تناقض إعلامي إسرائيلي في عرض حيثياته
لغز عزمي بشارة يزداد غموضًا وتعقيدًا

أسامة العيسة من القدس: لليوم الثاني على التوالي، تتصدر صور الدكتور عزمي بشارة النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، الصفحات الأولى في الصحف الإسرائيلية، التي توسعت في نشر موضوعات عمّا إعتبرته quot;لغز بشارةquot; وأرسلت هذه الصحف مندوبيها إلى أماكن مختلفة للإحاطة باللغز المفترض، وبدأت المعلومات التي تنشر عن بشارة في هذه الصحف متناقضة بين صحيفة وأخرى، مما يزيد غموض الموضوع التي تتحدث عنه هذه الصحف.

صحيفة معاريف قالت على لسان بشارة الموجود في أحد فنادق العاصمة عمان، إنه سيعود إلى إسرائيل ليدير معركته، نافيًا الأنباء حول ما تتناقله وسائل الإعلام عن نيته مغادرة إسرائيل.

عزمي بشارة
وكانت quot;معاريفquot; قد نشرت في عددها الصادر أمس صورًا للفندق الذي ينزل فيه بشارة وعائلته في العاصمة الأردنية منذ ستة أيام، ونقلت على لسانه إتهامه لإسرائيل بتلفيق التهم له.

وتتحدث الصحف الإسرائيلية عن قضية تقول إن بشارة متورط بها، دون الخوض في التفاصيل، لوجود قرار قضائي بحظر النشر فيها، ويعتقد أنها قضية أمنية على خلفية زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان في شهر تموز (يوليو) الماضي.

وخلافًا لصحيفة معاريف، فإن صحيفة يديعوت احرنوت قالت على صفحتها الأولى، إن بشارة لن يعود إلى إسرائيل في الفترة القريبة، وأرسلت الصحيفة التي كانت قد نشرت يوم أمس صورًا لمنزل بشارة في حيفا، متسائلة إذا كان سيعود إليه، مبعوثة لها إلى العاصمة الأردنية للقاء بشارة.

وقالت الصحيفة إن بشارة أبلغ مسؤول أردني رفيع أن الإسرائيليين quot;قد سجنوه كما سجنوا البرغوثيquot; والمقصود مروان البرغوثي القائد في حركة فتح، المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ خمسة أعوام.

ويعتقدأن المسؤول الأردني الذي تشير إليه الصحيفة هو عبد الإله الخطيب، وزير الخارجية الأردني الذي إستقبل بشارة يوم أمس في مكتبه، ووفقًا لمقربي بشارة فإنه تم خلال الإجتماع الذي إستمر أكثر من ساعة quot;بحث الأوضاع السياسية في المنطقة وتبادل الآراء بشأنهاquot;، في حين أن خصومه يقولون إن الخطيب طلب من بشارة إحترام السيادة الأردنية.

ولكن ليديعوت رأيًا آخر، مشيرة إلى أن بشارة وصل إلى عمان، في ظروف وصفتها بأنها غامضة، وبأنه لن يعود قريبًا إلى إسرائيل، لانه إذا عاد فسيتم إعتقاله، وإن الأجهزة الإسرائيلية نقلت معلومات معينة عن بشارة إلى الأردن.

ورغم أنه لم يمض على بشارة سوى ستة أيام في العاصمة الأردنية، إلا أن يديعوت تقول إن زيارة بشارة للأردن ليست زيارة عادية، وإنه إحترم قواعد سلوك الضيافة فلم يدل بأي تصريحات يمكن أن تكون إستفزازية أو محرجة للأردن.

ونقلت صحيفة هارتس عن مقربين من بشارة قولهم، بأنه غادر العاصمة الأردنية، وانطلق في جولة سيصل فيها إلى الهند، وبعدها سيعود إلى إسرائيل.

