بين تقارير المنظمات الدولية وتصريحات الحكومة السودانية
الأزمة الإنسانية في دارفور على أشدها
مروة كريدية من دارفور: أليمٌ هو وَضع الإنسان العادي في إقليم دارفور فكيف إن كان نازحًا أو طفلاً رضيعًا ابصر النور في غبار المعسكرات في ظل غياب تام للخدمات الانسانية وتفشي حاد للامراض السارية والمعدية ، وكيف يبدو المشهد الانساني بعد مرور ما يزيد عن خمسة سنواتٍ على بدء النزاع المسلح والحرب الأهلية في الإقليم الواقع غرب السودان، وبعد انقضاء ثلاثة أعوام على توقيع اتفاقية السلام الشامل، وبعد كل محاولات التهدئة المستمرة من أطراف النزاع ومحاولات الحكومة السودانية المتزايدة لاحتواء الأزمة والتصدي لها بكافّة الوسائل ؟
وفي الوقت الذي تتكلم فيه المنظمات الانسانية عن أن الحرب أسفرت عن نحو مئتي الف قتيل و2,2 مليون لاجئ منذ اندلاع اعمال العنف، فإن المصادر الرسمية السودانية لم تعلن لنا رقمًا محددًا واحدًا، كما لم تزودنا بأي إحصائيات رسمية حول عدد الضحايا، فيما اكتفى بعضهم - فضَّلوا عدم الكشف عن اسمهم- بالاشارة إلى أن مجموع ضحايا عنف الحرب في الاقليم لا يتجاوز عشرة آلاف قتيل خلال الخمسة أعوام المنصرمة ، وكان هناك إجماع واضح من قبل جميع المصادر الرسمية السودانية التي قابلناها في أن القضية quot; مضخة إعلاميًّا ومُستغلة من قبل القوى المعادية للسودانquot;.
وبغض النظر عن حقيقة االتقارير وصدقية الأرقام، فإن التحديات الإنسانية الرئيسة ماثلة أمام المراقب العادي، بأن أقاليم السودان كلّها تحتاج الى تنمية شاملة وتطوير مستديم ، أما الاحتياجات الانسانية في الجنوب والغرب فهي ملحة للغاية وتتجلى بصورة فاضحة في الأزمة المستمرة في اقليم دارفور المنكوب .
وتتولّى اليونيسفُ في دارفور قيادة المجموعات القطاعية (لوكالات الأمم المتحدة) في مجالات متعددة هي : المياه، والصرف الصحي والنظافة، والتغذية والتعليم. وتؤدي المنظمة دورًا داعمًا وحاسمًا في قيادة المجموعتين القطاعيتين في مجالي الصحة والحماية. ويُتوقّع للبرامج التي تدعمها اليونيسف الوصول إلى ما لا يقل عن 10 ملايين طفل، وامرأة وجماعة ضعيفة ومعرضة للمخاطر في نهاية عام 2008.
bull;تقريرالعمل الانساني 2008 لليونسيف :quot;معدلات الوفيات تعتبر الأعلى في العالم و350.000 طفل ممَّن يعانون من سوء التغذية quot;
نسوة وأطفال مرضى في أحد المخيمات |
bull;المصادر الرسمية السودانية :quot; تقارير المنظمات الغربية مشكوك فيها وهي الارقام مضخمة ومستغلة من قبل واشنطن لتغطية فشلها في العراقquot;
إسماعيل والعبيد |
bull;بعثة الامم المتحدة في جنوب دارفور : quot;دور الحكومة السودانية غائب و1500 قتيل العام الفائتquot;
الفاضل |
أما الوضع الأمني في هدوء نسبي مع وجود قطع لبعض الطرقات من قبل بعض الميليشيات التي تسكن غالبًا في القرى المجاورة لمعسكرات النازحين،quot; مضيفًا الى أن quot;المدنيين يتعرضون للتحرش والقتال من قبل العصابات ، ومجرد ان يكون الانسان عربيًّا فهو متهم ان يكون جانجوييد ، علمًا ان ليس كل العرب جانجوييد ، وان أعمال الاقتتال تتم على أساس قبلي في معظم الأحيان ، لذلك تجد احيانًا اقتتالاً بين القبائل العربية- العربية ، و بين القبائل الافريقية ndash;الافريقيةquot;
bull;منظمات العمل الإنساني في دارفور :quot; مئتي الف قتيل و2,2 مليون لاجئquot;
