الإعلام الرسمي بين حزيران (يونيو) 1967 و جونو 2007
عُمان وأعلامها نجحا في التعامل مع جونو بإمتياز

زيد بنيامين من دبي: تكتب الصحفية وعضو المجلس الوطنـي الإماراتي ميساء راشد غدير في عمودها يوم الجمعة معلقة على أداء بعض المؤسسات خلال اعصار جونو الذي ضرب بحر العرب خلال نهاية الأسبوع الماضي، قائلة quot;إن مركز التنبؤات الجوية الرئيس بإدارة الأرصاد الجوية خذلنا في أزمة كهذه، ووضع نفسه في محل شك لدى أفراد المجتمع ومؤسساته، ونحمد الله ـ عز وجل ـ أن مؤشرات الإعصار كانت قد سبقتنا إلى السلطنة، وإلا لكانت حالنا غير الحال فيما لو اعتمدنا على مراكز كهذهquot;، متناسية ان الصحيفة التي تكتب فيها قالت قبل يومين quot;نفى مصدر مسؤول في إدارة الأرصاد الجوية في أبوظبي، ما تناقلته بعض مواقع الانترنت وأرفقته ببعض الصور الجوية، وادعت نقله عن موقع البحرية الأميركية، من توقع إعصار شديد في منطقة الخليج العربي خلال الثلث الأول من الشهر الجاريquot;، وقال إن الخبر لا أساس له من الصحة، كما لا توجد أي مؤشرات أو احتمالات مناخية توحي بحدوث مثل هذا الإعصار المزعوم .

وقال المصدر إنه لم يحدث في تاريخ المنطقة مثل هذا الإعصار الذي قيل إنه ينتقل من سلطنة عمان ويتوغل في الجزيرة العربية حتى يصل إلى الرياض والمنطقة الشرقية، لافتًا إلى أن هذا الكلام لم يصدر من جهة علمية، وإنما صدر عن أشخاص لا علاقة لهم بالأرصاد، كما أن الصور المرفقة بالخبر غير حقيقية .

وأشار إلى أن المفهوم العلمي للإعصار هو عبارة عن منخفض جوي متعمق فوق سطح البحر يستمد قوته من وجوده فوق المياه ودرجة حرارتها، وإذا تحرك نحو اليابسة فإنه يفقد قوته وينتهي، وهذا ما حدث في عام 2002 في الإمارات وأدى ذلك إلى سقوط أمطار غزيرة ورياح شديدة ولم يتعد الأمر أكثر من ذلك)، والخبر على ذمة جريدة البيان التي قادت غدير فيها حملة ضد الصحافة الانكليزية في الامارات بدعوى عدم إلتزامها بالمعايير الاخلاقية التي يجب ان تنقل عن صورة الامارات، ووصفت تلك الحملة وقتها بأنها جاءت من غدير (لاسباب انتخابية) كما يصف ذلك صحافي يعمل في احدى تلك الصحف الانكليزية التي كانت معنية بالهجوم، وإلا فإن ما السبب الذي يقف وراء قيامها بمثل هذا الانتقاد (الخجول) في الوقت الذي كانت فيه حياة الآلاف على المحك، وهو لا يتوازى مع الهجمة المحمومة التي قادتها ضد الصحافة الانكليزية وقت الانتخابات في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

اسئلة كثيرة يعكسها مثل خبر البيان والتي تعد واحدة من اهم الصحف الاماراتية الناطقة بالعربية فالقول إن المفهوم العلمي للإعصار هو عبارة عن منخفض جوي متعمق فوق سطح البحر يستمد قوته من وجوده فوق المياه ودرجة حرارتها، وإذا تحرك نحو اليابسة فإنه يفقد قوته وينتهي، كلام غريب غير مفهوم كون المصدر لم يجب على سؤال حول ما اذا مر الاعصار على مساحة مائية على القرب من اليابسة كما حصل مع جونو فماذا سيحصل!

امتحان عسير عاشه الإعلام الاماراتي الناطق باللغة العربية، كما عاشه مركز الارصاد الجوية اللذان فقدا مصداقيتهما خلال الاعصار فيما نال الاعلام العماني درجة الامتياز وتعامل بواقعية مع الاعصار، لا بل اصبح مصدرًا للقاطنين في دول الخليج العربي لمتابعته الدقيقة لمجريات الحدث بالتحليل والصورة والكلمة، كما كانت حال الاعلام الانكليزي في الامارات عبر صحيفة الغولف نيوز الاماراتية التي نجحت ايضًا عبر موقعها الإلكتروني في متابعة الحدث.

الكثيرون شككوا من ان بيانات مركز الارصاد الجوية لا تستطيع الخروج من عباءة تعليمات المسؤولين حيث كان وزير البيئة والمياه الاماراتي قد صرح قبل ايام من الأعصار بأن امتداده الى مناطق الدولة سيكون تأثيره محدودًا، وبالتالي وقع المركز أسيرًا لعقدة عدم الخروج على تصريحات المسؤولين الكبار في الدولة لاجل المسؤول الذي له علاقة بالمركز بحكم مسؤوليته.

وتعامل الاعلام الاماراتي مع الاعصار يشبه الى حد كبير تعامل المصريين مع نكسة حزيران 1967 حيث كانت الانتصارات تتوالى والامور على عال العال والطائرات تتساقط كأنك تتصيّد الذباب، وقد يكون مجيء الاعصار بعد اربعين عامًا من النكسة، ليوضح لدينا أن الاعلام العربي قد لا يكون تغير خلال تلك الفترة الزمنية ولكن خيارات الناس في الاطلاع على الاخبار قد تغيرت.

الامارات اعلنت ان الاعصار تحول الى منخفض جوي غير ان علميًا فإن الاعصار يتحول الى عاصفة مدارية ثم الى منخفض جوي وبالتالي لم يكن هناك تفسير لهذا الاستعجال لتخفيض درجة الاعصار بهذه السرعة دون المرور بالمراحل المعروفة للتدرج.

ولعل عمليات التحذير التي تسبق الاعصار كانت مهمة بدرجة كبيرة كون اغلب القاطنين في الساحل الشرقي من الرجال يعملون في العاصمة ابوظبي وكذلك في دبي مما يعني ترك اهاليهم يواجهون الاعصار والذهاب الى العمل بدل البقاء، كما ان سكان الساحل الشرقي يعيشون من مهنة الصيد بشكل اساسي وبالتالي كانت هناك خسائر كثيرة نقلتها الصور الملتقطة من هناك.

وعلى الرغم من ان الرئيس الاماراتي الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان قد امر بالتعويض مباشرة، إلا ان هذا لا يعفي مراكز الدولة العاملة مع مثل هذه الامور كمركز التنبؤات الجوية من تحذير الناس للحفاظ على حياتهم غير القابلة على التعويض، كما أن الإعلام الإماراتي الناطق بالعربي ينبغي ان يتعلم الدرس جيدًا في ان الانسان قادر الآن على الوصول الى المعلومة، وبالتالي فإن الحذر يكمن في نشر المعلومة وتبسيط الامور، ويبقى السؤال إلى متى سيظل الإنسان العربي يستقي معلوماته من الخارج؟!