رجل نظام البعث القوي في لبنان يقرر الخروج إلى الضوء
أسعد حردان رئيساً للحزب السوري القومي الإجتماعي

إيلي الحاج من بيروت:
أخيراً قرر الرئيس الفعلي للحزب السوري القومي الإجتماعي أسعد حردان الإنتقال من الظل إلى الضوء وإنهاء إزدواجية حكمه من وراء رئيس صوري . فأصبح الرئيس العلني لحزب أنطون سعادة العقائدي الداعي إلى وحدة quot;سورية الكبرىquot; من قبرص إلى الكويت، ومن قناة السويس والبحر الأحمر إلى جبال طوروس وزاغروس.

وكان عدد من رفاق حردان قد حضوه على التقدم إلى المسؤولية الأولى على أمل أن يتمكنوا بعد دفعه إلى الواجهة من تحميله تبعة ما وصل إليه الحزب من حال تبعية مطلقة للإستخبارات السورية وامّحاء تالياً في سياسة الحليف الأكبر للقيادة السورية quot;حزب اللهquot; الذي يناقض كلياً حزب سعادة المتشدد عقيدة في علمانيته وقوميته السورية، وإن تلاقى الحزبان في العداء المطلق لإسرائيل، وحتى لليهود.

ويحمّل كثيرون من القوميين السوريين حردان المسؤولية عن شبه اضمحلال الحزب شعبياً بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في ربيع عام 2005، لكن بعضهم يسجّل له صلابته وتشبثه بفكرة أن الموجة العالية ضد نظام حزب البعث السوري، سواء في لبنان أو في المنطقة لا بد من أن تتراجع، وفي إنتظار الموجة المضادة لا خيار إلا خيار الصمود. وبعد حوادث 8 أيار/ مايو التي سيطر خلالها quot;حزب اللهquot; وبقية حلفاء سورية في لبنان وفي طليعتهم الحزب السوري القومي الإجتماعي على بيروت الغربية بدا للمترددين في حزب سعادة أن حردان كان على حق في رفضه وحؤوله دون إجراء أي مراجعة حزبية للذات إثر إخفاق الرهان على استمرار بقاء سورية- البعث في لبنان، خطوة نحو تحقيق هدف استراتيجي للحزب هو إلحاق لبنان بسورية باعتباره كياناً مصطنعاً اختلقه الإستعمار ، على غرار بقية الكيانات السياسية في quot;سورية الكبرىquot; ( وفق أدبيات الحزب).

إلا أن معظم السوريين القوميين الإجتماعيين تخلوا عن انتمائهم التنظيمي في هيكلية الحزب قبل ذلك بكثير، ليأسهم من إصلاح الأمور فيه وإمكان العودة إلى الأصول والنواميس التي وضعها زعيمه المؤسس أنطون سعادة بصرامة. ويقول هؤلاء إن حردان ضرب بها عرض الحائط، ومعه بعض أطنابه الذين تسلقوا سلم السلطة والإفادة الشخصية منها على حساب القيم والمبادئ مستندين إلى دعم الإستخبارات السورية غير المحدود لهم. إلى درجة أن الوزارات التي تسلمها الحزب ولا سيما منها وزارة العمل التي لطالما تشبث بها حردان لنفسه أو لأحد مساعديه في quot;زمن الوصاية السوريةquot; باتت مضرب المثل في الفساد.

وتطول لائحة إتهامات يوجهها قوميون سوريون متشبثون بصفتهم هذه إلى حردان. فهو في عرفهم وجّه السلاح غدراً إلى رفاق له تنفيذاً لأوامر استخبارات دمشق، ويذكرون من ضحاياه عميد الدفاع في الحزب محمد سليم الذي اغتيل في شتورة بتغطية جوية سورية ليلاً عام 1987 وكان سليم أحد الأركان البارزين في quot;المقاومة الوطنية اللبنانيةquot; ضد إسرائيل، وذلك بعدما كانت القيادة السورية لحسابات إقليمية قررت حصر أعمال المقاومة في quot;حزب اللهquot;. كما شملت عملية تصفية قادة quot;المقاومة الوطنيةquot; توفيق الصفدي وايلي الجقل وعشرات من قادة الحزب السوري القومي الإجتماعي العسكريين في المناطق اللبنانية.

