السنيورة
فقوى الغالبية تعتقد ان الاهتمام الدولي للبنان لا يزال في المستوى نفسه ، وان الهجوم السوري المضاد في لبنان ليس دليل قوة وانما ينم عن قلق سوري من استحقاقات قريبة منها إنشاء المحكمة الدولية للنظر في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصدور تقريررئيس لجنة التحقيق سيرج براميرتز وتقرير الموفد الدولي لمراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري رود- لارسن، بخلاف سعي دمشق وحلفائها إلى الإيحاء أن هجومها المضاد يعني أنها مرتاحة إلى التطورات وتشعر بتراجع الضغط الدولي لأسباب عدة ومتنوعة أبرزها المأزق الاميركي في العراق، وفوز quot;حماسquot; في فلسطين، تحالف دمشق الوثيق مع طهران، انفكاك العزلة العربية من حولها،فضلاً عن ارتباك القوى المناهضة لها في لبنان.

ويسجل بالتزامن مع هذه التطورات في لبنان تحوّل الضغوط السياسية من الملف الرئاسي الى الوضع الحكومي، وفي حين تبدي الغالبية تمسكها بالحكومة الراهنة التي تعد الثمرة السياسية للانتخابات النيابية الأخيرة وأحد أبرز مكتسبات المرحلة، يلوّحزعيم quot;التيار الوطني الحرquot; الجنرال والنائب ميشال عون من منطلق انه القوة المعارضة الوحيدة وغير الممثلة في الحكومة، بتحريك معارضة فعلية شعبية وسياسية ضد الحكومة مع ما يعنيه ذلك من تحريك ملفات وشارع. واللافت في هذا السياق ان اندفاع عون في هذا السياق ضد الحكومة لا تلتقي مع حسابات حليفه quot;حزب اللهquot; الذي يدعو الى التعايش مع واقع استمرار لحود والحكومة معا، ولا يجاري الجنرال في مشروع اسقاط الحكومة التي تعبر عن معادلة دقيقة ولا بديل منها لدى الحزب. وهذا يعني أن الوضع الحكومي يمكن أن يكون أول نقطة خلاف وتباين بين الجنرال الطامح إلى الرئاسة وحليفه quot;حزب اللهquot; منذ قيام التفاهم بينهما، بعد اختلاف مواقفهما في الملف الرئاسي ، حيث لا يخفي الحزب سعيه إلى إبقاء لحود وعدم تبنيه معركة عون للوصول إلى الرئاسة، ربما لتقديره أن وقت الخيار لم يحن بعد .

ويراوح الوضع بالنسبة إلى الطرفين أمام احتمالين يصعب تحقق أي منهما حاليا: انتقال quot;حزب اللهquot; من الحكومة الى المعارضة، او انتقال الجنرال عون من المعارضة الى الحكومة ليصبحا في موقع أو خندق سياسي واحد، لذلك يرجح مراقبون أن يتسع التباين في مواقف الطرفين بعد جلسة ٢٨ نيسان / أبريل الحوارية.

سعد الحريري
لكن الخريطة السياسية المرشحة لتغييرات ليست كبيرة وأساسية، فمقابل ثبات التحالف بين زعيم تيار quot;المستقبلquot; رفيق الحريري ورئيس quot;اللقاء الديموقراطيquot; وليد جنبلاط الذي ترسخ بعد زيارةالأخير الى المملكة العربية السعودية وثبات التحالف بين الرئيس نبيه بري والأمين العام ل quot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله الذي ترسخ بعد زيارة بري الى ايران، سيكون تفاهم عون- نصرالله من جهة وتحالف مسيحيي ١٤ آذار/ مارس مع الحريري من جهة في حال من المراوحة وعدم التطور، مما قد يؤدي موضوعيا الى تقارب بين بعض القوى المسيحية او بعضها في مرحلة ما بعد ٢٨ نيسان/ إبريل، خصوصاً في معالجة بعض المواضيع مثل قانون الانتخابات النيابية، باعتبار أن موضوع من يخلف لحود كان المتسبب الرئيسي بالتباعد بين هذه القوى.

إلا أن هذا الاحتمال لا يعني إطلاقاً إمكان اتفاق الأطراف المسيحيين إذا ما صعّدت دمشق وحلفاؤها الحملة على القوى التي ساهمت إلى حد كبير بتكتلها في إخراج الجيش السوري من لبنان، أو إذا أطلق الجنرال العنان لرغبته في الانتقام بأي وسيلة ممن حالوا ويحولون دون وصوله إلى الرئاسة، وإن من خلال سياسات تخالف كلياً مواقفه الماضية التي صنعت شعبيته.