المؤرخ الإسرائيلي الذي كلفه اكتشاف المجازر أكثر مما توقع يتحدث لـإيلاف
كاتس: النكبة مصيبة من الرب وإسرائيل ندمت لعدم إبادة الفلسطينيين
حاورته رماح مفيد من حيفا:
تيدي كاتس المؤرخ اليهودي، الذي تعرض إلى هجمة شرسة من الإعلام الإسرائيلي ومن جامعة حيفا الإسرائيلية بعد أن حصل على علامة تفوق 97% عن رسالة الماجستير التي قدمها والتي كشفت عن مجزرة الطنطورة،التي قتل فيها ما لا يقل عن 230 فلسطينيا بعد أن تمت محاصرة المدينة وجمع رجالها.

كاتس الذي يعترض بشدة على مصطلح النكبة، ولا يخفي انه يحذو حذو أستاذه الجامعي د. ايلان بابيه في كتابه الذي صدر مؤخرا بعنوان quot;التطهير العرقي في فلسطينquot;، يعتبر أن النكبة مصيبة من الرب تحل بشعب ما.
ويقول إن ما حدث في عام 1948 هو من فعل البشر، وكانت محاولة تطهير عرقي من قبل اليهود للسكان الفلسطينيين على هذه الأرض.

تخوض quot;إيلافquot; حوارا واسعا مع كاتس حول تجربته في إسرائيل، وعن اكتشاف لمجزرة كلفه أكثر مما كان يتوقع.
في البداية حدثنا عن سبب طردك من جامعة حيفا؟
في البداية أحب ان أنبه انه لم يتم طردي من جامعة حيفا. ما حدث في الواقع إني كنت قد قدمت رسالة الماجستير في جامعة حيفا، وبعد أن أنهيت كل ما كان يتوجب علي انجازه من وظائف وأبحاث، كان من المفترض انجازها من اجل الحصول على درجة حامل لقب أول كمؤرخ، كان علينا أن نختار إحدى القرى أو المدن، لتكون موضوع البحث، وبما أني من سكان حيفا أصلا كان أن اخترت مدينة حيفا كمنطقة لبحثي، لكن الجامعة رفضت ذلك وكان علي أن اختار مكانا آخر فما كان مني إلا أن توجهت لقرى مجاورة لحيفا.
شمل البحث 5 قرى لكني وخلال بحثي كمؤرخ مع سكان المنطقة عن تاريخ القرى كان لا بد من التطرق إلى المجازر الإسرائيلية في القرية وخلال بحثي كنت دائما اصطدم بردة فعل مبهمة، وخوف الأشخاص الذين كنت أحاورهم بمجرد ذكر كلمة الطنطورة، الأمر الذي لفت انتباهي بشكل كبير إلى أن جمعتني الصدفة برجل تسعيني اخبرني عن مجزرة حدثت هناك، وللتأكيد بدأت أدقق في قضية القرية إلى أن توصلت إلى نتيجة أن قرية الطنطورة شهدت اكبر مجزرة فلسطينية في عام 1948 حيث قامت قوات وحدة اسكندروني بقتل 230 فلسطينيا من سكان المدينة بدم بارد.
اكتشاف حقائق تاريخية كهذه لا يروق بالطبع لدولة إسرائيل، والتي تفضح بشاعة ما تم فعله في عام 1948 ما يؤكد أن ما جرى هنا كان محاولة تطهير عرقي وليست نكبة.
رفع دعوى والمطالبة بتعويض مليون شيقل

ما حدث بعد ذلك أن الجامعة أسقطت البحث، وألغت مني صفة حاصل على ماجستير بدرجة باحث لأصبح بذلك حاصلا على درجة الماجستير دون صفة الباحث، هذا بعد أن كانت قد أعطتني علامة تفوق بنسبة 97%.
وقامت مجموعة من وحدة اسكندروني وهي الكتيبة التي شاركت في المجزرة، بدعم من الجامعة ونتيجة لضغوط سياسية، برفع دعوى ضدي في المحكمة واتهامي بتحريف أقوالهم، علما أني احتفظ بنسخة مسجلة بحواري مع جميع من حاورتهم وهم 150 شاهدا منهم 74 عربا 76 يهودا 7 منهم هم من كتيبة اسكندروني وبالتحديد الكتيبة التي شاركت في المجزرة.

