قال أن البرلمان يشرّع للفساد ويدار عبر الهاتف
حاشد لـ إيلاف: مجلس النواب اليمني لا حول له ولا قوّة
علي عبدالجليل من صنعاء:
قال البرلماني اليمني أحمد سيف حاشد أن مجلس النواب اليمني quot;لا حول له ولا قوةquot;، وانّه quot;مجرد ديكور صار مملا ورتيبا ولا معنى له كسلطة مستقلةquot; معتبرا أنّ المجلس quot; ملحق ومسكون بالتبعية للسلطة التنفيذية .. يشرع لها الفساد ويسن القوانين التي تتحايل على الحقوق وتنتقص منهاquot;.
وأشار حاشد إلى أن quot;المجلس لا يملك قرارا أو موقفا مستقلا عن السلطة مما يجري في الجنوب ولا يستطيع أن يؤثر بالأحداث على نحو إيجابيquot;
ورأى أن مجلس النواب اليمني quot;يدار بتلفون ولاسيما في الأمور الخطيرة أو الهامةquot; وأن quot;تمديد المجلس لنفسه مدة سنتين هو بالمقاييس الديمقراطية يعد اغتصاب للسلطةquot;، وأعتبر حاشد هو أبرز النوّاب المستقلين أن quot;المعارضة جبانة وخائفة ولا زالت تتردد وتحجم عن النزول للشارعquot; معتقدا quot;أن الخوف لا يصنع تغييرا أو حرّيةquot;.
هنا نص الحوار الذي أجرته (إيلاف) مع عضو مجلس النواب اليمني وعضو لحنة الحقوق والحريات في المجلس:

*كيف تفسّرون شبه سكوت مجلس النوّاب عن ما يجري من أزمة في جنوب اليمن؟
- مجلس النواب لا حول له ولا قوة .. مجرد ديكور صار مملا ورتيبا .. لا فعل له يستحق الذكر ولا معنى له كسلطة مستقلة .. بل أن دوره يتأكد باستمرار إنه ملحق ومسكون بالتبعية للسلطة التنفيذية .. يشرع لها الفساد ويسن القوانين التي تتحايل على الحقوق وتنتقص منها .. تأثيره الإيجابي والدور الرقابي له يكاد يكون منعدم أو في حكم العدم .. أنه حال أكثر من سيء ومجلس أكثر من بائس.. إن السلطة صنعت هذا المجلس ليكون صامتا عندما نحتاج إلى صوته ونابحا عندما يكون الصمت من ذهب .. إنه مجلس ملحق وضعيف ..

لا أرمي القول جزافا ولكن أدلل وأبرهن على هشاشته وضعفه بمثال واحد من ألف مثال.. لقد أغلق رئيس المجلس يحيى الراعي قاعة المجلس وعطل مؤسسة دستورية طيلة ثلاثة أيام لكون أعضاء كانوا يحضرون مؤتمرا للحزب الحاكم فيما المعارضة يداومون في بوفية المجلس ثم يغادرون ولم يقوموا بأي فعل احتجاجي على تصرف رئيسه.. إنه حال قليل عليه الرثاء..

المجلس لا يملك قرارا أو موقفا مستقلا عن السلطة مما يجري في الجنوب ولا يستطيع أن يؤثر بالأحداث على نحو إيجابي .. إنه يفعل ما يقول له رئيسه ورئيس المجلس يفعل ما يملي عليه أيضا رئيسه .. هذا بعض من حقيقة ما يحدث وتسير عليه الأمور .. إن مجلس النواب اليمني للأسف يدار بتلفون ولاسيما في الأمور الخطيرة أو الهامة..

في الجنوب ناس تريد أن تمارس حقها بالاعتصام والمسيرات السلمية الاحتجاجية فتقمع بقسوة وبالرصاص الحي فيما ثروة الوطن تنهب بغير حساب والمجلس في أفضل أحواله لا يرى .. لا يسمع .. لا يتكلم..
لو كان هناك مجلس يصنع قرارا أو له كلمة لما كان الحال وصل بالجنوب الحد الذي وصل إليه اليوم.. مجلس النواب يتماهى مع السلطة وينفذ أجندتها أما بالفعل وأما بالتواطؤ والسكوت .. في صعدة أربعة حروب ولم يقل المجلس رأيا أو قرارا فيها وعندما شعرت السلطة إنها تورطت كثيرا وصارت ترتكب جرائم حرب عادت للمجلس تبحث عن شرعية فأعطاها المجلس وكالة شاملة تعمل بموجبه ما تريد بل وعطّل أيضا اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية بعد أن أقرها وعادت من الرئاسة إلى المجلس ولازالت معطلة .. نعم عطلوا نفاذها بخصوص اليمن خشية من يد عدالة دولية ربما تطالهم ذات يوم .

خلاصة القول إن مجلس النواب اليمني لا يزيد عن كونه ديكورا لا يحمل أي مضمون ديمقراطي بل وجدته وخبرته مرارا أداة طيعة لتشريع فساد وقمع وسياسات السلطة السياسية في اليمن .. إنه تابع لها بامتياز ..

