اعتدال سلامه من برلين: يختلف الكاتب والصحافي الالماني لودفيغ فاتسل عن غيره من الكتاب الالمان بانه عندما يتحدث عن مشكلة الشرق الاوسط او يحلل الوضع هناك يفعل ذلك بمعزل عن العقدة النازية التي مازال يشعر بها الكثير من الالمان العاديين ايضا خاصة من الجيل القديم.

لذا تبقى كتاباته موضوعا ساخنا في المانيا منها كتاب اصدره قبل فترة بعنوان عدو السلام ndash; الصراع اللانهائي بين اسرائيل والفلسطينيين حيث قال فيه بان الشرق الاوسط منطقة دائمة الهيجان والتوتر، فكل يوم يحمل معه حدثا جديدا يدفع بالسلام الى الخلف. فالاعمال الارهابية الفلسطينية يقابلها رد انتقامي اسرائيلي الى درجة ان تعقيد هذا العلاقة المعقدة بالاصل وصل الى اقصى حد مما يدفع لطرح السؤال كيف يمكن تجاوز هذا الوضع مع ان اتفاقيات كثيرة مثل معاهدة اوسلو حملت القليل من بشائر الخير .

واستعرض الكاتب في كتابه بعناية وعمق المراحل المختلفة التي مر بها الصراع الفلسطيني الاسرائيلي واظهر بان العقبات التي واجهت الى الان عمليات السلام خاصة التعنت الاسرائيلي كانت بطبيعة الحال ستؤدي الى فشل كل الاتفاقيات التي اطلق عليها اسم سلمية.

في نفس الوقت لم يغض النظر عن معاناة الشعب الفلسطيني اليومية إن بسبب الممارسات الاسرائيلية او سياسة الادارة الفلسطينية نفسها، فاعتبر اساليب الاذلال التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي هي التي ادت الى احباط الفلسطينيين وتوترهم ولجوء بعض الفصائل الى العمليات الانتحارية كما وضع تحت المجهر سياسة الادارة الفلسطينية ايضا ايام ياسر عرفات والرشاوى والفساد وسياسة مراقبة الفصائل الاخرى.

وقد يكون اعتماد الكاتب فاتسل في فصله عن الخلفية التاريخية للسياسة الاسرائيلية على اقوال كتّاب اميركيين يهود من اجل كسب عدد اكبر من القراء، اذ اورد في كتابة دراسات عن مؤرخين مثل باني موري وايان بابي المعروف بكتاباته المعارضة بشدة للسياسة الاسرائيلية تتعلق بمعنى ارض الميعاد وحق اليهود التاريخي بفلسطين.

وبرأي فاتسل خلال العقود الطويلة الماضية وحتى الان وفي كل مرة تطرح فيها افكار تتعلق بعلاقة اسرائيل مع جيرانها العرب ووجوب اختيارها بين السلام والارض تختار دائما الخيار الاخير اي الارض، حتى بعد اتفاقية اوسلو الذي رفعت شعار الارض مقابل السلام ظل المساس بالارض من الممنوعات، وعلى هذا الاساس واصلت بعد عام 1993 كل الحكومات الاسرائيلية ايا كان لونها السياسي ومازالت بناء مستوطنات مما ادى الى تدهور الوضع السياسي الذي صعّب بالتالي تفاوض الطرف الفلسطيني.