&
علي عبدالأمير : فيما توجه 724 أستاذاً من الجامعات العراقية في الأسبوع الماضي الى مؤسسات (التصنيع العسكري) في دفعة أولى من دفعات اشراك الأساتذة في (الجهد الصناعي الوطني) بحسب أوامر الرئيس صدام حسين , كان نحو 4000 طالب من مختلف الجامعات ينتظمون في لوائح التدريب العسكري في صيف لاهب ينتظر أساتذة الجامعات العراقية وطلابها الذين أنهوا للتو موسماً دراسياً آخر في ظل الحصار.
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية ألزمت اساتذة الجامعات قضاء 45 يوماً من العطلة الصيفية في التدريب, ضمن مؤسسات (التصنيع العسكري) بالنسبة الى أساتذة الناشطين في تنظيمات (البعث) الحاكم, وفي مؤسسات وزارة الصناعة والمعادن بالنسبة الى أساتذة (الأقل ولاء), فيما وجهت الجامعات على أن يكون اجتياز الطلاب في المراحل الدراسية غير المنتهية لدورات التدريب العسكري, شرطاً ملزماً للنجاح.
وبينما تسجل معدلات الحرارة ارقامها العالية في صيف العراق اللاهب, سيكون على طلاب الجامعات الانتظام في معسكرات, وقضاء ساعات طويلة منذ الصباح الباكر في برنامج للتدريب البدني و(الرياضة العنيفة) والتدريب على مختلف أنواع الأسلحة, لتبدأ بعدها عصراً محاضرات في (التوعية الوطنية والدينية) ليذهب المتدربون بعد العشاء الاجباري في الغروب الى مهجع النوم.
ولتفادي حالات الاصابة وما نتج منها العام الماضي من وفاة 7 متدربين قضوا بطلقات المدربين الطائشة أو من جراء الاصابة بضربة شمس و(احتباس حراري), ذكرت مصادر صحافية رسمية في بغداد ان (الاستعدادات اكملت في معسكرات التدريب لتفادي (الاصابات الخطرة), مشيرة الى (توفير سيارات الإسعاف والعلاجات الضرورية مع كادر طبي متمرس).
أحد طلاب كلية الهندسة في جامعة بغداد الذي انهى المرحلة الثانية في قسم الميكانيك, وصل عمان الأسبوع الماضي وأوضح لـ(الحياة) انه تمكن من استصدار تقرير طبي يشير الى اصابته بمرض (السحايا), وقدم رشوة الى مسؤول في (هيئة الارتباط بين دائرة التدريب العسكري ورئاسة الجامعة) كي يصادق على التقرير الطبي, ويمنحه استثناء من التدريب الذي يصفه الطالب بأنه (عنيف وسبب لي كسراً في ذراعي الأيسر).
ومع أشكال الرياضة البدنية في ميادين (التدريب العنيف) يقضي الطلاب المتدربون ثلاث ساعات من السادسة حتى التاسعة صباحاً, ليعودوا الى قاعات الطعام المبنية من الصفيح والملتهبة بتأثير حرارة الصيف لتناول وجبة الفطور المتكونة من رغيف واحد وصحن (شوربة عدس) على وقع أغنيات تمجد العراق وقائده (أبو الليثين) في اشارة الى الرئيس صدام حسين وولديه عدي وقصي, ثم تبدأ بعد ذلك ساعات التدريب على الأسلحة, فيتلقى الطلاب معلومات عن السلاح الروسي العتيد (البندقية الآلية كلاشنيكوف) كسلاح شخصي للمقاتل, فالقاذفة (آر بي جي) وصولاً الى السلاح المضاد للطائرات.
أما الأساتذة فيلزمون بالعمل في المصانع ومنشآت التصنيع العسكري (لتطوير روح الابتكار وتحسين الانتاج), في ممارسة تسميها الأجهزة الرسمية (تعشيق الجهد الأكاديمي لأستاذة الجامعات مع المجاهدين في التصنيع العسكري). وطوال 45 يوماً يكون الأستاذ الجامعي ملزماً فهم أساليب العمل في قسم معين وأداء الواجبات التي يحددها المهندس المسؤول, فيما عليه تقديم أفكار مكتوبة بعد أسبوعين من (التعشيق) تتضمن مشروعاً لتطوير العمل في القسم.
وتبدو حال أساتذة الجامعات العراقية وطلابها, أهون مما هي عليه حال التلاميذ بين الثانية عشرة والسابعة عشرة من طلاب المدارس العراقية المنضوين في معسكرات تدريب (اشبال صدام), فهم بأجسادهم الغضة يواجهون المخاطر ذاتها التي يواجهها طلاب الجامعات في ساحات التدريب العسكري. ومنذ أربع سنوات يتوجه أكثر من مليون تلميذ وطالب في العطلة الصيفية الى معسكرات تستغرق فترة التدريب فيها شهراً كاملاً, يبعد فيها الفتية عن عائلاتهم وسط ظروف صعبة, فالشمس اللاهبة في صيف العراق الساخن كانت كفيلة بإيقاع اصابات مرضية بمئات التلاميذ, وهو ما دانه مؤتمر دولي عن زج الأطفال في الحروب نظم العام الماضي في العاصمة الأردنية, وحمل فيه السلطات العراقية مسؤولية استخدام الأطفال في ممارسات عسكرية تتنافى مع القانون الدولي, فيما ردت بغداد بأن القرارات الدولية هي المسؤولة عن موت أكثر من مليون ونصف المليون طفل عراقي.
وكان الأسبوعان الماضيان شهدا توجه 63 ألف تلميذ وطالب في بغداد الى معسكرات (أشبال صدام) فيما مئات الآلاف ينتظرون الانتظام في هذه المعسكرات في محافظات العراق بعد أن تكون السلطات انهت استعداداتها في توفير المدربين والمشرفين والمحاضرين في حملات التوعية و(الثقافة الوطنية والقومية والدينية), وألزمت العائلات وأولياء الأمور تقديم تعهدات خطية الى ادارات المدارس, يعلنون من خلالها موافقتهم على تدريب أبنائهم وتحملهم المسؤولية عن أي نتائج تترتب على وجود الأولاد في معسكرات التدريب. (الحياة اللندنية)
التعليقات