&
جدة علي السهيمي:اشتهر "حراج الصواريخ" بجدة بأنه مكمن العجب تجد فيه كل شيء من الإبرة حتى السيارة.. كل شيء تتخيله تجده هناك وعلى أي موضع ليس مهماً الترتيب أو التصنيف وطريقة العرض... ولكن أن يصل الأمر إلى "أعز جليس" الكتاب فهنا، يجب أن نتوقف في حراج الصواريخ، الكتاب مهان ولا مكانة له ولا قدراً، يباع على الأرصفة وفي العراء تجده بين القدور والأواني وأدوات الطباخة.. كأن المتنبىء لم يقل يوماً:
أَعز مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الأَنام كتاب
هذا التحقيق يبرز بصورة واضحة ما آل إليه حال الكتاب.. الكل يتمسك بمسبباته ورأيه فماذا قالوا:
* عبدالله الزهراني طالب في السنة النهائية بجامعة الملك عبدالعزيز كلية اللغة العربية رد على سؤالنا بتلقائية قائلاً: جئت الحراج أبحث عن حياة الشاعر طاهر زمخشري رحمه الله تصوروا هذا الشاعر الكبير أبحث عنه هنا في الحراج بين القدور والأواني.. أبحث وأنا مستاء وحزين.. لا تسألوني عن الأسباب إن السبب الرئيسي والمباشر هو ضيق الحال ففي المكتبات الأسعار خيالية ولا تناسب وضعي المادي كطالب علم يبحث عن المعرفة: وهنا السعر لا يتجاوز ال5 ريالات أوعشرة على أعلى سعر.. وأنا طالب وعلى أبواب التخرج لذا لابد ان ألجأ إلى هنا وليس عندي بدائل أخرى، وقد ألجأ إلى الصحف والمجلات التي لا تأخذ معي زمناً وتكفيني شر تصفح 600 أو 700 صفحة من الكتب الكبيرة.
وعن رأيه في وضع هذه الكتب الثمينة في هذا المكان.
قال: هذا الوضع غير صحيح البتة.. ولكن ما العمل فالأسعار في غير هذا المكان غير منطقية.. المكتبات غالية جداً.. أنظر مثلاً هذا كتاب (البخلاء) للجاحظ يباع هنا بعشرة ريالات فقط وفي المكتبات تجد السعر مضاعف أكثر من ثلاثة مرات..
وتركنا الزهراني يبحث وينقب بين أرتال الكتب والتقينا بالأخ الأمين سعيد، سوداني الجنسية ويعمل موزعاً في إحدي الشركات الذي ابتدرنا قائلا إنه جاء لشراء أكثر من كتاب لابنتي التي تدرس في السنة النهاية من المرحلة الثانوية ومطلوب منها بحث للتخرج.
وإن أردت الصدق فأنا أبحث هنا لأن الأسعار معقولة مقارنة بالمكتبات واستطيع ان اشترى أكبر عدد ممكن من الكتاب بسعر يناسب دخلي لأني إذا ذهبت للمكتبات فسأدفع مرتب 3 أشهر وهذا ما لا طاقة لي به.
وأكملنا الاستطلاع متجولين في أرجاء الحراج وقد رفض معظم الزبائن التحدث إلينا بحجة إن الصحافة تثير هذه المواضيع لتفتح العيون عليها ومن ثم تتدخل جهات الاختصاص لإغلاق هذه المحلات.
* مشاهد.. ولقطات:
* وجدنا ضمن الكتب الملقاة على الأرض كتباً قيمة مثل (كليلة ودمنة) و(بخلاء الجاحظ) و(ديوان حمزة شحاته) و(سيرة بني هلال).. وهذه الكتب النادرة تتفاوت أسعارها بين 5 ـ 10 ريالات.
* رفض أصحاب المحلات التصوير رفضاً قاطعاً وكاد الأمر أن يصل إلى الاشتباك معنا ووضع اليد على الكاميرا.
* يتم وضع الكتب بين القدور وأواني الطبخ يتم عن جهل عميق بأهمية ودور الكتاب في الحياة والمجتمع.
* رجل في الخمسين جاء بأبنائه الذين انتقوا 9 كتب مختلفة وثمينة ودفع مبلغ 35 ريالاً فقط.
فقلنا: يا بلاش! ونهرنا بغضب (صدق إنك ملقوف مالك ومال الناس.. خل الرجال يترزق الله وليش ها الحسد!!).
أخيراً ياسادتي بحثنا كثيراً حتى أعيانا التعب عن مسئول واحد لنسأله: من المسئول عن هذا الوضع المأساوي للكتاب.. ولم نجد فمن يستطيع أن يوقف هذه الأهانة التي تحدث ل"خير جليس" أهدرت كرامته على قارعة الطريق وأرصفة حراج الصواريخ وفي وضح النهار؟... من؟.(الجزيرة السعودية)