&
مع مشروع الاصلاح الدستوري الذي طرح في استفتاء شعبي تدخل تونس مرحلة جديدة أكثر وضوحا اذا تم الالتزام به نصا وروحا، وقد صوتنا له ب"نعم" كونها لمشروع إصلاح تتطلبه المرحلة، وتقتضيه ضرورة التغيير في قوانين وأنظمة مجتمع ينمو ويتقدم باستمرار... فبمقتضاه، سيكون الدستور، بعد تنقيحه، مستجيبا لطموحات المواطن أنى كانت توجهاته الايديولوجية وانتماءاته السياسية، وسيكون المرجعية والقواعد الضامنة لحقوق الناس وحرياتهم وكل ما يتعلق بهم كمواطنين أحرار، على مستوى الأفراد والجماعات. باختصار، سيكون القوانين الناظمة لحياتهم، في اطار المجتمع المدني.
لهذا المشروع الاصلاحي صوتنا ب<<نعم>>. أما الحديث عن <<جمهورية الغد>>. فلا حديث لنا عنه سوى كونه، وكما يبدو لنا، سابقا لأوانه، أو على الأقل، يصادر الحديث عن <<جمهورية اليوم>>. ف<<الغد>>، هنا، يبقى مفردة مضمومة، بمعنى مفتوح: <<الغد>>، في المنظور العربي، هو المستقبل المفتوح على الأبد!
وحتى لا يذهب في ظن أحد ان هذا القول يأتي من باب الدفع الى التشاؤم او الحمل على التشكيك، نسارع بالقول المختصر: إننا لن نحسن إدراك وتفعيل هذا الشعار (جمهورية الغد) الا بقدر ما نحسن قراءة <<جمهورية اليوم>> في تجربتها، منذ بيان تشرين وحتى الآن، على الأقل، قراءة نقدية هادفة، تمكن <<جمهورية الغد>> من أن تكون. ذلك ان هذه الأخيرة ليست الا <<جمهورية اليوم>> وقد أدخلت عليها الاصلاحات والتعديلات اللازمة.
لا ينكر أحد ما تحقق، خلال هذه التجربة، من انجازات برغم التحديات التي تفرضها الظروف الاقليمية والدولية.
لكن! في مقابل تلك الانجازات، حصل ما لا يستطيع أحد إنكاره، ايضا، او إخفاؤه.. ففي السنوات الاُخيرة، على وجه التحديد، حصل من التجاوزات والارتكابات ما كاد يطيح بكل تلك الانجازات. حصل ذلك تحت عناوين كثيرة وتبريرات مختلفة، يحسبها الكثيرون، ونحن منهم، واهية، لا تقدر على التبرير، ولا تستطيع التسويغ. وقد ادى ذلك الى ارتباكات في الخطاب والممارسة، في أحيان كثيرة... وكان يمكن تلافي ذلك، لو عملت مؤسسات الدولة كل بمقتضى صلاحياتها، ولو التزم الجميع بالقوانين التي استندت في انبنائها الى البيان الذي كان واضحا لا يحتاج الى تبيين... حصلت تجاوزات. وانتهكت حقوق الأفراد في حالات كثيرة. وتم تعطيل دور السلطة القضائية في حالات كثيرة. وأدارت بعض الجهات الأمنية مسائل بسيطة، هي في الاصل والفصل من اختصاص القضاء، فحوّلتها، بارتباك واضح وسوء تقدير الى قضايا سياسية عاصفة... ونترك التفصيل الذي سيكون، لاحقا، في نص مفتوح الى الرئيس بن علي، لنختصر، هنا، فنقول: نغضب كثيرا لتونس، حين يجد مواطن فيها حمايته من برلمانيين اوروبيين، وهي الأولى، في كل الاحوال، بحمايته حتى من نفسه! ونغضب كثيرا لتونس، حين تضيق وهي التي بطيبها لا تضيق بمواطن عادي او بمثقف او بسياسي سابق او لاحق... فيفضل المنفى، وهو لا يفضل! نحسب ان <<جمهورية اليوم>> قد انجزت الكثير، بعمل واثق. لكن، نحسب، ايضا، انها لا زالت تعاني، برغم ذلك، تلبّكا وارتباكا في نواح كثيرة. ونحسب أنها قادرة على ان تكون <<جمهورية الغد>> فعلا بامتياز... لكن، عليها ان تزيل غبارا وصدأ تراكم على بعض مفاصلها...
