إقرأ أيضًا
تنافس محموم على الفوز بوكالة بناء المفاعل السلمي
محاولات فرنسية لإنقاذ صفقة المفاعل الإماراتي

سيف الصانع- 5 أكتوبر 2009

يبدو أنَّ واشنطن نجحت أخيرًا حيث أخفقت باريس، فخطفت من بين يديّ الفرنسيين اتّفاق التعاون النووي السلمي الذي توقعه مع الإمارات اليوم الخميس. ولا يعود السبب إلى قلّة خبرة الفرنسيين في المجال النووي، ولا إلى عيوب في العرض الذي قدموه الى أبوظبي، ولكن إلى خلفيَّات سياسيَّة عكرت صفو الصفقة الفرنسيَّة الإماراتيَّة ودفعت أبوظبي إلى اختيار واشنطن شريكًا نوويا.

إيلاف من لندن وأبوظبي: يتبادل مسؤولون من الولايات المتحدة والإمارات العربيَّة المتحدة اليوم الخميس مذكرات دبلوماسيَّة لوضع quot;اتفاقية 1 ـ 2 ـ 3quot; للتعاون النووي السلمي موضع التنفيذ. وبموجب الاتفاقيَّة، تزوّد الولايات المتحدة الإمارات بالتكنولوجيا النووية والخبرة بالإضافة الى الوقود، مقابل التزام الإمارات بمعاهدة الحد من الانتشار النووي ومتطلبات وكالة الطاقة.

وبتوقيع الاتفاق، تسحب الولايات المتحدة البساط من تحت أقدام فرنسا، بعد تلكؤ الأخيرة في تزويد الإمارات بالخبرة الواسعة التي تتمتع بها في مجال الطاقة النووية. وسبق لفرنسا أن حاولت على أعلى المستويات إنقاذ صفقة المفاعل النووي السلمي المزمع إقامته في الامارات، والذي أشارت إيلاف في الخامس من أكتوبر 2009 إلى أنَّه يخضع لمنافسة عالميَّة شرسة استدعت إيفاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الامين العام لقصر الإليزيه كلود غيبار إلى أبوظبي لمقابلة ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للترويج للمشروع الفرنسي والفوز بالصفقة.

وكان الرئيس باراك أوباما وافق على الاتفاق في أيار (مايو)، وأرسله إلى الكونغرس للمراجعة خلال فترة 90 يوماً. وقد يتيح الاتفاق صفقات بقيمة مليارات الدولارات لشركتي جنرال إلكتريك ووستنجهاوس إلكتريك، وهي فرع لشركة توشيبا كورب. وكان الفرنسيون دخلوا مع شركة quot;بكتلquot; الأميركية اعتقادا منهم بأن وجود الأميركيين سيساعد في نجاح الصفقة لان الإماراتيين لا يتحملون رد البلدين دفعة واحدة. غير أن عرض quot;بكتيلquot; كان باهظًا في مقابل المنافسة اليابانية والكورية والألمانية، كما أنَّها تستحوذ على حصة تبلغ 57 بالمائة من الشراكة، الأمر الذي ظهَّر محدوديَّة القرار الفرنسي في هذا السياق.

باراك اوباما مستقبلا الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في البيت الأبيض. أيلول 2009

وكان مصدر فرنسي مطلع على الوقائع قال لـ إيلاف إنَّ البرود الخفيف في العلاقة بين فرنسا والامارات يعود الى التغيّر السائد في التصرفات الفرنسية تجاه المنطقة. وقد انعكس هذا البرود في عدم تلبية الشيخ محمد بن زايد دعوة فرنسيَّة للتعريج على باريس قبيل ذهابه إلى أميركا التي استقبل فيها استقبالا شبه رئاسي شاركت فيه وجوه اميركية على اعلى المستويات كان أبرزها الرئيس باراك اوباما، بينما استقبله السفير الفرنسي في الإمارات لدى مروره بباريس في طريقه إلى أبو ظبي.

وتشبه quot;اتفاقية 1 ـ 2 ـ 3quot; التي سيتم التوقيع عليها اليوم بين أميركا والإمارات، مثيلتها التي وقعتها الولايات المتحدة مع الهند في العام 2008. وستقوم الولايات المتحدة بموجب الاتفاقية بتزويد الإمارات بالتكنولوجيا والخبرة النووية إضافة إلى الوقود. في المقابل تلتزم الإمارات بمعاهدة الحدّ من الانتشار النووي ومتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتأتي الاتفاقية بعد التوقيع في نيسان (أبريل) 2008 على مذكرة للتفاهم والتعاون بين الدولتين في مجالات الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

وتخطط الإمارات وهي ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط في العام 2007، لبناء عدد من المفاعلات النووية لتلبية طلب متوقع على 40 ألف ميغاوات إضافية من الكهرباء، ومن المتوقع أن تمنح العقد الأولي قريباً.

وفي منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أعربت الإمارات عن رغبتها في تنويع مصادر الطاقة الكهربائية، وشددت على أن استخدام الطاقة النووية لتوفير الكهرباء أفضل الخيارات المتاحة. وتشير التوقعات إلى أن الطلب على الكهرباء في البلد الخليجي سيرتفع بحلول العام 2020 إلى 40 ألف ميغاوات، أي ضعف مستوى الطلب في الوقت الراهن.