وتكمن مشكلة مناطق متعددة في قطاع غزة، عدم وجود شبكات صرف صحي متكاملة في المدن ومناطق تجمع لتلك المياه في أماكن التي خصصت لها والتي تقع بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وأستعوضوا ذلك بشكل مؤقت في إنشاء أحواض كبيرة فوق الأراضي المحررة والتي يسمونها الفلسطينيون بالمواصي، التي أخلتها إسرائيل في العام 2005، وهي الأراضي الأكثر خصوبة من الناحية الزراعية والأفضل من ناحية جودة المياه الجوفية.
من جانبه المهندس محمد الفرا رئيس بلدية حان يونس، ثاني أكبر محافظة في قطاع غزة، أن الأحواض الأربعة الرئيسية للمياه العادمة التي أقيمت فوق مواصي خان يونس غربي المدينة، مؤقتة. وقال لإيلاف quot;المخطط الرئيسي لتجمع المياه العادمة هو على الحدود مع إسرائيل شرقي المحافظة، وإسرائيل كانت تمنع الطواقم الفنية من البدء في إنشاء تلك التجمعات، خلال الإنتفاضة، مما حذا بالبلدية لإيجاد لأحواض مؤقتة تتجمع فيها مياه الصرف الصحي، وهو فوق الأراضي المحررةquot;.
وأضاف quot;قبل شهرين سمحت إسرائيل بالعمل على إنشاء أحواض بالقرب من الحدود، وبدأت الطواقم الفنية بتطبيق المخطط الرئيسي، لكن الأمر سيستغرق أربعة سنوات لإنهاء العمل بشكل متكاملquot;.
ويعتمد قطاع غزة على مياه الأمطار فقط لمخزون جوفي إستراتيجي لمياه الشرب، بعدما أنشأت إسرائيل سدود تحول دون تدفق والوديان من النقب إلى غزة، ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن حفر الآبار الارتوازية وكذلك حفر شبكات امتصاص كبيرة، لحجز مياه الأمطار المتدفقة إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة.
ويشكو مواطنون من تسرب مياه عادمة إلى أراضيهم التي تبعد عن أحواض مياه صرف صحي مقامة على بعد 100 متر عنهم. وقال المزارع محمد اللحام أن أوراق مزروعاته تصّفر رغم محاولة مكافحة الإصفرار.
ويعزو ذلك رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار البيئة الفلسطينية المهندس محمد أبو جلمبو، إلى تسرب واضح لمياه الصرف الصحي داخل الأراضي المحيطة بالأحواض. وقال المهندس أبو جلمبو لإيلاف quot;من المؤكد أن ضرراً بيئياً وصحياً سيحدث على مستوى كبير في غزة، ويمكن تداركه بإلغاء تلك الأحواض المقامة فوق أفضل وأجود مياه عذبة يمكن إستخدامها للشربquot;.
وأضاف رئيس مجلس إدارة جمعية أنصار البيئة الفلسطينية quot; حوالي 10% من مياه قطاع غزة المنتجة تعتبر صالحة للشرب طبقاً للمعايير الفلسطينية حيث يزيد تركيز الكلوريد عن 300 ملغم/لتر، وهو ما يعني أن أزمة متفاقمة ستحل بقطاع غزة على مستوى مياه الشربquot;.
ودمرت إسرائيل في حربها الأخيرة قبل سنة على قطاع غزة العديد من مولدات الضغط العالي للكهرباء التي تغذي آبار المياه ومحطات معالجة مياه المجاري، ما ينذر بتدهور الوضع المائي في غزة من حيث الكمية أو النوعية. وباتت معظم المياه المنتجة لأغراض الشرب لا تتوافق والموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن الخطر الجدي المتمثل باحتمال فيضان المياه العادمة من محطات ضخ المجاري التي تفتقر إلى الكهرباء أو الوقود اللازمين لتشغيلها.
وشدد المهندس أبو جلمبو على أن الوضع المائي الحالي بغزة وصل لمرحلة حرجة. وقال لإيلاف quot;الكمية التي يتم إخراجها من الخزان الجوفى تصل حوالي 160 مليون متر مكعب، لكن كمية الشحن الطبيعية تقدر بحوالي 90 مليون متر مكعب في السنةquot;، مشيراً إلى انه إذا استمر الوضع على ما هو عليه quot;فان السنوات القليلة القادمة ستستنفد المياه العذبة في الخزان الجوفيquot;.
ويخشى خبراء مختصون من وصول الأزمة لذروتها مع بداية الصيف المقبل، جراء الحصار الإسرائيلي على غزة، والحيلولة دون دخول المعدات اللازمة من اجل المساهمة في تحسين نوعية وجودة المياه. وأكد مدير مصلحة مياه بلديات الساحل في غزة المهندس منذر شبلاق، أن المياه لم تعد صالحة للاستخدام الإنساني، حيث تشير التحاليل والدراسات الدولية إلى أن 10% فقط من مياه قطاع غزة باتت صالحة للاستخدام، وهو ما ينذر بحدوث خطر حقيقي على حياة سكان غزة.
وقال شبلاق quot;لعلاج الأزمة، يجب الإسراع في العمل على إنشاء محطة تحلية مياه البحر، والإسراع في إنشاء الأنبوب القطري الواصل بين شمال القطاع وجنوبه لتوزيع المياه العذبة المحلاة للجميع وذلك بالتزامن مع إنشاء محطة التحلية والعمل على تحسين شبكة توزيع المياه بالمحافظات المختلفة والحد من الوصلات غير قانونية للشبكة، إضافة للعمل على إنشاء محطات معالجة مياه الصرف الصحي المقررة في الخطة الوطنية، حتى يتم إعادة استخدامها للزراعة، وبذلك يحد من الضغوطات على الخزان الجوفيquot;.
التعليقات