سمات العمل ومسؤولياته للملك فهد ولياً للعهد وملكاً متشابهة ومتقاربة بل هي متواصلة وهما يختلفان تماماً عن الرؤية له حين كان وزيراً للداخلية ربما أن مهابة موقع العمل في وزارة الداخلية أفرزت ذلك خصوصاً وأن مرحلة الملك فيصل رحمه الله وهو المؤسس الثاني للدولة بجدارة مرت بكثير من الأزمات والتحديات التي لم يكن للمملكة فيها خيار حتى نستطيع أن نقول بأن معظم الحدود كانت مليئة بحوافز العداء ومثيراته، وقد استطاع المرحوم الملك فيصل بإرادة قوية ورؤية فكر نافذة وكفاءة تحمّل نفسية أن يلغي وهج كل الشعارات السياسية المطروحة في المنطقة والتي كانت تتخاطب مع اليسار الدولي وتحفز على إثارة القلاقل بل والحروب الأهلية ثم الإنحراف ببعض الثورات الوطنية لتتحول إلى صراعات شخصية مثلما حدث في العراق واليمن ولاحقاً أتت الجزائر.. لم يكن الملك فهد وزير الداخلية ببعيد عن الملك فيصل بل هو دائماً الأقرب لصيانة أول وحدة عربية وصيانة أهم ثروة عربية وبالتالي فتح مسارات آمنة للنهوض الاجتماعي وسط غليان ذلك التهديم العربي والاختلاط المشبوه بين ما هو مرفوع من شعارات وطنية تتصل بفلسطين وأخرى تستحلب كل اندفاع عاطفي بحثاً عن مواقع قيادية لها.. لقد وجدت دعوة التضامن الإسلامي انتشاراً واسعاً استجابت له الدول الإسلامية التي كانت مهمشة وشبه معزولة فتراجعت أولويات التضامن الأفرو الآسيوي ومثله عدم الانحياز وإن كانت المملكة لم تعارضهما إلا أن الالتقاء خلف شعار سياسي معرض لتعديل المتغيرات الطارئة هو غير الالتقاء خلف تضامن عقائدي موجود فعلاً الأمر الذي يجعلنا نستطيع القول بأن بداية مرحلة الملك خالد بما تعنيه من اتصال ما بين مقاومة الملك فيصل الناجحة لكل محاولات تهجين المنطقة كمرحلة اتصلت بعهد الملك فهد الذي شهد أحداثاً هامة على مختلف الأصعدة مما يجعل تلك البداية.. الملك خالد.. هي في الواقع بداية الصعود لتألق النجومية السياسية والاقتصادية السعودية وإن كان ذلك قد مورس بكثير من التواضع غير المبرر الا اللهم تفادي إثارة حفيظة من عملوا من قبل كي يكونوا واجهة عربية خصوصاً وأن الهدف إنما كان توفير الحد الأدنى على الأقل من التضامن العربي مسنوداً بواقع التضامن الإسلامي الموجود فعلاً والتصاعد القيادي للمملكة الذي رسّخه الملك فهد مازال فاعلاً ومؤثراً رغم مرور المنطقة العربية بكثير من التحولات ومازال انكار الذات قائماً وواضحاً في التعامل مع الحرص على أن يبقى مجلس التعاون الخليجي قائماً ومتواصل التنسيق والتقارب وفي إيجاد قاعدة عربية تمثل مرجعية دائمة عند ترتيب المواقف العربية أو مواجهة ما هو ضدها وتبرز في ذلك مع المملكة مصر وسوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية في السنوات الأخيرة لأنه ثبت استحالة بناء مواقف عربية متكئة على وفرة العدد، وإنما على العدد الأقل الذي يتحمل فعلاً مسؤوليات تاريخية تجاه بناء فعل المواقف.. وسيكون المقصود من عبارات بداية هذا المقال في المقارنة بين موقع الوزير وولي العهد ثم الملك واضحة المعنى في مقالة الغد. (الرياض السعودية)