&
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&& عبد الرحمن الراشد

هناك فارق بين التكسب من وراء حادث مثل حادث الهجمات التي ضربت اعلى مبنيين في الولايات المتحدة ووزارة الدفاع، وبين اعلان الحقيقة. فور وقوع تلك الهجمات كادت ان تصبح اللغة المشتركة بين التعليقات العربية، هي اعتبار تلك الاحداث ردة فعل مقصودة على ما قامت وتقوم به اسرائيل من تعسف وفظائع، اي انها عمليات انتقامية. وهذا ليس صحيحا رغم شيوع هذا الطرح، بل ليس صحيحا حتى في رأي المنسوبة اليهم تلك الاعمال.
لدينا كم كبير من ادبيات حركة "القاعدة" نشرت جميعها في السنوات السبع الماضية التي نشطت فيها، لم يرد في اي من بياناتها قول صريح عن مطلب سياسي واحد له علاقة بالأراضي المحتلة، وكل ما ورد في بياناتها هجوم عام ضد الصهيونية واليهود بدون مطالب معينة، مثل الانسحاب من الاراضي المحتلة، او اقامة دولة، او غيرهما من المطالب التي جرت العادة ان تصرح بها الحركات التي تتخذ من العنف منهجا لها. في المقابل، هذه الحركة التي هزت العالم بقتل اكثر من ستة الاف شخص، هي نفسها لم تدع انها فعلت ذلك من اجل الفلسطينيين، ولم تدعيه عندما فعلتها في عدن ونيروبي وتنزانيا. لم تصدر الحركة مطلبا واضحا إلا ضرب اميركا لأنها، كما تقول، رمز الكفر وتطالبها بالخروج من المنطقة. والجميع يعلم ان البلد الذي يكاد يكون الوحيد الذي لا وجود لاميركا فيه هو اسرائيل. إذن المقصود هو الانظمة العربية، التي تصفها هذه الحركة بأنها كافرة ايضا!
لهذا عندما قفزت اغلبية عربية مثقفة واعتبرت ان تلك المشاهد المؤلمة التي قتل فيها آلاف الناس هي ردة فعل ضد تأييد اميركا لاسرائيل، فانها ارتكبت خطأ في حق الحقيقة وحق القضية الفلسطينية، بل حق الجهة الفاعلة نفسها، انه مثل ان نقول ان عمليات الارهاب التي وقعت في الصعيد في مصر هي ضد اسرائيل لا بد ان الجميع يدركون انه ربط سخيف تماما، او ان نقول ان نحر البشر مثل الخرفان في الجزائر بالآلاف، او ذبح فتيات في مدارسهن ومدنيين عزل في بيوتهم، هو الآخر عمل من اجل القضية الفلسطينية! الا نرى انه كلام مجنون تشمئز منه النفوس؟ لقد رأينا في منطقتنا اكثر مما رأى الاميركيون او اي امة في العالم من عمليات الذبح والقتل الارهابية، رأينا ابشع مما حدث في نيويورك وواشنطن من قبل جماعات تقول انها تحارب انظمة كافرة.
ألوم المثقفين اكثر من غيرهم على محاولتهم البحث عن ذرائع لهذه الفظائع وتسويق مبررات تجعلها مستساغة في نظر الشخص العادي الذي يمنح عقله للصحف والتلفزيونات لتقول له كيف يفكر، وماذا يفعل، من فتاوى دينية الى خطب سياسية ودعاوى اخلاقية يلامون لأننا ضحية الارهاب اكثر من الاميركيين، الارهاب الفكري والارهاب الجسدي، ويجب ان نقول اننا ضد الارهاب بغض النظر عمن هو الضحية حيث لا مبرر ولا دين ولا جنسية لذبح ابنة فلاح في مدرسة البليدة، او هدم عمارة على رأس سكانها في نيويورك. (عن "الشرق الاوسط" اللندنية)
&