* ما هو الدور الذي ترى أن مجلس النواب يمكن أن يلعبه في القضيّة الجنوبية وبالذات مسألة المطالبة بانفصال الجنوب عن الشمال، أو استعادة دولة جمهورية اليمن الديمقراطية؟
- أثبتت الست سنوات الماضية أن هذا المجلس غير مؤهل البتة لأن يلعب مثل هذا الدور أو يضطلع بمسؤولياته التي يجب أن يضلع بها لا فقط في قضية الجنوب بل في كل القضايا المصيرية والهامة .. هذا ما حفظته عن ظهر قلب من خلال وجودي وتجربتي المريرة في هذا المجلس الذي أراه أن جاء نتاج خداع وفساد كبير لديمقراطية زائفة ومغشوشة..
اغتصاب للسلطة
* ما صحّة ما تردد أن أعضاء مجلس النوّاب قد حصلوا على رشوة مقابل موافقتهم تمديد فترة المجلس وتأجيل الانتخابات لمدة سنتين؟

- إن تمديد المجلس لنفسه مدة سنتين هو بالمقاييس الديمقراطية يعد اغتصاب للسلطة.. لقد كان هذا التمديد في حقيقته تمديد للفساد وبقاء الحال على ما هو عليه .. والأكثر سوءاً إن أحزاب المعارضة ارتضت ذلك دون مقابل ملموس أو ضمانات حقيقية لأي إصلاح انتخابي أو سياسي.. لقد كان حريا بأحزاب المعارضة ـ وأخص حزب التجمع اليمني للإصلاح ـ أن تنزل للشارع قبل عامين أو ثلاثة .. كان حريا بها أن تقلب المعادلة السياسية القائمة قبل موعد الانتخابات غير أنها للأسف ظلت تراوح مكانها والأكثر أسفا إنها لا زالت لا تريد مغادرة ذات المكان..

إن ما حدث من تمديد لا شك أن أعضاء المجلس قد ربحوا على المستوى الشخصي رواتب ومكافآت وبدل سفر وعلاج وغيره ولكن خسر الوطن الكثير ولا زال يخسر أكثر.. لقد مدد المجلس من عمره سنتان بسبب سلطة تسير بخطى حثيثة نحو الاستبداد وحزب حاكم غارق بالفساد ومعارضة جبانة وخائفة لا زالت تتردد وتحجم عن النزول للشارع .. إن الخوف لا يصنع تغييرا أو حرية.. إن أزمتنا في اليمن هي أزمة سلطة وأزمة معارضة .. ولذلك أخشى من قادم أسوأ إن ظلت أحزاب المعارضة خائفة وجبانة..

* ما الذي أدى إلى تراجعك عن اللجوء السياسي لسويسرا بعد أن كان البرلمان الدولي قد شرع في ترتيبه؟
- أرادوا تشويه سمعتي ونزاهتي .. أرادوا نسف رصيدي الحقوقي .. أرادوا أن يقولوا أنني نصبت وهربت .. جهزوا المدعي بهتانا بعشرين ألف دولار وبحثوا عن شهود الزور وعرفت مؤخرا أنهم عرضوا على شخص ثلاثة مليون ريال وأشياء أخرى ليشهد زورا فرفضها.. أرادوا الحجر التحفظي على صحيفتي .. هكذا بدت لي الأمور وهكذا تكشفت لي ولازال هناك أكثر .. إنها سلطة تفتقر للحد الأدنى من الأخلاق.. ولازال أخلاقها لليوم يزداد سوء ودناءة..

حصانة القبيلة
* أثناء عملك في لجنة الحقوق والحريات في مجلس النواب تعرضت للكثير من المضايقات، ما هي إمكانية تنفيذ حق الحصانة البرلمانية وكيف ترى حدودها في الواقع؟
- ليس اللجنة فقط بل المجلس كله هو في حال من الضعف إلى الحد أنه لا يستطيع بمجمله حماية حصانة عضو فيه.. الحصانة فقط على الورق .. إن أردت حصانة فعليك بسلطة أو قبيلة .. القانون في اليمن لا ينفذ على من له قبيلة أو سطوة ونفوذ .. هذا هو حال اليمن الذي يزعمون أنه جديد وأفضل.. المشايخ يستمدون حصانتهم من قبائلهم لا من القانون والدستور .. والمواطنة المتساوية لا نجدها إلا حبرا على الورق .. هناك أعضاء في البرلمان يقتلون ولا يلاحق القتلة .. وآخرون تقيّد حرّياتهم لأشهر ولا نسمع عنهم لأن من يفعلها بيده الأمر كله .. والاعتداءات التي طالت أعضاء مجلس النواب أكثر من أن تحصى .. وكنت أكثر من طالته هذه الاعتداءات والأهم أن المعتدين لم يطالهم حساب قانون أو يد عدالة.. وعندما أراد المجلس أن يسحب عني الحصانة بسبب رأي نشرته بصحيفة عن الجنوب قلت : أولا يجب على المجلس أن يثبت الحصانة أو يوجدها ثم يسحبها إن أراد ..

* ماذا عملتم في لجنة الحقوق والحريات إزاء توقيف ومنع ثمان صحف من الصدور؟
- ماذا تتوقعون من لجنة أغلب أعضائها ضباط أمن ومشايخ .. ماذا تتوقعون من لجنة تتماهى مع السلطة وتتواطأ مع أجهزتها حد التبني .. ماذا تتوقعون من لجنة أعضاء المعارضة فيها خائفين خانعين بل ومتواطئين .. ماذا تتوقعون من لجنة يمضي العام ولم تجتمع اجتماعا واحدا خلاف كل اللجان .. كل هذا فقط غيض من فيض .. ويظل الأسوأ ما لم يذكر..

* بصفتك عضوا مستقلا في مجلس النواب، كيف تجد نشاطك السياسي ونجاحه بعيدا عن آليات الأحزاب المكرسة، وبشكل آخر كيف استطعت النجاح في الانتخابات بدون هذه الآلية؟
- لقد كان الأمر صعبا ولكن الإرادة والتصميم ووفاء المحبين هو من أوصلني لهذا المجلس وهو من يصنع هذا النجاح الذي أشرت إليه..