quot;الواقع المُختزل إلى الذات قد ولّد المجتمعات النقلية التي كَنستها الحداثة. والواقع المختزل الى الموضوع يقود الى أنظمة توتاليتارية. والواقع المختزل الى القدسي يقود إلى التعصبات والأصوليات الدينية. إنّ مجتمعًا قابلا للحياة لا يمكن أن يكون إلا مجتمعًا تجتمع فيه هذه الوجوه الثلاثة اجتماعًا متوازنًا quot; (بسراب نيكوليسكو)
تعد معالجة المفاهيم المتعلقة بوظائف السلطة السياسية على مستوى المجتمعات المدنية من أهمّ الأمور وأعقد الإشكاليات، وهي تتيح لنا فهم العلاقة الجدلية القائمة بين السلطات العربية من جهة والشعوب من جهة أخرى، هذه العلاقة التي لاشك تشهد تأزمًّا واضحًا، حتى عند بعض الدول التي تُصنف نفسها بأنها quot;هادئة ومستقرةquot;، وأن علاقتها بمواطنيها quot;جيدة ومميزةquot;، غير أن تحليل المنظومات العلائقية لبنيتها، تُظهر إجحافًا مبالغًا فيه بحق بعض الفئات المجتمعية المنضوية تحت سلطتها، لاسيما فيما يتعلق بالأقليات سواء كانت تلك الاقليات إثنية عرقية او دينية أو قبلية... فنجد نوع من التمييز على سبيل المثال بحق القبائل ذات الجذور غير عربية، او تلك التي تنتمي لغير المذهب الديني الرسمي للدولة، إضافة الى غياب العدالة القانونية بين مواطنيها وغيرهم من المقيمين على اراضيها، علاوة على ان هذه الانظمة تحرم نقد رأس السلطة، وتعمد الى تنزيهه الدائم عن الخطأ بشكل مبالغٍ فيه في وسائل الاعلام، الامر الذي ادّى الى اضفاء قدسية عجائبية في التعامل معه في طقوس لانجدها إلا في سير الملوك والسلاطين والخلفاء.
ويحيط بتلك الطبقة الحاكمة مجموعة من الافراد الذين اعتادوا على تكرار جملة: quot;يا طويل العمرquot;، ممن ينقلون للزعيم الصورة الوردية عن المجتمع، وبأن أوضاع الناس والبلاد اكثر من ممتازة، مما خلق هوة سحيقة بين الحكام من جهة والحقائق الواقعية من جهة أخرى، لان الحاكم لا يرى الواقع الا من خلال ملمّعي الصوّر، الامر الذي أدى الى اختزال الواقع المجتمعي بشخصه وبذاته الخاصة،حيث الجميع يدور في دائرته الفلكية، وأدخل البلاد في دوامة تخلف لا متناهية... وان شهدت بعض الدول طفرة عمرانية ndash; على يد مبدعين اجانب بطبيعة الحال- فإن الجدران وحدها لاتعكس النماء الانساني، بل على العكس فإن طفرة الحجر في ظل تخلف وعي البشر يؤدي الى كارثة محقّة سببها اختلال التوازن بين الوعي والواقع، مما يوصل مع مرور الوقت الى انهيارات حادة في الأسس المجتمعية في ظل تخلف الموارد البشرية.
إن بنية الأنظمة السياسية العربية برمتها لا تعمل ولا تسعى ولا ترغب في نماء الفرد الانساني الواعي الحر، والسبب ان حرية الوعي الفردي وتطوره تعني الحد من صلاحياتها وانحسار في سلطتها.
إن بنية الأنظمة السياسية العربية برمتها لا تعمل ولا تسعى ولا ترغب في نماء الفرد الانساني الواعي الحر، والسبب ان حرية الوعي الفردي وتطوره تعني الحد من صلاحياتها وانحسار في سلطتها.
إن المجتمعات المدنية بطبيعتها تحتاج الى مركبين اثنين لضمان تطوّرها واستمرارها وهما الحاجة إلى نِظام وهو ما يؤمن لها صفة الاستقرار ؛ والحاجة إلى التطور والتقدم وهو ما يضفي على المجتمعات صفة الحركية والنماء...
إذن السلطات متطالبة بوظيفة مزدوجة لتحقيق صفتين قد تبدوان متناقضتين شكلا غير أنهما متكاملتان ضمنًا، وهما:
اولا: توفير الاستقرار وتحقيق الأمن الداخلي، وتوفير الاستقرار الخارجي وحماية سيادة حدودها وهذا يتم عبر الاستراتيجيات الدفاعية والديبلوماسية الخارجية.