كاتب تونسي. (السفير اللبنانية)
لهذا المشروع الاصلاحي صوتنا ب<<نعم>>. أما الحديث عن <<جمهورية الغد>>. فلا حديث لنا عنه سوى كونه، وكما يبدو لنا، سابقا لأوانه، أو على الأقل، يصادر الحديث عن <<جمهورية اليوم>>. ف<<الغد>>، هنا، يبقى مفردة مضمومة، بمعنى مفتوح: <<الغد>>، في المنظور العربي، هو المستقبل المفتوح على الأبد!
وحتى لا يذهب في ظن أحد ان هذا القول يأتي من باب الدفع الى التشاؤم او الحمل على التشكيك، نسارع بالقول المختصر: إننا لن نحسن إدراك وتفعيل هذا الشعار (جمهورية الغد) الا بقدر ما نحسن قراءة <<جمهورية اليوم>> في تجربتها، منذ بيان تشرين وحتى الآن، على الأقل، قراءة نقدية هادفة، تمكن <<جمهورية الغد>> من أن تكون. ذلك ان هذه الأخيرة ليست الا <<جمهورية اليوم>> وقد أدخلت عليها الاصلاحات والتعديلات اللازمة.
لا ينكر أحد ما تحقق، خلال هذه التجربة، من انجازات برغم التحديات التي تفرضها الظروف الاقليمية والدولية.
لكن! في مقابل تلك الانجازات، حصل ما لا يستطيع أحد إنكاره، ايضا، او إخفاؤه.. ففي السنوات الاُخيرة، على وجه التحديد، حصل من التجاوزات والارتكابات ما كاد يطيح بكل تلك الانجازات. حصل ذلك تحت عناوين كثيرة وتبريرات مختلفة، يحسبها الكثيرون، ونحن منهم، واهية، لا تقدر على التبرير، ولا تستطيع التسويغ. وقد ادى ذلك الى ارتباكات في الخطاب والممارسة، في أحيان كثيرة... وكان يمكن تلافي ذلك، لو عملت مؤسسات الدولة كل بمقتضى صلاحياتها، ولو التزم الجميع بالقوانين التي استندت في انبنائها الى البيان الذي كان واضحا لا يحتاج الى تبيين... حصلت تجاوزات. وانتهكت حقوق الأفراد في حالات كثيرة. وتم تعطيل دور السلطة القضائية في حالات كثيرة. وأدارت بعض الجهات الأمنية مسائل بسيطة، هي في الاصل والفصل من اختصاص القضاء، فحوّلتها، بارتباك واضح وسوء تقدير الى قضايا سياسية عاصفة... ونترك التفصيل الذي سيكون، لاحقا، في نص مفتوح الى الرئيس بن علي، لنختصر، هنا، فنقول: نغضب كثيرا لتونس، حين يجد مواطن فيها حمايته من برلمانيين اوروبيين، وهي الأولى، في كل الاحوال، بحمايته حتى من نفسه! ونغضب كثيرا لتونس، حين تضيق وهي التي بطيبها لا تضيق بمواطن عادي او بمثقف او بسياسي سابق او لاحق... فيفضل المنفى، وهو لا يفضل! نحسب ان <<جمهورية اليوم>> قد انجزت الكثير، بعمل واثق. لكن، نحسب، ايضا، انها لا زالت تعاني، برغم ذلك، تلبّكا وارتباكا في نواح كثيرة. ونحسب أنها قادرة على ان تكون <<جمهورية الغد>> فعلا بامتياز... لكن، عليها ان تزيل غبارا وصدأ تراكم على بعض مفاصلها...
كاتب تونسي. (السفير اللبنانية)
التعليقات