&
ربما كان الصحفيون وحدهم هم الذين يدفعون ثمن الدفاع عن حق الناس في معرفة مايجري حولهم, وفي سبيل تأكيد هذا الحق يخوض الصحفيون الكثير من المعارك, ويتعرضون لكل أشكال المخاطر من القتل إلي الضرب والسجن, وحين تحول الظروف بين الصحفيين والوصول إلي الحقيقة, فإن أحدا لا يلتمس لهم العذر, وإنما تنهال عليهم الاتهامات بالتقصير. وإذا زادت معاناتهم في سبيل الحقيقة, فإنهم لا يجدون الدعم الكافي ويدفعون وحدهم الثمن, ولذلك تظل الصحافة بحق مهنة الباحثين عن المتاعب في بلاط صاحبة الجلالة.
والصحفيون أنفسهم يعرفون أن أمنهم مرتبط كثيرا بالأمن والسلام العالمي, فانتشار الصراع والحروب والفساد والعمليات العسكرية يهدد الصحفيين في عملهم بالكثير من الخطر. ولا شك في أن العام الماضي كان أسوأ الأعوام في حياة الصحفيين, فلقد دفع فيه سبعة وثلاثون صحفيا حياتهم ثمنا لتغطية أحداث الصراع والحروب, منهم ثمانية صحفيين في الحملة العسكرية الأمريكية في أفغانستان و9 من الصحفيين الفلسطينيين خلال المعارك اليومية في الأراضي المحتلة في حين وجد118 صحفيا آخرون أنفسهم رهن الحبس والاعتقال في مناطق مختلفة من العالم, تأكيدا لحق الناس في المعرفة, وفي الأرض المحتلة وتايلاند والصين ويوجوسلافيا وأفغانستان كانت تضحيات الصحفيين فادحة, وليس لهذا العدد المتزايد من الضحايا سوي معني واحد وهو أن العالم اليوم يغص بالمتسلطين علي حرية الصحافة والمتربصين بالصحفيين.
التقارير الدولية تشير إلي أن حرية الصحافة تتعرض للتآكل حتي في الدول التي تري أن الحرية لديها هي المعيار الذي تستخدمه في محاكمة مستويات الحرية لدي الآخرين. وهكذا أصبحت حرية الصحافة مثل حقوق الإنسان إحدي أوراق الضغط السياسي التي تستخدم بشكل انتقائي لخدمة أهداف معينة في أوقات معينة, ولذلك لم يكن غريبا أن تتضمن قائمة الشخصيات العشر الأكثر عداء للصحافة في العالم والتي أصدرتها إحدي لجان الصحافة الغربية ثلاث شخصيات تنتمي للعالم الإسلامي بينما يجمع بين الشخصيات السبع الأخري معارضتها لسياسات الغرب. ومهما تكن الظروف فإن الصحفيين يواصلون أداء مهمة لن تتوقف سواء قوبلت أعمالهم بالتقدير والترحيب أم لقي قتلهم وضربهم وسجنهم صمتا مريبا في جميع أنحاء العالم, فذلك قدر الصحافة منذ زمن بعيد.(الأهرام المصرية)
التعليقات