من الأشخاص الذين حاورتهم والذين شاركوا بالمعركة إنسان تقاعد من الجيش برتبة جنرالعام1972قال لي عندما رأيت ماذا كان يفعل أصدقائي في المقابر لم استطع تحمل المشهد وذهبت من المكان


دعيني أنبه فقط لأنه من بين الأشخاص الذين حاورتهم والذين شاركوا في المعركة إنسان تقاعد من الجيش برتبة جنرال عام 1972قال لي عندما رأيت ماذا كان يفعل أصدقائي في المقابر لم استطع تحمل المشهد وذهبت من المكان، وخلال حديثنا كان الرجل يؤكد لي ويكرر انه لم يكن قائد كتيبة اسكندروني التي اقترفت الجريمة إنما كان يتمركز عمله بوضع المتفجرات في مدخل القرية لا أكثر الأمر الذي لربما كان دافعا يساعده في الحديث لأنه لم يشارك في قتل الفلسطينيين كما اخبرني انه كان احد المشاركين في الكتائب اليهودية التي حاربت النازية في الحرب العالمية الثانية، تحت لواء الجيش البريطاني والذي فاجأني عندما قال، هل تعلم أن النازيين لم يقتلوا أسرى الحرب.


لا أنكر دهشتي بهذه المقارنة، ثم بدأ يحدثني عن المقابر الفلسطينية، وما حدث في الحرب العالمية الثانية، وما تعرض له اليهود على أيدي النازيين وقارنه بما تعرض له الفلسطينيون على أيدي اليهود
صدقا، لقد اقشعر بدني من هذه المقارنة وقلت لنفسي يا الله هل هناك مقارنة أبشع من هذه المقارنة، اعترف أنني صدمت ولم انبس ببنت شفه.
وتساءل الرجل مستغربا كيف وصلنا إلى هذه الحالة من البشاعة؟ ثم وكأنه تنبه إلى ما قاله، وسأل كيف وصلنا إلى الألمان؟
وكأن ما علق بذاكرته من صور لما فعلوه بالفلسطينيين أعاده إلى المقابر اليهودية في زمن النازية .

كيف تنظر إلى ما يحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة؟
إننا نشهد يوميا مجازر في الضفة وغزة صحيح أنها ليست كبيرة كالتي حدثت في الطنطورة لكنها مجازر بشكل مصغر، من دون سبب.
كثيرا ما أعلن في الصحف وصرح أشخاص سياسيين لهم مركزهم في السياسية الإسرائيلية عن رغبتهم في تهجير سكان المثلث داخل إسرائيل هل تعتقد إننا سنشهد مجازر جديدة كالتي حدثت في الطنطورة لإتمام عملية التهجير؟
لا أظن أن إسرائيل ستنجح في تهجير سكان المثلث، لسبب بسيط وهو انه عندما يخرج جندي إسرائيلي لتنفيذ عملية ما تكون قد رافقته على الأقل 3 أو 4 شبكات إعلامية
ولن تنجح إسرائيل بسن قانون كما نجحت أميركا في العراق حين أصدرت قانونا يمنع تواجد الصحافة في أماكن لا يريدها أن تكشف عن مجرى أحداث لا ترغب في نشرها لكن الأمر لن ينجح في إسرائيل ولن تنجح إسرائيل في تحقيق هدفها بتهجير سكان المثلث.
عندما شاركنا نحن في كتلة سلام بالتظاهرات التي أجريت على اثر الاعتداء الذي تعرض له طلاب المدارس على أيدي الشرطة، اثر التظاهرات بسبب مصادرة أراضي الروحة. كانت الشرطة تقوم برش المتظاهرين العرب بالغاز بينما كانت ترشنا نحن المتظاهرين اليهود بالماء.