ثانيا: دفع عجلة التقدم عبر التنمية الاجتماعية والاقتصادية... وكفالة حقوق مواطنيها وتكريس المساواة بينهم في الحقوق والواجبات.
إذن السلطات متطالبة بوظيفة مزدوجة لتحقيق صفتين قد تبدوان متناقضتين شكلا غير أنهما متكاملتان ضمنًا، وهما:
اولا: توفير الاستقرار وتحقيق الأمن الداخلي، وتوفير الاستقرار الخارجي وحماية سيادة حدودها وهذا يتم عبر الاستراتيجيات الدفاعية والديبلوماسية الخارجية.
ثانيا: دفع عجلة التقدم عبر التنمية الاجتماعية والاقتصادية... وكفالة حقوق مواطنيها وتكريس المساواة بينهم في الحقوق والواجبات.
هذين الأمرين يُعدان من الوظائف الاساسية والمحورية لكل نظام سياسي في العالم، فأين نحن من هذين الأمرين؟
الواقع العربي اليوم أعجز من أن يحقق استقراره الخارجي وأمنه القومي، وواهم من يظن ان اي دولة من دول المنطقة تمتلك سيادة حقيقية على حدودها، فأي دولة متخلفة اليوم هي عرضة لاستباحة ارضها برًّا وجوًّا وبحرًا، وسواء كانت هذه الاستباحة برضى الحكام ام مما استُكرِهوا عليه، لا فرق فالنتيجة واحدة.
أما فيما يتعلق بالاستقرار الداخلي فهي المصيبة العظمى والطامة الكبرى، لأنه وتحت ذريعة ضمان الاستقرار الداخلي وتوفير الأمن ومكافحة الارهاب، أعلنت بعض الانظمة قوانين الطوارئ ndash; بعضها مستمر منذ اكثر من عشرين عام- وجُمّدت كافّة العمليات الإنمائية قاضية بذلك على مكونات التقدم، فقمعت الابداع وهُجرّت العقول، وادخلت البلاد في ثلاجة التاريخ !
فالسلطات السياسية العربية مازالت منذ ان وجدت وحتى الآن منهمكة في استعمال إمتياز المحافظة على النظام على حساب وظيفة التطور والتقدم... غير ان استمرار ذلك سيؤدي لا محالة الى لحظة فقدان توازن تنهار معها مملكة السلطة، فتبدأ الاضطرابات والثورات وتكثر الاعتراضات التي تقابل بالاعتقالات ومزيد من كم الافواه...
وأصبحت الطروحات خاضعة لمزاجية وأهواء الأفراد والجماعات المسيطرة، وهذا ما أدى تحديدًا في الدول العربية الى quot;أنظمة سياسية هرمةquot; هي الآن عديمة المعنى والفعالية، والسبب ان العلاقات الاجتماعية تطوّرت وتغيرت مفرداتها والانظمة السياسية على حالها منذ اربعة عقود او أكثر...
الواقع العربي اليوم أعجز من أن يحقق استقراره الخارجي وأمنه القومي، وواهم من يظن ان اي دولة من دول المنطقة تمتلك سيادة حقيقية على حدودها، فأي دولة متخلفة اليوم هي عرضة لاستباحة ارضها برًّا وجوًّا وبحرًا، وسواء كانت هذه الاستباحة برضى الحكام ام مما استُكرِهوا عليه، لا فرق فالنتيجة واحدة.
أما فيما يتعلق بالاستقرار الداخلي فهي المصيبة العظمى والطامة الكبرى، لأنه وتحت ذريعة ضمان الاستقرار الداخلي وتوفير الأمن ومكافحة الارهاب، أعلنت بعض الانظمة قوانين الطوارئ ndash; بعضها مستمر منذ اكثر من عشرين عام- وجُمّدت كافّة العمليات الإنمائية قاضية بذلك على مكونات التقدم، فقمعت الابداع وهُجرّت العقول، وادخلت البلاد في ثلاجة التاريخ !
فالسلطات السياسية العربية مازالت منذ ان وجدت وحتى الآن منهمكة في استعمال إمتياز المحافظة على النظام على حساب وظيفة التطور والتقدم... غير ان استمرار ذلك سيؤدي لا محالة الى لحظة فقدان توازن تنهار معها مملكة السلطة، فتبدأ الاضطرابات والثورات وتكثر الاعتراضات التي تقابل بالاعتقالات ومزيد من كم الافواه...
وأصبحت الطروحات خاضعة لمزاجية وأهواء الأفراد والجماعات المسيطرة، وهذا ما أدى تحديدًا في الدول العربية الى quot;أنظمة سياسية هرمةquot; هي الآن عديمة المعنى والفعالية، والسبب ان العلاقات الاجتماعية تطوّرت وتغيرت مفرداتها والانظمة السياسية على حالها منذ اربعة عقود او أكثر...
