&
بعد اندحار طالبان والاستيلاء على العاصمة الأفغانية كابول, ودخول قوات التحالف الشمالي إلي القري والمدن التي كانت خاضعة لسيطرة القاعدة وقيادات طالبان, حرصت أجهزة الدعاية الأمريكية علي أن تقدم للعالم وجهها الحضاري كرسول للتمدن والتحرر الإنساني, الذي خلص أفغانستان والشعب الأفغاني من حكم الظلام والجهل والتعصب الذي فرضته حكومة طالبان. وكانت وسيلتها إلي ذلك ما نقلته الصحف ومحطات التليفزيون الأمريكية والأوروبية, عن الموسيقي التي صدحت في الأسواق والشوارع, وأصوات الغناء التي انطلقت من الدكاكين والبيوت بعد أن عادت محطة الاذاعة الأفغانية تواصل عملها.. وكيف ازدحمت الأسواق بالناس رجالا ونساء ايذانا بنهاية الغمة, يشترون ويبيعون في المواد الغذائية التي تدفقت عليهم كمساعدات من أنحاء العالم!!
غير أن أكبر دليل أرادت وسائل الدعاية الغربية أن تسوقه في هذا الصدد علي أن رسالة الحضارة الأمريكية قد وصلت, هو صورة امرأة هنا أو شابة هناك خلعت البرقع الأفغاني الذي يشبه التابوت من فوق رأسها, وكشفت عن ملامح وجهها دون أن تتعرض للعقاب. وطوابير الرجال الذين وقفوا أمام محلات الحلاقة لحلق لحاهم. ثم ركب أحد قواد التحالف الموجة فأعلن أنه سيعطي المرأة الأفغانية حق التصويت في الانتخابات!! أي انتخابات ؟
الأمر الذي لاشك فيه أن حكم طالبان كان يمثل مرحلة ظلام دامس في حياة الشعب الأفغاني, وأنه عجز عن أن يقدم للشعب شيئا ذا قيمة يساعد علي النهوض به في مجال التعليم أو الصحة أو المرافق العامة. ولكن من السذاجة أن يعتقد الأمريكيون أنهم يستطيعون أن يغيروا الأوضاع الاجتماعية والعلاقات الأسرية ووضع المرأة بين يوم وليلة. وأن يفرضوا علي المجتمع الأفغاني تقاليد الحياة الغربية أو يدفعوا المرأة الأفغانية إلي السفور والاختلاط بالرجل في الحياة العامة وأماكن العمل والمقاهي.. إلي آخر ما تروج له الصحافة الغربية, وتضعه علي رأس أولوياتها بعد أن يضع السادة الجدد أيديهم علي مقاليد الأمور في أفغانستان.
صحيح أن لدي واشنطن خطة طموحة لإعمار افغانستان, لن تبدأ في تنفيذها علي الأرجح إلا بعد التخلص من طالبان ووضع يدها علي الملا عمر وأسامة بن لادن. إلا أنه من المؤكد أن الخصوم الحقيقيين للاستقرار والتمدن في أفغانستان ليسوا هم الطالبان وحدهم, ولكن فصائل التحالف الشمالي نفسها الذين تتعاون أمريكا معهم الآن والمعروف أن قيادات هذا التحالف ليسوا أكثر من زعماء عصابات تتاجر في المخدرات والتهريب والنهب والسلب. وقد ارتكبوا أثناء دخول كابول ومزار الشريف من المذابح وسفك الدماء ما لا يمكن حصره في الوقت الراهن رغم التحذيرات الأمريكية..
صحيح أن لدي واشنطن خطة طموحة لإعمار افغانستان, لن تبدأ في تنفيذها علي الأرجح إلا بعد التخلص من طالبان ووضع يدها علي الملا عمر وأسامة بن لادن. إلا أنه من المؤكد أن الخصوم الحقيقيين للاستقرار والتمدن في أفغانستان ليسوا هم الطالبان وحدهم, ولكن فصائل التحالف الشمالي نفسها الذين تتعاون أمريكا معهم الآن والمعروف أن قيادات هذا التحالف ليسوا أكثر من زعماء عصابات تتاجر في المخدرات والتهريب والنهب والسلب. وقد ارتكبوا أثناء دخول كابول ومزار الشريف من المذابح وسفك الدماء ما لا يمكن حصره في الوقت الراهن رغم التحذيرات الأمريكية..
سوف يكتشف الأمريكيون أن رسالة التمدن الأمريكية في أفغانستان أعقد وأصعب من مجرد تشجيع سفور المرأة فيها وإباحة الغناء والموسيقي.(الأهرام المصرية)
التعليقات