دعيني أذكرك بمشهد حدث لي أنا عندما شاركنا نحن في كتلة سلام بالتظاهرات التي أجريت على اثر الاعتداء الذي تعرض له طلاب المدارس على أيدي الشرطة، اثر التظاهرات بسبب مصادرة أراضي الروحة.
كانت الشرطة تقوم برش المتظاهرين العرب بالغاز بينما كانت ترشنا نحن المتظاهرين اليهود بالماء.
عندما يلتقي كبار الضباط الذين شاركوا بالمجازر التي ارتكبت عام 1948 وفي حديث بين أنفسهم وأحيانا في محاضرات واجتماعات كنت احضرها بطبيعة عملي كانوا يقولون وببساطة شديدة خسارة إننا لم ننه الأمر آنذاك في إشارة منهم إلى انه كان عليهم قتل الجميع، لكنهم يستأنفون الحديث بأنفسهم ويقولون ما لم ننجح في تحقيقه آنذاك لن ننجح به اليوم، ما كان وما حدث في عام 1948 من الصعب تكراره اليوم

ماذا حدث في الطنطورة؟
ما حدث في الطنطورة كان مختلفا عن الأحداث في باقي القرى، عادة ما كانوا يدخلون إلى قرية أو مدينة كانوا يجمعون بعض الرجال ويبقون جهةمفتوحة ليهرب أهل القرية لكنهم في الطنطورة قاموا بإغلاق المداخل الأربعة للمدينة وجمعوا الرجال كانوا يسألونهم إن كان لديهم سلاح، وان كانت الإجابة لا كان يتم قتله على الفور وان كانت الإجابةنعم كان يتم تكبيل يديه وأخذه ليقودهم إلى مكان السلاح، كان السلاح يخرج والرجل يقتل في المكان.

ما الذي كان يميز الطنطورة عن باقي القرى، لتتعرض لمثل هذه المجزرة؟
الطنطورة قرية أغضبت سكان مدينة quot;زخرونquot; لعدة أسباب منها لان سكان القرية كانوا أغنياء وملكوا الكثير من الأراضي، عملوا في حيفا وكانوا الوحيدين الذين عملوا مع اليهود ولم يعملوا أجيرين عند اليهود خلافا للوضع السائد آنذاك.
بالإضافة إلى أن القرية كانت متطورة من حيث البنى التحتية إذ كان في القرية أرصفة في عام 1948 لك أن تتخيلي الأمر، كانت البيوت في الطنطورة تحتوي على حنفيات مياه.


كان في القرية جمعيتان تهتم الأولى بأمور السائقين وأخرى بأمور الصيادين. الكثير من الأشخاص خلال بحثي اخبروني انه لو استمرت هذه القرية في الحياة لكانت أصبحت مدينة كبيرة
وفي عام 1944 تبرع أهالي القرية بعشر ما كانوا قد ربحوا من أعمالهم المختلفة كان المبلغ 3750 ليرة إسترلينية وكان يعتبر هذا المبلغ ضخما جدا آنذاك وأكمل الانكليز المبلغ إلى 5000 وقاموا ببناء مدرسة كبيرة لا زالت قائمة في مدخل القرية لكنها تستعمل اليوم مركز أبحاث لنظام الحمية من قبل وزارة الزراعة ، ورغم التغيرات الطفيفة التي أجريت عليه لكن المبنى لا زال يحتفظ بطابعه الخاص، ورغم ذلك لم يتم وضع أي لافتة صغيرة تشير إلى تاريخ المكان لا زال هناك بيوت التي يعيش فيها اليهود الذين سيطروا على البيوت
الإرهاب الفكري
ويوضح تيدي كاتس أن الحرب التي شنت ضده كانت تهدف إلى استعماله كأداة لمحاربة د.إيلان بابيه صاحب كتاب التطهير العرقي
وقال:quot; لان أيلان بابيه هو المؤرخ اليهودي الأكثر شهرة على مستوى العالم، ولا يوجد هناك أكاديمي إسرائيلي وصل إلى هذه المرتبة من الشهرة العالمية واعتقد وتستطيعين مخالفتي الرأي أن أيلان هو الباحث رقم 1 و الأكثر عمقا ومصداقية في تاريخ الفلسطينيين وانا فخور بأن أقول إن إيلان هو الأستاذ الذي تأثرت به كثيراquot;.
بمرور 50 عاما على قيام الدولة حاولوا توثيقها فلم يؤرخوا بها بطولات وانجازات عام 1948 حاولوا توثيق الأمر من خلال حوار مع السكان اليهود الذين شهدوا تلك الحقبة التاريخية، ولكن عندما بدأ الجميع يتحدث عن أمر المجزرة ، واكتشف أن الحديث يدور حول مجازر وجريمة حرب توقفوا عن فعل ذلك تفاديا لأي احراجات لا تخدم الاحتفال

