سيف الصانع من دبي: تشهد الكويت هذه الأيام حراكًا سياسيًا متصاعدًَا بين أعضاء مجلس الأمة أفضى إلى معارك ومساجلات كلامية حادة بسبب جنوح عدد من رموز العمل الوطني إلى العمل التجاري.
ويرى مراقبون للعمل السياسي الكويتي أن جزءًا من التناحر النيابي النيابي الذي تشهده الكويت هذه الأيام يرجع إلى التنافس الحاد بين الحركة الدستورية الإسلامية (وهي الغطاء السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي) وبين كتلة العمل الشعبي التي يتزعمها رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون.
الخلاف الذي كان تحت الطاولة إنفجر في اجتماع للجنة المالية البرلمانية، حينما كانت تناقش اللجنة قانون quot;أملاك الدولةquot; وبعد إبداء السعدون ملاحظاته التي إتهم فيها النائب وليد العصيمي بأنه استخدم نفوذه من أجل الحصول على مشروع quot;أبو فطيرةquot;، فما كان من العصيمي إلا أن قاطع السعدون قائلاً: quot;يا أخي عيب عليك، تمشي وتتحدث عني كما لو أنني حرامي... لقد فضحتني بين أهل الكويت بكلام لا يمت إلى الحقيقة بصلةquot;. ويتابع العصيمي: quot;تتحدث عن المال العام كما لو أنك نظيف اليد، لو كنت حريصًا يا السعدون على المال العام لتحدثت عن مشروع الفحم المكلسنquot;. وحاول النواب تهدئة العصيمي الذي تابع كلامه بعصبية قائلاً: quot;إذا تحدثت مرة أخرى راح أحط القندرة على رأسكquot;. وهنا تدخل رئيس اللجنة النائب أحمد باقر وبقية الأعضاء لترطيب الأجواء التي تصاعدت بشكل لم يسبق أن شهدته إجتماعات اللجان البرلمانية في مجلس الأمة (يذكر أن ابن أحمد السعدون الأكبر عبدالعزيز شريك في شركة الفحم المكلسن ونائب لرئيس مجلس الإدارة.
ونقلت مصادر quot;إيلافquot;أن السعدون حينما سمع كلام العصيمي إكتفى بالقول :quot;أي مشروع مخالف يجب أن يحال إلى النيابةquot;... لكن حديثه هذا جاء متأخرًا ، ولم يتجرأ في التطرق إلى مشروع الفحم المكلسن كما تطرق إلى مشروع quot;أبو فطيرةquot; إتهم فيه الحكومة بالتنفيع، رغم أن مشروع الفحم فيه شبهات كبيرة، وهذه الشبهات هي ما جعلت الحركة الدستورية الإسلامية خلال الأيام الأخيرة تدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابساته وإحالة قضيته إلى النيابة العامة.
وعلق نائب على quot;الحرب الكلامية quot; بين السعدون والعصيمي والأجواء المشحونة التي تشهدها العلاقة بين الكتل السياسية قائلاً إن ما يحدث في الكويت أصبح من المتعذر تقبله لا عقليًا ولا منطقيًا، لافتًا إلى ما ذكره الأمير طلال بن عبدالعزيز أخيرًا، حينما رعى حفل الجامعة المفتوحة كان عين الصواب لأن الديمقراطية أفضت إلى شيء غير ديمقراطي، ويتابع النائب أن الزميل أحمد السعدون يمارس الرجل السياسي بأبشع صوره... فهو يروج أنه حامي المال العام والمدافع عن أموال الدولة، ولا يفوت فرصة إلا ويهاجم الحكومة، ويتهمها بأنها تحمي اللصوص وسراق المال العام، ولا تحارب إعتداءات على أملاك الدولة، كذلك يتهمها بأنها تمرر مشاريع لمصلحة منتفعين ومنتفذين، مضيفًا: quot;لكن السعدون مكشوف، فمن كان بيته من زجاج عليه ألا يرمي الآخرين بالحجر ... فالقاعدة التي يتحدث فيها وينطلق منها السعدون ضعيفة...فهو خالف القوانين في مشاريعه التجارية يوم حول مجمعاته في منطقة الجهراء إلى تجارية بمخالفة صريحة للقانون... ولذا لم يكذب النائب وليد العصيمي يوم هاجم السعدون علنًا أثناء إجتماع للجنة المالية حضره السعدون نفسه.
وتجدر الإشارة إلى أن فحم الكوك (المكلسن) يستخرج من تصفية البترول في مصافي النفط، وهو يدخل كمادة أولية في صناعة الألمونيوم. وهذه المادة ليست لها تسعيرة خاصة، والإتفاق على سعر يكون بالتفاوض حسب العرض والطلب بناء على أسعار الإقليم أو المكان نفسه الذي تباع فيه هذه المادة... فسعرها يكون في الكويت ndash; على سبيل المثال- يختلف عن سعرها في أميركا .
لكن ترسية المشروععلى إحدى الشركات لم يكن مفيدًا للدولة، لأنه كان يمكن أن تنفذه الدولة لتعظيم إيرادات الدولة للمصلحة العامة، أفضل من منحه لشركة محلية وتعظيم إيراداتها... لأن مؤسسة البترول تركت للشركة أن تقرر الأسعار لفحم الكوك من غير مراعاة تكافؤ الفرص والمال العام ... فالسعر تقرره طاولة المفاوضات بين قطاع التسويق العالمي في مؤسسة البترول والشركة الراغبة في الشراء وفق لوائح شركة نفط الكويت وإجراءاتها.
وهذا جزء من أسئلة وملاحظات تثار حول المشروع تؤكد أنه ليس من المفيد للدولة ترسيته على شركة المال للإستثمار، بإعتبار أن مبدأ تكافؤ الفرص لم يكن متوافرًا في المناقصة، فضلاً عن أسباب أخرى منها:
1-آلية تسعير فحم الكوك الذي تبيعه مؤسسة البترول يجب أن تربط بالسعر المتداول في إقليم الخليج ، لكن المؤسسة تبيعه بالسعر المتداول في الولايات المتحدة الأميركية، رغم أن أسعار الولايات المتحدة أرخص من أسعار الخليج، فلماذا الإصرار على بيع الفحم للشركة بأسعار أقل؟
2-مؤسسة البترول تزود مصنع الألمونيوم في البحرين ( شركة ألبا ) ، لكنها تبيع هذا المصنع فحمًا مكلسًا بأسعار الخليج وليس بسعر الولايات المتحدة الأميركية... أي بسعر أكثر من السعر الذي تعطيه لشركة المال للإستثمار.
3-مؤسسة البترول لديها دراسات لكل مشروع، فأين دراساتها لتقويم آلية التسعير ومقارنة عوائدها بعوائد الأسواق الحالية؟ وهل تمت مراعاة المحافظة على المال العام ؟... والإجابة هنا بالطبع لا ، لأن المؤسسة خالفت الدراسات العلمية في مشروع الفحم .
التعليقات