‏الانكليز يأكلون سندوتشات ثمنها‏160‏ مليار جنيه مصري فأصيب اربعة ملايين بالتسمم‏.‏ والخبر بهذه الصورة يخيف المواطنين من الطعام الفاسد‏.‏
ولكن اخطار السندوتشات أعمق‏.‏ فالذي يأكل السندوتش يتناوله بسرعة واقفا جالسا نائما‏.‏ فليس عنده وقت ولاصبر ليجلس الي المائدة وحده أو مع الاخرين‏.‏ والمتعود علي السندوتشات ــــ أي خطف الاكل في أسرع وقت يخطف المعلومات وقراءة الملخصات بدلا من الكتب وتفضيل مجلة‏(‏ المختار‏)‏ من كل الصحف والمجلات علي قراءة المقالات والكتب‏.‏ وهو أيضا الذي يفضل الجلوس في الكافيتريا والملاعب علي الجلوس في المدرجات والمعامل‏..‏ أي أنه يفضل السندوتش في الاكل وفي الدراسة والقراءة‏.‏ اي انه لايحتمل الاطباق والشوك والسكاكين والجلوس مع الآخرين في حوار وحياة اجتماعية سليمة‏..‏
وعندما قررت امريكا اصلاح التعليم والتربية لكي تلحق بالدول التي سبقتها في العلوم والصناعة مثل‏:‏ المانيا واليابان شكلت لجنة من كبار علماء النفس والتربية والسياسة والاقتصاد‏.‏ واصدرت كتابها الشهير جدا‏(‏ أمة في خطر‏)..‏ وقد قدمت هذا الكتاب للرئيس مبارك في بيته من‏17‏ عاما‏.‏ واعطاه الرئيس للدكتور مصطفي كمال حلمي وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت‏.‏ وقد عرضه د‏.‏ حلمي في أربعة مقالات في مجلة‏(‏اكتوبر‏)‏ وقارن بين ماتطمح اليه امريكا وما تحقق في مصر‏..‏ والهدف واحد في البلدين‏..‏
ومن أهم ماجاء في هذا التقرير ان العلماء الامريكان يعيبون علي شبابهم انهم ادمنوا السندوتش‏..‏ وكل ما يشتهيه في القراءة والكتابة والدراسة‏.‏ ولكي يتم اصلاح التعليم ودفع امريكا الي فوق فلابد من العدول عن السندوتش والمعلومات الخاطفة وان يتأنوا في تحصيل العلم والصبر علي متاعبه‏.‏ فلاشيء قد افسد التعليم والعلم الا أن يكون الشندوتش هو المثل الاعلي لتناول الطعام والمعرفة‏,‏ فلابد ان يجلسوا معا وان يتحدثوا ويتناقشوا وأن يتعلموا ان كل شيء جماعي‏:‏ لا ان يهرب الواحد منهم بطعامه الي أي مكان ويأكل منفردا‏.‏ فلاشيء يدل علي انعدام الذوق والتذوق وسوء الهضم وتكدس الدهون الا هذه السندوتشات‏.‏
فليس التسمم فقط هو الذي يضر بالصحة وانما خطف المعلومات وحشرها سندوتشات هو الذي يفسد التعليم والتربية ويعوق التقدم‏!‏(الأهرام المصرية)