&
ينتظر أن تبدأ السعودية خلال أيام، أو ربما بدأت بالفعل، إصدار بطاقات هوية للنساء في شكل رسمي، ويجري حالياً توظيف نساء وتدريبهن، وإعداد أماكن منفصلة عن الرجال لاستقبال السيدات السعوديات. ويتوقع أن يكون الإقبال علي إصدار بطاقات الهوية واسعاً في البداية، لأنه جاء بعد سنوات من الجدل والنقاش والرفض.
ربما كان من الصعب علي بعض السعوديين القول إن إصدار بطاقات هوية للسعوديات حدث وطني والمرأة في بقية بلاد العالم تتولي منصب رئيس الوزراء، وتحتل أعلي المناصب في سلك القضاء والأمن والتعليم، وتأخذ مواقع متقدمة في العمل السياسي والاجتماعي. لكن هذا هو واقع المرأة عندنا، ولا مجال لتجاهل حرجه لنا، وتبرير تأخره عن الآخرين، ولا نستطيع أن ننكر أننا نتبادل التهاني منذ بضعة أيام، لأن النساء في بلادنا سيحصلن علي بطاقة هوية والعالم يدخل الألفية الثالثة.
الذين لا يعرفون السعودية عن قرب سيفسرون قرار الإفراج عن هوية المرأة بأنه تحول في موقف الحكومة من قضايا المرأة وتمكينها من ممارسة أبسط حقوقها، وربما ربط بعضهم القرار بالأحداث الجارية حالياً. لكن السعوديين يدركون أبعاد القضية وتعقيداتها، ويعلمون أنه لا دخل للحكومة في الأمر، وسبق لوزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز أن لخص موقف الحكومة من حقوق المرأة في هذه القضايا، وقال في إجابة عن سؤال عن قيادة المرأة السيارة إذا تقبل المجتمع هذا الموضوع نتحدث عنه .
إن تاريخ التطور الاجتماعي في السعودية يشير إلي أن الحكومة تسير دائماً أمام الناس في قضايا التحديث من دون أن تصادم رغباتهم أو تفرض عليهم. وباستثناء تعليم المرأة الذي رأت أنه لا يقبل المساومة، فإن الحكومة تتصرف بحذر حيال حركة المجتمع، وتمتلك حساسية عالية في تقدير اتجاه أكثرية الناس ورضاهم وتلمس رغباتهم. وإصدار بطاقة الهوية للنساء مؤشر إلي قبول المجتمع الموضوع، لكنه قبول متأخر نصف قرن علي الأقل. وربما أجل هذا القبول إصدار رخصة القيادة للنساء السعوديات لنصف قرن آخر، والنقاش الذي يجري هذه الأيام في الأروقة السعودية يتمني أن تتصرف الحكومة مع موضوع قيادة المرأة السيارة كما فعلت مع تعليمها كي تجنب البلاد مخاطر وخسائر لا تقل خطورة عن الآثار المترتبة علي منعها من التعليم.(الحياة اللندنية)