ملف خاص: أطفال إنتحاريون.. إهمال أم إستغلال؟ (4)
علماء الدين: التدريب لا غبار عليه... والتنفيذ مرهون بشروط
إيلاف ديجيتال-
محمد حميدة من القاهرة: أدان علماء دين مسلمون تجنيد الأطفال والمعوقات للقيام بعمليات انتحارية تحت مسميات الجهاد او تحولهم الى طيور فى الجنة، مؤكدين أن الدين الإسلامي لا يسمح إطلاقًا للأطفال او المعوقين او المعوقات بالقيام بأعمال جهادية لأنهم ليس عليهم شيء في الجهاد، مما يحكم عليهم بالإعدام من دون وجه حق.
وقال علماء الدين فى تصريحات خاصة لـ quot;إيلافquot; إن تدريب الأطفال فى الدفاع عن أوطانهم لا غبار عليه ، بينما تنفيذ العمليات لا بد أن يكون بقرار من أولى الأمر او القائد العسكري الشرعي، فقط المعين من أولى الأمر وله اتخاذ القرار، وليس التنظيمات المسلحة والعصابات ، مؤكدين ان هذا القرار ليس متروكًا لأهواء القائد او مزاجه الشخصي، بل لا بد أن تحكمه ضوابط معينة .
ظاهرة فى انتشار
وقد أظهرت أبحاث ودراسات تزايد العمليات الانتحارية بصورة لافتة في الاونة الاخيرة، وخصوصًا التي تشمل الأطفال كضحايا وكمنفذين لتلك الهجمات،في تكتيكات مختلفة من جانب الجماعات المسلحة للتغلب على الإجراءات الأمنية المشددة . وعلى الرغم من ان الأغلبية العظمى للمفجرين يكونون عادة في أواسط العمر او البالغين الشباب، إلا ان اللجوء لاستخدام الأطفال شكل تحديًا للصورة النمطية عن تلك العمليات ، وساهم في الوقت نفسه في عدم خلق صورة شخصية واضحة للانتحاريين، مما يضاعف من صعوبة اكتشافها قبل التنفيذ من قبل قوات الشرطة والأمن.
وقد نجح أطفال ومعوقات في باكستان وأفغانستان مرورًا بالعراق وفلسطين ، في تنفيذ عمليات انتحارية أودت بحياة المئات من القتلى والجرحى من بين المدنيين وقوات الامن والقوات المحتلة . وتشير تقارير الى قيام الجماعات والتنظيمات المسلحة بعمل غسيل مخ للأطفال في مراكز مخصصة لإعداد الانتحاريين، ويتم تدريبهم على كيفية تنفيذ الهجمات ومساعدة المجموعات التابعين لها في تفجير العبوات، وقيادة السيارات المفخخة وارتداء الأحزمة الناسفة وغيرها مما تشتمل عليه طبيعة الأعمال الانتحارية. ويسبب ذلك معاناة هائلة للأسر بالإضافة الى إلحاق أضرار اقتصادية واجتماعية ، لما ان وفيات الأطفال تدمر أجيال المستقبل.
ويقول الخبراء ان استخدام الأطفال في الهجمات الانتحارية يخدم إستراتيجية أساسية لتجنب الكشف المبكر من قبل قوات الأمن. وطبقا لهؤلاء الخبراء فإن استخدام الأطفال في الهجمات الانتحارية ، آخذ في الانتشار فيما تواصل الجماعات الإرهابية اختبار الأساليب المختلفة لاختراق إجراءات الأمن وتعزيز الطبيعة القاسية والدمار الفتاك للعنف.
رأي الدين
يقول فضيلة الشيخ عمر الديب وكيل الأزهر ورئيس لجنة الحوار بين الأديان ، ان الدين لا يسمح إطلاقًا للأطفال او المعاقين او المعاقات بالقيام بأعمال جهادية فهؤلاء ليس عليهم شئ فى الجهاد، لأنه هذا يحكم عليهم بالإعدام بدون وجه حق . وأضاف ان الجهاد يأمر به ولي الامر الحاكم ، الرئيس ، وليس اي مواطن عادي، وإذا لم يعلن من قبل الولي فلا جهاد عليه وليس هناك امر شرعي بتجنيد الأطفال .
وردًا على سؤال إذا كان قادة التنظيمات المسلحة يعتبرون من أولى الأمر ، رفض الشيخ عمر الديب ذلك قائلا quot; تنظيمات القاعدة وغيرها من التنظيمات والميليشيات ليس بأولى الأمرquot; ، مضيفا ان quot; المقصود بولى الأمر هو الذي يحكم البلد، أما هؤلاء فهم ينصبون أنفسهم أولياء من دون وجه حق quot;.
أما العالم الداعية الدكتور صفوت حجازي رفض توصيف هذه العمليات بالانتحارية قائلا انها عمليات استشهادية ، مشيرًا إلى أن القضية تحتوي على شقين: تدريب وتنفيذ، مشيرًا إلى أن تدريب الأطفال من صغرهم على أسس وآليات الدفاع عن أوطانهم ،quot;لا إشكالية فيه على الإطلاق من الناحية الدينية quot;، بينما التنفيذ ، فالدين وضع ذلك في يد القائد العسكري الشرعي. quot;وأنا أتحدث هنا عن الدول الإسلامية وليس الجماعات والتنظيمات والعصابات، القائد العسكري الذي عينه ولي الأمر وله اتخاذ القرارquot; .
وأضاف الدكتور صفوت حجازي ان النبي صلى الله عليه وسلم أشرك شباب صغار فى القتال مثل عمير بن ابى وقاص شهيد من شهداء غزوة بدر ، وهو اخو سعد بن ابى وقاص ، بالإضافة الى آخرين مثل رافع بن خديج وعبد الله بن عمر وسمرة بن بندق ، ويعود ذلك لرأي القائد العسكري الشرعي .
ضوابط وشروط
لكن هل يمكن ان يتخذ القائد العسكري الشرعي قراره باستخدام الأطفال والنساء في تنفيذ العمليات الاستشهادية حسب أهوائه او مزاجه ام ان هناك ثمة ضوابط؟.. في هذا الشأن يقول الدكتور صفوت حجازي أن القائد العسكري لا يتخذ هذا القرار بمزاجه او حسب أهوائه ، بل هناك ثمة ضوابط تحكم هذه المسألة . أولا :لا بد ان يكون عدد جنوده البالغين غير كاف ، فلا يجوز ان يلجأ القائد الى الأطفال فى حال وجود جيش وعدد كاف من المجندين البالغين بشكل لا يدعو الى الحاجة الى استخدام القاصرين والقاصرات فى تنفيذ العمليات ، ثانيًا: إذا كانت هذه العمليات لا يمكن ان تتم الا إذا نفذها أطفال او نساء ،اما الضابط الثالث ان لا يتم استخدامهم فى تنفيذ العمليات القتالية بدون موافقة من أولياء أمورهم .
*نشر في إيلاف ديجيتال، عدد الاربعاء 28 أيار 2009
التعليقات