&
يعيش الاقتصاد الأوروبي مرحلة صعبة وقد يشهد بدوره انكماشا يزداد خطورة مع الغموض المخيم على الوضع الجغرافي السياسي وتدهور الاقتصاد الأميركي بصورة فاقت التوقعات والازمة التي بدأت تطال الدول الناشئة مثل الأرجنتين.
وكان خبراء الاقتصاد يتوقعون حتى الآن تباطؤ الاقتصاد الأوروبي بسبب جمود في النمو في نهاية السنة اثر اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر). غير ان أوروبا كانت تأمل إلا يطالها الانكماش الذي يتميز بتراجع أجمالي الناتج الداخلي خلال فصلين متتاليين.
غير ان اريك تشاني الخبير الاقتصادي في مصرف مورغان ستانلي الأميركي اعتبر ان "ثمة احتمالا قويا بان تشهد أوروبا انكماشا اقتصاديا مع انخفاض إجمالي الناتج الداخلي خلال الفصل الرابع من العام 2001 والفصل الأول من العام 2002". واشار إلى ان "هذا ما تثبته بشكل مباشر نتائج التحقيقات حول الأوضاع" المخيمة في دول منطقة اليورو.
واعتبر ان تراجع الاقتصاد الأميركي الناجم عن انخفاض إجمالي الناتج الداخلي بمعدل 0.4% خلال الفصل الثالث، لا يكفي وحده لتبرير هذا الجمود في أوروبا. وذكر من بين الأسباب "رد فعل الشركات الأوروبية على صدمة 11 أيلول (سبتمبر)"، ما قادها إلى خفض استثماراتها "لضمان استمراريتها على المدى البعيد في محيط ازداد فجأة غموضا".
وحذر الخبير الاقتصادي من ان الشركات قد تمضي ابعد من ذلك في حال استمر تدهور الوضع السياسي الدولي، فتعمد إلى "خفض عدد موظفيها اكثر".
وستواجه أوروبا عندها "خطرا كبيرا بحصول انكماش حقيقي" يتمثل في انخفاض المعدل السنوي لاجمالي الناتج الداخلي.
وعبر خبراء مصرف جي.بي. مورغان عن المخاوف نفسها. ولم يستبعدوا حصول "انكماش طفيف في أوروبا" و"انكماش اكثر تجذرا" في الولايات المتحدة.
واعلن المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية الاثنين ان الاقتصاد الألماني وهو الاقتصاد الأول في أوروبا هو في "حال الطوارئ" وبحاجة إلى إجراءات استثنائية للنهوض به.
وتضاعفت التعليقات المتشائمة بعد سلسلة الأخبار السيئة التي انهمرت الأسبوع الماضي على الولايات المتحدة. ومع ارتفاع نسبة البطالة في تشرين الأول (أكتوبر) إلى 5.4% لتسجل أعلى مستوى لها منذ 1996، وانخفاض الاستهلاك وتراجع ثقة العائلات، ازدادت الشكوك حول قدرة الاقتصاد الأول عالميا على تخطي مشكلاته سريعا.
ومع الانكماش المخيم في اليابان والتباطؤ في آسيا والازمة في الأرجنتين، تنعدم الآفاق الاقتصادية بالنسبة لأوروبا في ظل اقتصاد عالمي شديد الترابط.
واوضح هيرفي غوليكي رئيس قسم الاقتصاد في مصرف كريدي ليوني الفرنسي ان أوروبا لا يمكن ان تنجو من الإعصار الاقتصادي في حين "أثبتت عدم قدرتها على تحقيق نمو ذاتي".
واعتبر المحلل الاقتصادي ان الوضع الراهن يمكن اختصاره بـ"الغموض". فاقتصاد منطقة اليورو قد يغرق في مطلع العام 2002 في الانكماش، كما انه قد يتم إنقاذه بفضل "أداء بعض الدول مثل فرنسا" حيث لا يزال الاستهلاك يسير في اتجاه جيد.
وافاد صندوق الودائع والائتمان الاثنين ان "النمو الفرنسي لن يكون سلبيا خلال الأشهر الستة المقبلة، وان كان ضئيلا"، معتبرا ان فرنسا "ستنجو من الانكماش".
ولم يبق لمنطقة اليورو إلا ان تأمل بنهوض سريع للاقتصاد الأميركي لتفادي الانكماش، إذ ان هامش تحركها محدود جدا. وعلى صعيد الموازنة، أشار تشاني إلى "شلل" يخيم في غياب أي تنسيق سياسي. أما البنك المركزي الأوروبي الذي تراهن عليه الحكومات لاعادة إطلاق النمو، فقد يعمد بالطبع إلى خفض معدل الفائدة خلال اجتماعه المقبل يوم الخميس، غير ان تحركه "لن يكون مثمرا على المدى القريب" و"لا يمكن ان يستدرك الانكماش".
(أ ف ب - ايلاهي ميريل)