باريس-أحمد نجيم: فضاء إسمنتي مترامي الأطراف حوّل إحدى أزقة مونتروي في ضواحي باريس إلى فضاء وملتقى شبابي وطفولي كبير. حافلات تنقل أطفال&وشباب&من فئات عمرية متباينة ومستويات دراسية مختلفة. مجموعات الأطفال هذه تقودهم في أغلب الأحيان مدرسات. تتراوح أعمار الأطفال والشباب &بين 4- 18. ألوان بشراتهم تؤكد أنهم&قدموا الى فرنسا من مناطق مختلفة من عالمنا. سود وبيض عرب وآسيويون....
أطفال باريس وأطفال المدن الدين جاؤوا خصيصا لحضور معرض الكتاب الشبابي في دورته السابعة عشر يحملون معهم أطعمتهم. تتكفل المدرسات والمدرسين بالبحث عن عن ركن في المعرض لتناول ساندويتشاتهم مفترشين الأرض.
دخول المعرض ليس بالأمر الهين، الوصول إلى قاعة المعرض يمر عبر حواجز كثيرة. رجال شداد غلاظ، يشبهون أولئك الذين يسهرون على أمن الحانات في الدول العربية، يوقفوك عند الباب للتأكد من بطاقة الدخول (البادج) ويفتشون محفظات من يشكون في انتمائه لجماعة إرهابية ما. قد لا يفتشوك لكن نظرات هذه الكائنات تضايق الزائر الذي كلف نفسه عناء التنقل في فصل باريسي كئيب وبارد، تختلف جنسيات هؤلاء الحراس. لا يتوقف الأمر عند مدخل المعرض. داخل المعرض الكثير من مخلوقات بشرية ببنية جسمية أقل من الأولين، لا يتوقفون عن الحديث في هواتفهم " تالكي" يعتقد زائر مثلي أن فرنسا قد تعرضت لهجوم أعنف من هجوم 11 أيلول-سبتمبر الماضي غير أن الفرنسيين ألفوا هذه الجثت الآدمية المنتشرة في كل ركن في المعرض، يتعاملون معها كمعطى طبيعي.
حفل الافتتاح في المعرض كان مجحا في حق من ينظم المعرض لفائدته، لم يحضر إلا الكبار، كانت هناك استثناءات قليلة، أخلي المكان من الأطفال وصممت الأجنحة& لتشمل وتتلاءم مع المأكولات والمشروبات بكل أنواعها. المدعوون بألبسهم الأنيقة وروائحهم الفائحة يتدافعون للظفر بكأس أو حلوى. دور النشر الفرنسية الكبيرة منها والصغيرة تنافست فيما بينها في جلب الجيد من الحلويات والمشروبات، يعرفون أن أقرب طريق لجيب هؤلاء يمر عبر البطن. أطعمة كلفت الزائرين عناء ثمن وجبة عشاء في مطاعم باريس وكفتهم عناء خدمات هذه المطاعم غير الجيدة.
الكل يستفيد من المعرض-الحدث. الصحافة الفرنسية خصصت اهتماما كبيرا له، نظرتها المستقبلية للظفر بقارئ مستقبلي، لذا تحرص على أن تشارك وتدعم وتكتري فضاءات بأثمنة مرتفعة: مائة ألف فرنك فرنسي. توزع أعداد وملفات خاصة بالحدثـ، كما توزع أعداد الجريدة مجانا. إدارة المعرض تحرص على أن لا تغضب الصحفيين. خصصت لهم الطابق العلوي، لينظروا من&عل للحدث، مستفيدين من مجانية القهوة والكتب. صعب أن تحدث بعض هؤلاء الصحفيين يعتقدون على أن كل من يحدثهم عليه أن يتعرف عليهم بسهولة.
العالم العربي كان حاضرا بشكل ملحوظ في المعرض. إيقاعات موسيقية عربية في حفل الافتتاح. كتب مترجمة لأعمال أدبية عربية. كتب لمبدعين عرب اختاروا لغة موليير أداة تعبيرية. جناح معهد العالم العربي بباريس استضاف بعض الأدباء العرب. جمال الغيطاني بسحنته المصرية وابتسامته العربية وقبعته السلافية-من الأراضي المنخفضة- وفرنسيته الضعيفة اختار ركنا بالقرب من جناح معهد العالم العربي ليهدي رواياتهم المترجمة، بدا منتشيا بحضوره للمعرض. هو واحد من أدباء كثر نساء ورجال حضروا للمعرض ليمثلوا عالما عربيا بآدابه المختلفة. التشكيل العربي حاضر بدوره من خلال معرض الفنان الجزائري القريشي. فنان يعتمد الخط العربي مرجعا في أعماله الفنية.
الأنترنيت وتعدد الوسائط لها أجنحة واسعة. مواقع أنترنيتية لألف ليلة وليلة ومواقع أخرى لأشهر الرسوم المصورة. هناك شرائط فيديو. ظاهرة "ظاهرة هاري بوتر" حاضرة بقوة من خلال ملصقات وكتب يتخاطف عليها الأطفال.
ظاهرة البيروقراطية الفرنسية حاضرة بدورها. أشخاص يرتدون لباسا شتويا عاديا ويحملون مظلات أوكلت لهم مهمة توجيه الزوار خارج المعرض. أشخاص يمكن الاستغناء عنهم. المعرض فرصة للحوار ليس بين الكاتب& والقارئ& فقط& بل يبين صحافيين عرب من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط وصحافيين أوربيين من الضفة الشمالية بإشراف مجلة "ريمفوك". مشروع صاغته المؤسسة الثقافية الأوربية في شخص السيدة&أوديل شينال.
فرنسا مجندة حكومة وشعبا وصحافة لإنجاح معرض رجالات مستقبلها.
&