وقد أنشأ شقيق محمد سليم، خضر سليم حركة قومية تشدد على المطالبة بمحاكمة حردان وتقول في أدبياتها إن الرجل لا تعني له ثقافة الحوار شيئاً. ويستشهد أحد القوميين المعتكفين بعبارة يقول إن حردان يرددها باستمرار لمن يراجعه من الحزبيين: quot; قطار الحزب ماشي ومن أراد اللحاق به فليتفضل، وأما من شاء البقاء متفرجا ولا شيء عنده غير الانتقاد والنق فليبق مكانه منتظرا الفرج من السماء. هذا كل ما عندنا ومن عجبه عجبه ومن لم يعجبه (...)quot;.

ويلوم قوميون حردان لتوريطه الحزب في مواجهات عسكرية ليست له مصلحة فيها ولا تخدم توجه عقيدته، على غرار ما فعل عام 1988 عندما زج بالقوميين الاجتماعيين في معركة بجانب حركة laquo;أملraquo; ضد laquo;حزب اللهraquo; في rlm;اقليم التفاح لأسباب غير حزبية يجهلها مجلس العمداء وعلى الأقل بعض العمد . وكما فعل في حوادث بيروت الغربية الأخيرة عندما أقدم مسلحو حردان بشارة الزوبعة المميزة وعلناً على إحراق إحدى طبقات محطة تلفزيون quot;المستقبلquot; في منطقة الروشة ورفع علم الحزب عليها وإلصاق صور الرئيس السوري بشار الأسد على صور رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في عمل إستفزازي أثار رد فعل شنيعاً في البيئة السنية في عكار قضى بنتيجته أحد عشر قومياً سورياً في مركز حلبا. يعتبر القوميون السوريون المعترضون على حردان رفاقهم هؤلاء ضحايا سياسة الرئيس الجديد للحزب الذي لا يسأل القوميين رأيهم ويضع نفسه في مرتبة أنطون سعادة .

ويبرز غضب في كلام أحد قدامى الحزب وهو يقسم إن حردان بنى سوراً حول فيلا أنشأها في ضهور الشوير من حجارة منزل أنطون سعادة الذي أراد بناءه وحال إعدامه عام 1949 دون أمنيته. ويقول إن حردان عندما التقى نظيره في ميليشيا quot;القوات اللبنانيةquot; رئيس إستخباراتها السابق إيلي حبيقة المتهم بارتكاب quot;مجزرة صبرا وشاتيلاquot; سرعان ما أصبحا صديقين حميمين quot; لأنهما متشابهانquot;، يقول الرجل. ويضيف : quot;لو كانت تعاليم سعادة تعني له شيئاً لكان في يوم الحشد الكبير quot;يوم الوفاء والشكر لسوريةquot;، ذلك الثلثاء 8 آذار2005/ مارس في ساحة رياض الصلح ، أسمع الجميع صوت سعاده: quot;كلنا مسلمون لرب العالمين منا من أسلم لله بالإنجيل ومنا من اسلم لله بالقرآن ومنا من أسلم لله بالحكمة وليس لنا من عدو نقاتله في ارضنا ووطننا إلا اليهود quot;. فنحن علمانيون نحمل حلاً لأزمات لبنان وكل الأمة السورية. وأين كان كل الباقين عندما كنا نقاتل إسرائيل؟ لم يكونوا قد وُلدوا بعد quot;.

يذكر أن النائب عن المقعد الأرثوذكسي في قضاء مرجعيون ( بأصوات quot;حزب الله) اسعد حردان هو من مواليد 13-07-1951 ، من راشيا الفخار . انتمى إلى الحزب السوري القومي الإجتماعي عام 1968 . لا يحمل شهادات لكنه يوصف بأنه شديد الذكاء فضلاً عن صلابته بدنياً وسلوكياً. لا يعرف عنه في الحزب خلال سبعينات القرن الماضي سوى تمرسه في العمل العسكري ويذكر بعض رفاقه انه توجه إلى دمشق عام 1979 واختفى هناك مدة تزيد على ستة أشهر وبعد عودته إلى بيروت بشهرين بدأت قرارات التعيين تصدر لمصلحة حردان الذي تحول خلال مدة قصيرة رقماً عسكرياًُ صعبا، بل مخيفاً داخل الحزب وخارجه.

والسؤال لماذا جاء ترئيسه على الحزب اليوم وليس في أي مرحلة أخرى وهو القابض على الحزب منذ نحو عشرين عاماً؟ إذا كان هذا التطور يُحتسب مؤشراً إلى طبيعة الأيام الآتية فالأكيد إنها لن تكون أياماً هانئة. فأسعد حردان ليس فاعل خير.