&

إيلاف : نبيل شرف الدين: علمت "إيلاف" من مصادر أصولية عربية أنهم تلقوا أنباء عن قيام حركة "طالبان" الحاكمة في أفغانستان بإلقاء القبض على القيادي الأصولي البارز أسامة بن لادن ، ووضعته تحت الإقامة الجبرية ، ومعه عدد من أبرز معاونيه وفي مقدمتهم زعيم تنظيم "الجهاد" المصري د. أيمن الظواهري ، وصهر بن لادن محمد عاطف المكني بلقب "أبو حفص المصري" ، بالإضافة إلى أسرهم وعدد كبير من العرب العاملين مع أسامة بن لادن والمعروفين باسم "الأفغان العرب" .
وأضافت مصادر الأصوليين أن قيادة حركة "طالبان" تحاول جاهدة تجنب ضربة انتقامية أميركية خاصة بعد أن صرح الرئيس الأميركي جورج بوش الابن أنه لن يفرق بين الإرهابيين ومن يقدمون الملاذ الآمن لهم في إشارة واضحة إلى أفغانستان وحركة طالبان التي أضافت المصادر أنها تخشى هجوماً أميركياً بأسلحة غير تقليدية على المناطق التي تسيطر عليها والتي تتجاوز 90% من الأراضي الأفغانية ، وذلك في إطار امتصاص الغضبة الشعبية العارمة في أوساط الولايات المتحدة ، وأن هذه الضربة قد تمكن تحالف المعارضة الشمالية من الإمساك بزمام الأمور في البلاد ، أو إعادة الملك الأفغاني للحكم في البلاد مجدداً .
وتزامنت معلومات الأصوليين هذه مع تصريح هو الأول من نوعه إذ أبدت حركة طالبان نيتها في تسليم أسامة بن لادن للسلطات الأميركية في حال توافر أدلة على تورطه في تفجيرات نيويورك وواشنطن أمس ، وهي التصريحات التي تشكل تحولاً كبيراً في الموقف الثابت الذي التزمت به حركة "طالبان" حيال قضية أسامة بن لادن ، لكن ، وحسب المصادر ذاتها فإن الحركة توقن أن هذه المرة ستكون ردة الفعل الأميركية أعنف من كل التصورات والاحتمالات السابقة بالقدر الذي يتناسب مع حجم الضربات التي ترتب عليها تدمير مبنى مركز التجارة العالمي وضرب مقر وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" والبيت الأبيض وغيره من المنشآت الأميركية الحيوية ، فضلاً عن عشرات الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح .
وتضيف مصادر الأصوليين أنه على الرغم من أن ابن لادن لم يكن يعتبر وضعه في أفغانستان أمناً فقد سعى إلى تحصينه بكل الوسائل لقطع الطريق على اية صفقة إقليمية أو دولية على غرار ما حصل لكارلوس وهو ما لعب دورا هاما في مغادرة بن لادن للخرطوم .
وتؤكد المعلومات أن بن لادن سعي إلى عقد صفقة فعرض وضع معسكراته وجماعته تحت تصرف حركة "طالبان" ، وفى المقابل استغل بن لادن حالة الانكفاء الأميركي والباكستاني عن "طالبان" لتعزيز موقعه لديهم كحليف يمتلك إمكانيات مادية ضخمة ، وأعداداً كبيرة من المقاتلين الموالين له .
وبالفعل قدم بن لادن عروضا لإقامة مشاريع إنشائية واقتصادية مثل تعبيد طريق جلال اباد ـ قندهار وشق قناة ري لجر المياه من نهر قرب جلال أباد إلى مناطق جافة لاستغلالها زراعيا وقام بتعبيد الطريق بين جلال أباد ونقطة طورخم على الحدود الباكستانية .
وكرد للجميل ، بدأت بعض قيادات طالبان إطلاق تصريحات ترحيبية بـ " الضيف المسلم " ووصل وزير الإعلام والثقافة الملا أحمد متقي إلى حد التأكيد علنا بأن حكومته لن تمارس ضغوطا على بن لادن وأعلن في أن الحركة رفضت طلبا أميركيا لتسليمها بن لادن .
في تلك الأثناء بدأت المعادلة تسير نحو التحول فاتحة المجال أمام وقوع مفاجآت وانقلابات في التحالفات باتت تعتبر تقليدا على الساحة الأفغانية . والواقع أن قصة تحالف بن لادن مع طالبان كانت مشوبة بالغموض وطرحت العديد من تساؤلات المراقبين المهتمين بتتبع الحركات الأصولية المتشددة .
وبدا واضحا أن أيا من الخبراء العارفين بخفايا نشأة "طالبان" وصعودهم المفاجئ لم يقتنع بمقولة أن طلاب الشريعة أعطوا الحماية لبن لادن مكافأة على تمويله شق بعض الطرقات . ويعرف هؤلاء أن " طالبان " لا يمكن أن يقنعوا بإغراء مساعدات بمليون أو بعشرة ملايين دولار بينما الجميع يعرف أن سيطرتهم على ثلاثة أرباع أفغانستان لا تعود إلى المساعدات العسكرية التي قدمتها المجموعات العربية أو الباكستانية ، بقدر ما تعود إلى ما حملوه في جيوبهم من ملايين الدولارات الأميركية التي اشتروا بها ولاء هذا الفصيل أو استسلام ذاك .
والأهم من ذلك أن "طالبان" يدركون جيدا ، وهو ما يدركه بن لادن أيضاً منذ البداية ، أن نجاح مشروعهم السياسي رهن باستمرار دعم إسلام أباد وواشنطن . ولا شك أن "طالبان" عندما قرروا لعب ورقة بن لادن فمن موقع استغلالها في ضغوطهم ومساوماتهم مع الأميركيين والباكستانيين من أجل انتزاع الاعتراف الدولي بهم وتسليمهم مقعد أفغانستان في المنظمات الدولية والإقليمية والإسلامية . وفي انتظار ذلك قررت قيادة "طالبان" الاحتفاظ بورقة بن لادن للمساومة وربما لهذا سعوا إلى "تسويقه" دولياً وإقليمياً عبر تسريب المعلومات عن نشاطاته الخطيرة وحجم معسكراته وعتاده ، وإطلاق يده للعمل وفمه للتصريحات واللقاءات المتلفزة بهدف "رفع السعر" قدر الإمكان ، والضغط على واشنطن وإسلام أباد .