الهجومعلى غزة يكشف حالة الفراغ السياسي الذي يعيشه الأردن
تغييرات حكومية وتفعيل هيئة الأمن الوطني لتكون العقل السياسي المدبر
رانيا تادرس من عمان: لم تكن أحداث غزة والعدوان عليها من السيناريوهات التي أخذتها الأردن في حساباتها السياسية مما سجل إخفاقًا ومأخذًا على السياسية الخارجية الأردنية، وكشفت حالة فراغ سياسي يعاني منها الأردن وتجديد كابوس الوطن البديل الذي بات هاجسًا مقلقًا وخطرًا حقيقيًا يهدد الكيان الأردني. الخروج من حالة الفراغ السياسي هذه يتطلب تغيرات حكومية بشخصيات أردنية سياسية تدرك مخاطر المرحلة المقبلة، وكذلك إعادة إحياء هيئة الأمن الوطني للملمت الملفات السياسية الأردنية وتوجيهها بشكلها الصحيح بما يخدم مصالح الأردن في ظل خلط أوراق حدثت بعد العدوان وسد حالة فراغ سياسي تمر به الأردن بغياب زعمات سياسية تحمي وتحافظ على مكتسبات الوطن، وتكون سدًا منيعًا وعاليًا لمواجهة خطر العدوان وكابوس الوطن البديل وتداعياته ودفن خيار السلام وإقامة الدولتين .
غيرأنّ العاهل الأردني الذي يعتبر صمام أمان لحماية مملكاتها وشعبها سارع منذ العدوان لإجراء الاتصالات مع قوى عالمية وعربية لوقف العدوان، إضافة إلى الإيعاز للحكومة الأردنية بتقديم الدعم المالي والطبي من مساعدات واستقبال ألجرحي لدعم الشعب الفلسطيني، في تفسير يدل على استشعار قراءة ما بعد غزة بخطر يهدد الفلسطينيين عندما وصف بما يجري انه quot;مؤامرة على الشعب الفلسطيني ومستقبلهاquot;. ومشهد الخطر الذي يواجه نصاب شباكها نحو الأردن يطرح تساؤلات تقلق النخب السياسية في الأردن على مستقبل الدولة الأردنية والاحتمالات المتوقعة في ظل قيادة وحنكة سياسية يتمتع بها الملك عبدالله الثاني، فما القراءات المتوقعة والمطلوب على ارض الواقع؟.
ووفق ما يقوله مراقبون سياسيون تحدثوا لـquot;إيلافquot;، انه بداية علينا الاعتراف بان الانفتاح على حماس كان ورقة خسارة وليس ربحًا لمصلحة الأردن، خصوصًا أن القراءة الأردنية كانت تستند في تلك الفترة إلى أن الرئيس الأميركي اوباما سوف يعترف بحماس كقوة سياسية، ولكن العدوان الإسرائيلي جاء ليقضي على حماس والانتهاء منها وليكون طريق الرئيس الديمقراطي للحل السياسي يقوم على الاتصال مع أطراف كالسلطة وإسرائيلquot;. ولكن خسارة الرهان تأتي في وقت تعاني الأردن من حالة فراغ سياسي حكومي أي عدم وجود فريق سياسي يعمل إلى جانب الملك كما يعتقد المراقبون، لا سيما في ظل حكومة حصرت مهماتها في جوانب اجتماعية واقتصادية وفريق وزراء غير مسيس مرحلة صعبة وحرجة تعصف في البلد.
ولكن حالة الفراغ السياسي لن تدوم طويلاً بحسب قراءة مصادر إيلاف وسيجرى العمل على ترتيب البيت السياسي الداخلي وخطوة البداية كانت بتغير مدير دائرة المخابرات العامة في أوج العدوان على غزة ليكون درسًا للملك الأردني، وإن قاعدة التغير تقوم على عنصر المفأجاة في التوقيت واختيار شخصية كانت تعمل في الظل وبصمت لإعادة الدور الأمني الأساسي لدائرة المخابرات والتركيز أكثر على الشأن الداخلي الأمني عبر جبهة داخلية أمنية يصعب اختراقها quot;.
وتتبع هذه الخطوة بحسب المراقبينمسألة التغير الحكومي وليس التعديل على غرار ما كان مطروحًا سابقًا، خصوصًا أن المرحلة السياسية الأردنية حرجة في الفترة المقبلة تتطلب شخصية حكومية توافقية ومقبولة لدى أجهزة الدولة الرسمية إضافة إلى تمتعها بعلاقات مع أطراف دولية وعربية وجيدة ناهيك عن امتلاكه قدرة تنفيذية ومتابع للملفات داخلية quot; ولن تحدث خطوة التغير إرباكًا وفق وجهة نظر المراقبين.
ولكن ثاني السيناريوهات المطروحة كما يذكر المراقبون quot;هو إعادة الحياة لهيئة الأمن الوطني الذي عطلت منذ أعوام وفائدة هذه الخطوة quot;لتكون بمثابة العقل السياسي للدولة الأردنية لضبط إيقاع العمل السياسي الاستراتيجي التحليلي ليكون الموجه والمرتكز لقرارات الدولة السياسية وسد الفراغ السياسي في البلاد وكذلك تحقيق الانسجام والتناغم بين هذه المؤسسة الإدارية التي لن تكون تنفيذية وغيرها من مؤسسات الدولة من مخابرات وحكومة وديوان ملكي لتقوية الجبهة الداخلية وبرلمان. وأضافت المصادر أن quot; قوة هذه الخيار وإعادة الحديث عنه يأتي من منطلق اهتمام الملك عبدالله الثاني بمفهوم الأمن الشامل وتجاوز المفهوم الكلاسيكي ليصل إلى امن اجتماعي واقتصادي وسياسي .
وأشارت إلى أن quot; مهام الهيئة الإدارية التي سيكون دورها الأساسيفي رسم خارطة طريق للسياسة الأردنية وفق المتغيرات والأحداث السياسية والاحتمالات المتوقعة عبر قراءات دقيقة لأنها ستكون العقل السياسي الأردني، غير أن نجاح مهمة هذه الهيئة ضروري وبحاجة بحسب المصادر إلى شخصية تجيد العمل بالصمت والظل وتدرك تمامًا تنامي الدور التركي في المنطقة، يضيف إليها ارتباطه بعلاقات مع أطراف إقليمية ودولية . ولكن سيكون ركن آخر في البيت السياسي الأردني، وتشير المصادر إلى أنه ستكون هناك تغيرات في مناصب قيادات عسكرية وسياسية كذلك .
وسوف تكونتقوية الجبهة الداخلية عبر خيارات التغير المطروحة التي تدرس لدى صانع القرار الأردني والذي سيكون جوهره وهدفه مقاومة خيار الوطن البديل خصوصًا أن ضمانة الأردن الحقيقية وصمام الأمان فيها تتجسد بمواقف الملك عبدالله الثاني الذي يحتاج إلى فريق سياسي من طراز خاص يكون مستعدًا للدفاع عن مصالح الدولة الأردنية العليا إذ لم تستبعد المصادر أن تلوح الأردن بأوراق ضغط لحماية وجودها وتمتلك الاردن ملفات مؤثرة.
التعليقات