بعد طول تردد‏,‏ أذاعت الادارة الأميركية شريطا مسجلا لبن لادن‏,‏ قيل إن المخابرات الأميركية عثرت عليه في جلال اباد في أفغانستان‏,‏ أواخر شهر نوفمبر‏,‏ في بيت للضيافة أو موقع يعتقد أن بن لادن وجماعته كانوا فيه‏.‏ ويثبت بالدليل القاطع مسئوليته عن أحداث‏11‏ سبتمبر‏.‏
وكانت أمريكا في مرحلة سابقة قد اعترضت علي اذاعة تسجيلات بن لادن التي تبثها قناة الجزيرة‏,‏ وطلبت من حلفائها وأصدقائها عدم اذاعتها‏,‏ بحجة أنها تثير حماس الناس في الشعوب الاسلامية ضد امريكا‏,‏ فضلا عن أنها قد تحمل رسائل شفوية لأنصاره‏!!‏
أما في الشريط الأخير‏,‏ الذي لا يعرف من الذي قام بتصويره‏,‏ والذي رأت الادارة الأمريكية أنه يخدم أهدافها ويبرر حملتها العسكرية في افغانستان‏,‏ فقد جري توزيعه علي جميع الشبكات التليفزيونية مزودا بترجمة انجليزية مطبوعة علي الشريط‏,‏ تتضمن حوارا بين بن لادن وضيف عربي ــ يتحاكيان فيه عن أشياء كثيرة‏,‏ من بينها حديث منسوب علي لسان بن لادن‏,‏ فيه اشارات واضحة إلي علمه المسبق بالعمليات التي وقعت في واشنطن ونيويورك‏,‏ والتي قام بها شباب كانوا علي استعداد للشهادة‏,‏ تم تدريبهم‏,‏ ولم يعرفوا شيئا عن العمليات التي سيقومون بها إلا وهم علي وشك ركوب الطائرة‏.‏
لا تعرف المصادر الأمريكية علي وجه التحديد أين جري تصوير الفيلم‏,‏ ولكنها ترجح أن يكون أثناء اجتماع بين بن لادن وأنصاره في قندهار‏.‏ وقد ظهرت علامات البشاشة والانشراح علي وجهه وهو يتحدث‏.‏ وتخللت ذلك مقاطع عديدة غير واضحة أو غاب فيها صوت بن لادن‏,‏ بينما ظهر بوضوح شديد صوت ضيفه الضيخ الغامض الذي لم تعرف هويته‏!!!.‏
والسؤال الآن‏:‏ هل هذا الشريط ـ بفرض صحته ـ يكفي لاثبات مسئولية بن لادن من الناحية القانونية؟ هل يمكن ان تقبل محكمة محايدة بما ورد فيه من عبارات كدليل قاطع علي ادانة بن لادن؟ أم أن مايتوافر الآن من تقنيات متقدمة لدي المخابرات الأمريكية وعشرات من الاستوديوهات المتخصصة‏,‏ يمكن ان يلقي ظلالا قوية من الشك علي امكانية تلفيقه وتزوير الأصوات المسموعة في بعض أجزائه‏.‏ ونحن نعلم أن كثيرا من المحاكم لاتأخذ بالأشرطة المسجلة كدليل ثبوتي‏,‏ نظرا لسهولة مايلحق بها من تزييف وتزوير‏.‏
اذا كان هذا هو الدليل الوحيد الذي تملكه امريكا حتي الآن‏,‏ فهو دليل مشكوك في صحته‏.‏ ومالم تظهر قرائن وأدلة أخري فسوف تظل الاتهامات الأمريكية معلقة في حاجة الي برهان‏.‏
ومع ذلك فإن امريكا ـ فيما يبدو ـ لم تكن بحاجة الي هذا الشريط أو غيره‏.‏ فقد وجهت الاتهام وأصدرت الأحكام ونفذت ما أرادت وذهب ألوف الضحايا من الأبرياء الذين لن يفيدهم هذا الشريط أوغيره‏!!‏(الأهرام المصرية)