وتابع قائلا:quot; المضحك انه بمرور 50 عاما على قيام الدولة حاولوا توثيقها فلم يؤرخوا بها بطولات وانجازات عام 1948 حاولوا توثيق الأمر من خلال حوار مع السكان اليهود الذين شهدوا تلك الحقبة التاريخية، ولكن عندما بدأ الجميع يتحدث عن أمر المجزرة ، واكتشف أن الحديث يدور حول مجازر وجريمة حرب توقفوا عن فعل ذلك تفاديا لأي إحراجات لا تخدم الاحتفال بل تكشف عن فضائح وجرائم حرب ارتكبت بحق الفلسطينيينquot;.
وقال:quot; أنا اعلم أن الموضوع في النهاية سياسي، وهي محاولة تعتيم إعلامي على الموضوع:
ويضيف تيدي:quot; الجامعة التي علمتني والتي قيمت البحث بامتياز من الدرجة الثانية وحصلت بذلك على 97 هي لم تحمني بل هاجمتني وقررت تقديمي للقضاء تحت ضغط سلطات سياسيةquot;.

هل تعرضت لمضايقات اثر كشفك عن المجزرة؟
قلت لكِ إني عندما بدأت أسأل الناس إذا ما كانوا يعرفون أشخاصا هجروا من قرى مهجرة سنديان اجزم الطنطورة لاحظت أن ردة الفعل تجاه الطنطورة كانت مضطربة جدا، وقررت أن ابحث الأمر، وبما يتعلق بأن تاريخ القرية يشمل مجزرة ارتكبها اليهود، لذا الموضوع غير محبذ والى ما ذلك من المبررات، اعتقد أني سأفقد بذلك صفتي كمؤرخ باحث، ومع ذلك لا اخفي إني كنت أتوقع أنني سأواجه بعض الصعوبات لان الأمر ليس سهلا ، أن تكشف عن مجازر قد عفا عليها الزمن، وكانت ستموت دون أن تثار حولها ضجة إعلامية في العالم.


لكن المضايقات وصلت إلى البيت وأصبحوا يتصلون بنا يسألونني إذا ما كنت سعيدا بعد هذه الضجة التي أحدثتها وإنهم سيبعثوننا لمشاركة الفلسطينيين مقابرهم، والكثير من هذه الأمور ناهيكِ عن التكلفة المادية الباهظة التي تكبدتها خلال المحكمة فقط في رفع شكاوي ومتابعة القضية في المحاكم والحالة الصحية التي فقدت بسببها ما يقارب 5الى 10 % من مساحة العقل الأمر الذي انعكس سلبا على اللغات التي أتقنها.
الأمر ليس سهلا أبدا ويضيف تيدي بمرارة بدت واضحة في نبرة حديثه إن أطال الله في عمري وقررت أن اكتب كتابا سيكون موضوع الكتاب مجزرة الطنطورة ولكن الجزء الذي لا يقل أهمية عن المجزرة هو أني سأكتب أيضا ما تعرضت له بعد عام 2000 في المحاكم، والجامعة، ومحاولات التعتيم الإعلامية. وبه سأكشف عن أمور غريبة جدا في العالم الأكاديمي الإسرائيلي.

وأظن سأختار عنوان quot;أكاديمية التيكبسquot; لماذا التيبكس لأني عندما أنهيت البحث وتم الاتفاق على أني قد حصلت على علامة امتياز من الدرجة الثانية 97 الأستاذ الذي رافقني خلال بحثي وهو بروفيسور...
والذي بطبيعة الحال استلم قائمة بأسماء الطلاب الناجحين، وعندما نظر للقائمة، وكان من المفترض أن يكون اسمي ضمن القائمة لكنه لم يجد اسمي، وتحدث في الأمر مع بعض المحاضرين الذين قابلهم خلال اليوم .
احد المحاضرين كان ينظر إلى القائمة والذي وقف قرب الشباك، وإذ به يشاهد اسمي، اسمي كان مكتوبا، لكنه حذف بالتبكس!
ويتساءل تيدي إلى أين وصلنا، هم لم يتجاهلوني أنا فقط لإخباري و إنما لرئيس القسم ومرشد البحث
وبروفيسور أيضا لم يكلفوا أنفسهم بإخباره بل اكتفوا بالحذف.