ورصدت الصحف الإسرائيلية ردود الفعل على قضية بشارة، غير الواضحة، والتي بدأت إعلاميًا بعد أن نشرت صحيفة عربية تصدر في مدينة الناصرة، خبرًا عن نية بشارة الإستقالة من الكنيست.

وكان بشارة قد غادر البلاد خلال القمة العربية التي عقدت في الرياض للعمل كمعلق في قناة الجزيرة، ثم عاد، ليغادر مرة أخرى وهذه المرة مع عائلته إلى الأردن.

وحسب حزب التجمع الذي يترأسه بشارة، فإنه كان قد طرح أكثر من مرة مسألة إستقالته من الكنيست للتفرغ للعمل الفكري والأدبي، وإنه تراجع عن ذلك بضغط من قيادة الحزب.

ويتفق خصوم ومؤيدو بشارة في أزمته هذه أنه توجد قضية ما تحاك ضد بشارة، قد تؤدي إلى سجنه عدة سنوات، ونقلت مصادر عن عضوة الكنيست اليسارية السابقة شولاميت الوني قولهاإن لديها معلومات بأن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يحيك ملفًا أمنيًا ضد بشارة.

وكشف عضو الكنيست المتطرف ايفي ايتام من كتلة الإتحاد الوطني (المفدال) عن وجود معلومات لديه تشير أن القضية التي تورط اسم النائب عزمي بشارة فيها قضية خطرة، وقال إن أعضاء الكنيست العرب وخاصة النائب بشارة تجاوزوا الخطوط التي يضعها أي نظام ديمقراطي نيابي لا سيما من خلال القيام بزيارات لدول معادية.

أما عضو الكنيست المتطرف زفولون اورليف من (المفدال) فقال إن أي زيارة يقوم بها نائب عربي لدولة معادية تشجع على القيام بنشاطات إرهابية ضد دولة إسرائيل، وأضاف أن أي زيارة من هذا القبيل تثير أيضًا الشبهات بشأن إمكانية نقل معلومات ذات طابع أمني إلى العدو.

واورليف هو من قدم مشروع قانون إلى الكنيست يحظر على أي إسرائيلي زار دولة معادية التنافس في الإنتخابات للكنيست، والمقصود بذلك بشكل أساسي نشطاء الأحزاب العربية في إسرائيل.

أوساط عربية في إسرائيل لم تنف أن بشارة يواجه ملاحقة من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ولكنها أبدت تحفظًا على أي قرار يمكن أن يتخذه بمغادرة البلاد خشية السجن، وأشارت هذه الأوساط أن الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية، تعرض للإعتقال ولكنه لم يغادر البلاد، بإعتبار أن الهجرة تعتبر تحقيقًا لأهداف الحركة الصهيونية.

ويذكر بأن بشارة كان ناشطًا في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، ولكنه إختلف مع قيادة الحزب الذي يضم يهودًا وعربًا، وأسس عام 1995 حزبًا قوميًا مع مجموعات قومية فلسطينية، وانتخب عضوًا في الكنيست لأول مرة عام 1996.

وفي الإنتخابات التي جرت عام 2003، حصل حزب بشارة على ثلاثة مقاعد في الكنيست، وتعرض للملاحقة بسبب تصريحاته التي إعتبرت معادية لإسرائيل، مثل إشادته بالمقاومة اللبنانية، بعد إنسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان في أيار (مايو) 2000، وقوله في مقر حزبه في مدينة أم الفحم: quot;لأول مرة نتذوق طعم النصر منذ عام 1967 بفضل حزب الله، الذي حقق لنا الفخر وأذل إسرائيلquot;.

وبعد نحو عام أدلى بتصريحات مماثلة في جنازة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، فواجه مطالبًا بتجريده من الحصانة البرلمانية، بدعوى دعمه للإرهاب.

والتمس بشارة إلى المحكمة العليا، ضد تجريده من حصانته، فقبلت التماسه، ولكن ذلك لم يوقف إستمرار ملاحقته، وآخرها ما يتم الحديث فيه عن قضية تتعلق بها، لم يكشف عن خبايا بعد.