أما موضوع التنمية وتحقيق التقدم فهو في تراجع مستمر، ففي ظل القمع الداخلي والضغط الخارجي تشهد البلاد ركود لأن دور الفرد كمبدع قد عُطل، وما نشهده هو حراك شكلي مسرحي، وإذا كان من مهمات السلطة المحافظة على المنظومة الإجتماعية وتأمين ديمومتها فإن ذلك يجب ان لا ينحى بحال من الأحوال نحو تجميد الانماء تحت اي ذريعة من الذرائع، لأن النظام الاجتماعي نفسه ليس نهائي بل هو عمل يعاد خلقه وانتاجه بشكل مستمر على مرّ الزمان.
هذا الأمورمجتمعة ينجم عنها هوّة بين البنى التحتية للمجتمع وبناه الفوقية، مما يُفقد المجتمعات توازنها ويتجلى ذلك من خلال صراعات نشهده بشكل دائم في كافة القطاعات.
إن الانسان كلما ارتقى في سُلَّم المدنية وتقدم المجتمع، كلما اصبحت البنى الاجتماعية أقل استجابة لواقع العلاقات الاجتماعية، بعبارة اخرى فإن تطور المجتمعات يضفي على الانسان مزيدا من الفردانية والخصوصية فتخف السلطات المبنية على العلاقات، وتضعف سلطة العرف والعادة وتتلاشى سلطة القبيلة، وتضمحل سلطة المؤسسات اللاهوتية.
إن الكائن الانساني كائن فرداني يتمتع بذاتية عالية، لا تتبلور الا في مناخ من حرّية الوعي والوعي الحرّ وحرية الروح، والانسان هو الغاية التي تهدف اليها الانظمة السياسية في سبيل تأمين حقوقه وتحقيق نمائه في التقدم والازدهار وقبل كل شيئ ضمان حريته، فإن دورها ينبغي ان يتمحور حول صيانة الحقوق الفردية أولا
ومن جهة أخرى فإن رغبة الفرد الانساني في حياة مشتركة مع باقي أفراد المجتمع تحتم عليه نوعًا من التعاون الاجتماعي بوصفه طريق لتبادل الخدمات والمنافع دون إغفال ذاتية الفرد وحريته، وتكون وظيفة الدولة عندها في تنظيم حقوق الفرد وفقا لمقتضيات النسيج الاجتماعي مما يحقق التوازن والنماء المرجو وهنا تكمن مهارة وفن القيادة في الدول المتقدمة.
ومن جهة أخرى فإن رغبة الفرد الانساني في حياة مشتركة مع باقي أفراد المجتمع تحتم عليه نوعًا من التعاون الاجتماعي بوصفه طريق لتبادل الخدمات والمنافع دون إغفال ذاتية الفرد وحريته، وتكون وظيفة الدولة عندها في تنظيم حقوق الفرد وفقا لمقتضيات النسيج الاجتماعي مما يحقق التوازن والنماء المرجو وهنا تكمن مهارة وفن القيادة في الدول المتقدمة.
من حقنا أن نتسائل: ترى ماذا تفعل الانظمة العاجزة عن حماية امنها القومي والعاجزة عن صيانة استقرارها الداخلي والعاجزة كل العجز عن دفع عجلة التقدم والنماء؟؟ أليس المحتل أحيانا والمستعمر أكثر ايجابية في خدمة من استعمرهم؟
يكفي ان نلاحظ ان كبرى الجامعات الرائدة وأهم المشاريع التنموية في المشرق العربي ومغربه بناها المستعمر والمنتدب وهي مستمرة في العطاء حتى الان !!ومنذ ان نالت الدول استقلالها وهي في تراجع مستمر!!
على سبيل المثال اترك لك يا قارئي الكريم مقارنة النهضة التعليمية والفكرية والمؤسساتية التي عاشها لبنان زمن الانتداب الفرنسي وحال لبنان الآن بعد كلّ الحكومات الكريمة المتعاقبة!!
يكفي ان نلاحظ ان كبرى الجامعات الرائدة وأهم المشاريع التنموية في المشرق العربي ومغربه بناها المستعمر والمنتدب وهي مستمرة في العطاء حتى الان !!ومنذ ان نالت الدول استقلالها وهي في تراجع مستمر!!
على سبيل المثال اترك لك يا قارئي الكريم مقارنة النهضة التعليمية والفكرية والمؤسساتية التي عاشها لبنان زمن الانتداب الفرنسي وحال لبنان الآن بعد كلّ الحكومات الكريمة المتعاقبة!!
التعليقات