أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: فتحت الزيارة التي بدأها، صباح اليوم العاهل الإسباني خوان كارلوس لجيب سبتة المغربية أبواب التكهنات حول السيناريوهات المتوقعة للأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين، خاصة بعد استدعاء الرباط لسفيرها في مدريد عمر عزيمان قصد التشاور، فيما تعيش مدينة تطوان (شمال المغرب) حالة غليان يرتقب أن تنتقل، عصر اليوم نفسه، إلى العاصمتين الإدارية والاقتصادية الرباط والدار البيضاء.
وعلى الرغم من أن هذه الزيارة يعتبرها خوان كارلوس quot;وفاء بالتزامquot; تجاه سكان المدينة، إلا أن مراقبين يرون أنها ستكون لها انعكاسات كبيرة على العلاقة بين المغرب وإسبانيا التي يعتقد بأن حكومتها الاشتراكية تسعى من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق مكاسب سياسية على حساب الرباط.
وقال حسان بوقنطار، محلل وأستاذ العلاقا
المغرب يستدعي سفيره بإسبانيا للتشاور خوان كارلوس لسكان سبتة: كان إلتزامًا لا بد من الوفاء به |
وأوضح حسان بوقنطار، في تصريح ل quot;إيلافquot;، أن quot;رد فعل المغرب كان طبيعيا لأن الزيارة استفزت مشاعرهquot;، مبرزا أن quot;الأيام المقبلة ستكون لحظات تفكير لحكومتي البلدين للبحث عن حلول تراعي الوضع الحاليquot;.
وبخصوص المكاسب التي تراهن مدريد على تحقيقها من خلال هذه الزيارة، أكد أستاذ العلاقات الدولية أن هذه الخطوة الإسبانية جاءت كرد على الزيارة الأخيرة لنيكولا ساركوزي إلى المغرب، التي تكللت بتوقيع سلسلة من الاتفاقيات المهمة تجاوزت قيمتها أربعة ملايين يورو، مضيفا أن quot;مدريد شعرت بأنها لا تستفيد كثيرا من علاقاتها مع الرباط، إذ إن المصالح المشتركة بين الرباط وباريس تطورت بشكل كبير في الفترة الأخيرةquot;، وهو ما تضايق منه الإسبانquot; الذين عمدوا للعب ورقة سبتة ومليلية.
وأشار بوقنطار إلى أن quot;المغرب يتمتع بالسيادة ويمكنه أن يتخذ جميع الخطوات التي يراها مناسبة لتطوير علاقاته وتحسين مصالحه مع باقي البلدان الأخرىquot;، معتبرا أن quot;زيارة خوان كارلوس تحاول فرض الأمر الواقع بأن المدينتين إسبانيتان، ما يجعلها تتجاوز الاعتبارات السياسية، وتكرس النزعة الاستعماريةquot;.
وذكر أن على حكومة مدريد quot;الأخذ في الاعتبار الخطة العالمية ومنطق التنافسية القائم حالياquot;، مضيفا أن quot;الرباط أبرمت مجموعة من العقود مع باريس، لكنها فضلت اقتناء الطائرات الحربية الأميركية على طائرات رفال الفرنسية، وهذا الأمر لم تتضايق منه باريسquot;.
وحاول العاهل الاسباني تبرير زيارته المثيرة للجدل إلى سبتة بالتأكيد على أنه quot;التزامquot; إزاء المدينة quot;كان علي الوفاء بهquot;، معلنا، في خطاب ألقاه أمام المجلس البلدي في المدنية التي تحظى بحكم ذاتي، quot;كان علي التزام لا بد من الوفاء به إزاء سبتة وسكانها وسلطاتها، وكذلك إزاءنا نحن كملكquot;.
وتابع العاهل الإسباني quot;لم أرغب في مرور مزيد من الوقت دون أن آتي إلى سبتة لأعبر لكم عن تعاطفنا ودعمناquot;، من دون التطرق مباشرة إلى الاستياء الذي أثارته زيارته في الرباط، مضيفا quot;نحن بلد مندمج تماما في الاتحاد الأوروبي، الذي يكن صداقة صريحة مع جيرانه وتعاونا وثيقا مع العالم أجمعquot;. وشكر خوان كارلوس سكان المدينة quot;لاستقبالهم الحارquot;، معتبرا أن سبتة تمثل نموذجا في مجال quot;التعايشquot; بين الثقافات والأديان.
في المقابل نظم ممثلو الأحزاب الوطنية والمنظمات النقابية والجمعيات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني بتطوان وقفة أمام باب سبتة احتجاجا على الزيارة، بعد أن سلموا بيانا تنديديا مشتركا إلى القنصل العام الإسباني خيمينيس أوغارتي.
وجاء في البيان أن ممثلي الأحزاب والمنظمات والجمعيات الموقعة عليه تعتبر هذه الزيارة quot;استفزازية يراد منها تعكير صفو العلاقات الطيبة القائمة بين البلدينquot;.
وأوضح أن هذه الزيارة quot;تشكل لبنة أخرى من لبنات تكريس الفكر الهيمني والمنطق الاستعماري، الذي ما زالت الدولة الإسبانية ترفعه في وجه المغرب وضد حقه في استرجاع أراضيه السليبةquot;.
و دعا إلى المزيد من الحزم لوقف هذا المسلسل الاستعماري الخطر الذي دشن منذ إعادة احتلال جزيرة تورة وقيام كل من (الوزير الأول الإسباني السابق) أثنار و(سلفه) ثباتيرو بزيارة سبتة السليبة .
وأكدت الأطراف الموقعة على البيان موقفها المبدئي في quot;استرجاع كل الأراضي المغربية المستعمرة مهما كلفها ذلك من تضحيات جسيمةquot;. وكان المغرب استبعد عقد أي اجتماعات رفيعة المستوى بين رئيسي حكومة البلدين quot;في ظل الظروف الراهنةquot;.
وأوضح خالد الناصري، المتحدث باسم الحكومة المغربية، أن quot;عقد هذا الاجتماع ليس مطروحا في ظل الظروف الراهنة التي تتميز بالزيارة المؤسفة لخوان كارلوسquot;. وكان آخر اجتماع رفيع المستوى عقد بين الجانبين، يوم 5 و6 آذار (مارس) الماضي في الرباط، وتناولا خلاله العديد من النقاط الأمنية والهجرة والبنية التحتية.
التعليقات