إيلي الحاج من بيروت: طغى خبر إعلان رئيس مجلس النواب اللبناني الاسبق حسين الحسيني إستقالته من عضوية البرلمان في الكلمة التي ألقاها خلال جلسة مناقشات البيان الوزاري لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة ، على خبر نيل الحكومة ثقة 100 نائب من 107 كانوا حاضرين من أصل عدد أعضاء المجلس البالغ 127.
وحار النواب والسياسيون في تفسير الأسباب التي دفعت الحسيني إلى الإستقالة، فإذا كان منزعجاً كما عبر في كلمته من سياسات الحكومات المتتالية لعدم تطبيقها إتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، الإتفاق الذي أضاف إلى ألقاب الحسيني لقب quot;أبي الطائفquot; لأنه ما زال يحتفظ بمحاضر الجلسات التي انعقدت في المملكة العربية السعودية عام 1989، فإن انزعاجه يعبّر عنه النائب عادة بموقف عدم إعطاء الحكومة الثقة أو انتقادها، أما أن يقدم النائب إستقالته إحتجاجا فأمر غير مألوف في العمل البرلماني، خصوصاً أنه لم يبق من عمر مجلس النواب الحالي أكثر من 9 أشهر.
لكن أحد القريبين من الحسيني، الذي لجأ إلى صمته الشهير بعد إلقاء كلمته التي تمحورات على التأريخ في الوفاق والأخلاق السياسية، قال لquot;إيلافquot; إن الرجل وضع بعض المحيطين به في أجواء هذه الخطوة . وكشف أن الحسيني رغب في اتخاذ موقف سياسي متميز عن quot;حزب اللهquot; وحركة quot;أملquot; بعدما كان أطلق مؤسسة فكرية ndash; سياسية مطلع آب / أغسطس 2007 هي quot;المركز الوطني للمبادرة المدنيةquot;، مع نحو 80 من الشخصيات السياسية والفكرية والثقافية ، أحدها الشاعر أدونيس والنائب والصحافي غسان تويني . وفي كلمة الإفتتاح بصفته رئيساً للمركز دعا الحسيني اللبنانيين إلى حكم أنفسهم بأنفسهم على قاعدة الحرية والمساواة وبناء دولة حقيقية تتجاوز الشعارات إلى العمل المؤسسي.
وقال القريب من رئيس مجلس النواب السابق إن الرجل لا يرى نفسه إلا توافقياً، ويدرك أن quot;حزب اللهquot; الذي أنجحه في الإنتخابات بوضع إسمه في لائحته الإنتخابية لمنطقة بعلبك ndash; الهرمل، وكذلك حليفة الحزب حركة quot;أملquot; ليسا راضيين عن مواقفه في حقبة السنة ونصف السنة الماضية والتي كانت تعج بالأحداث المصيرية، من مقاطعة حكومة الرئيس السنيورة السابقة إلى الإعتصام في وسط بيروت ، وصولا إلى الصدامات في بيروت وبعض الجبل والشمال والبقاع. في كل تلك الحوادث المفصلية لم يتخذ الرئيس الحسيني موقفاً فلا كان مع قوى 14 آذار/مارس ولا مع قوى 8 آذار، لا معارضا كان ولا موالياً بل فاتراً طوال الوقت.
معنى ذلك أن الحسيني لن يكون في لائحة quot;حزب اللهquot; ndash; quot;أملquot; في دائرة بعلبك ndash; الهرمل، علماً أنه كان في السابق يمكنه الإعتماد على صداقات مع السوريين الذين كانوا يمونون على quot;حزب اللهquot; لإدخال رئيس quot;أملquot; ومجلس النواب السابق في لائحة الحزب الإنتخابية ، إلا أن السوريين كذلك ما عادوا متحمسين له . لذلك قرر أن quot;يتميزquot; بإعلان إستقالته والإتجاه إلى quot;عرابةquot; التوافق في لبنان ومنطقته، مما يجعله أقرب إلى ربح أصوات الناخبين السنة الذين يعدون نحو 30 ألفاً في منطقته بعلبك فضلاً عن المسيحيين الذين يعدون نحو 25 ألفاً على أمل تشكيل تحالف مع مستقلين شيعة آخرين في الدائرة التي يطغى عليها عدديا أبناء هذه الطائفة خصوصا لكونها تضم أيضاً قضاء الهرمل، مما يجعل منافسة لائحة الثنائي القوي عند الشيعة quot;حزب اللهquot; وquot;أملquot; صعباً جدا.
ولكن يبقى ان الاستقالة يجب ان تقدم إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري خطيا وموقعة، ولا قيمة لها إطلاقاً إذا ظلت شفوية. كما أنها لا تصبح ناجزة إلا إذا قبلها رئيس المجلس، وتعتبر نهائية فور علم المجلس بها في جلسة عمومية.
وكان الحسيني عرض في كلمته ما اعتبره quot;مخالفات دستورية جمّةquot; ومنها على سبيل المثال قانون الإنتخاب وفق التقسيمات التي أُقرّت في الدوحة ومنع الوزراء من الإستقالة. وقال : quot;إن تقسيمات دوائر الإنتخاب محاولة من الطبقة السياسية لتجديد نفسها وأنصح لهذه الطبقة بالإقلاع عن ذلك ،لأنها يمكن أن تنفع لدورة أو إثنتين ولكنها تُنهي لبنان. ولم أر مثل هذه التقسيمات لا في الدستور ولا في الوثائق الإصلاحية ولا في اتفاق الطائفquot;.
وعلّق الرئيس بري على الإستقالة بالقول : أرجو أن تكون هذه الإستقالة حافزا لديمومة لبنان.وقال الرئيس السنيورة :هذه الصرخة هي إنذار لنا جميعا (...) انحني امام ارادته التي تعبر عن مقدار الالم الذي يعتريه في ما واجهناهquot;.ثم قال بري:هذا لا يعني أنني قبلت الإستقالة. وعلّق السنيورة :هذا لا يعني أن لا نتصل به لنبحث معه في سبل عودته عن الإستقالة.
التعليقات