وقالت هذه المنظمات في اعلان مشترك نشرته وكالة الانباء الفرنسية AFP منذ أسبوعين تقريبًا: quot;من اصل اربعة ملايين نسمة تأثروا بهذا النزاع 1,8 ملايين منهم هم من الاطفال. منذ خمسة اعوام لقي الكثير منهم حتفهم والآخرون لم يعرفوا شيئًا آخر سوى الحرب والعنف (ومن ضمنه العنف الجنسي) او العيش في المخيمات. هناك مليون طفل نزحواquot; عن ديارهم. وتأمل منظمات quot;الحركة المسيحية للقضاء على التعذيبquot; وquot;منظمة العفو الدوليةquot; وquot;الاتحاد الدولية لرابطات حقوق الانسانquot; وquot;هيومن رايتس ووتشquot; بان يساهم اعلانها في تسليط الانظار على وضع اطفال دارفور. وإذ اعلنت هذه المنظمات ان quot;المفاوضات السياسية وعملية السلام مشلولتانquot; وان quot;قوة حفظ السلام التابعة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي غير قادرة على اتمام مهمتهاquot; اكدت ان quot;المجتمع الدولي فشل في تحمل مسؤولياته في حماية سكان دارفورquot;
bull;اليونسيف رؤية إنسانية وجهد ملموس :
رحلة البحث عن مياه الشرب |
كما ستستمر المساعدات التغذوية في الوصول إلى 20.000 طفل ممَّن يعانون من سوء التغذية الشديد، وإلى 350.000 طفل ممَّن يعانون من سوء التغذية المتوسط، عن طريق تقديم السلع العلاجية والدعم الفني إلى عدد من برامج التغذية المختارة.
كما ستقوم اليونيسف وشريكاتها من الوكالات بتزويد ما يربو على (2.3) مليون شخص بالمياه المأمونة وبوسائل الصرف الصحي والنظافة العامة والشخصية المحسَّنة، وبإنشاء و/أو بإعادة تأهيل حوالى 860 نقطة توزيع مياه
أما في القطاع التعليمي فستقوم اليونيسفُ بتقديم الخدمات التعليمية واللوازم المدرسية إلى (1.9) مليون طفل، وبتدريب 10.500 معلم على أساليب التعلم الصديق للطفل، وعلى أساليب تعليم اللغة الإنكليزية والمواضيع الحرجة الأخرى.
وفي ما يتعلق بحماية الأطفال والوعي بالألغام: فإن اليونيسف تستمر بدور حاسم في ضمان الحماية للأطفال والنساء في ما يتعلق بقضايا الأطفال المجنَّدين والمستخدمين من قبل الجماعات المسلحة والقوات المسلحة في الجبهات الأمامية. ولن تدّخر اليونيسف وشركاؤها جهدًا في تسريح ما مجموعه 2.500 طفل، وجمع شملهم مع أسرهم وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في مجتمعاتهم المحلية. وستقوم المنظمة أيضًا بتقديم الدعم النفسي الاجتماعي لما مجموعه 200.000 شخص من المتضررين من الحرب ومن الجماعات الضعيفة الأخرى المعرضة للمخاطر، وبرفع وتيرة الوعي في أوساط 5 ملايين شخص بشأن قضايا الحماية الحرجة، مثل ختان الإناث (بتر الأعضاء التناسلية الظاهرة) والزواج المبكر والموضوعات الأخرى، وبرفع مستوى التوعية أيضًا لدى أكثر من 400.000 شخص بشأن المخاطر التي تفرضها الألغام والأعتدة الحربية غير المنفجرة، وبتدريب نظراء المنظمة المحليين وأفراد المجتمعات المحلية وآخرون من أجل ضمان تحقيق النتائج الطويلة الأمد .
وأخيرًا، وأمام الواقع الإنساني المرير وعمق المعاناة ، ينفطر قبل المرء متمنيًّا على كل الاطراف المعنية ايًّا كانت انتمائاتها ان توقف المتاجرة في قضية الخاسر الأكبر فيها نساء رُكَّع واطفال رُضَّع !
ايلاف - مروة كريدية -السودان
[email protected]
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com
التعليقات